هاجم وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد المغرب قائلا إن بلاده تخوض “حربا” ضد ما أسماه “المخططات العدائية” للرباط، داعيا المواطنين وفعاليات المجتمع المدني إلى “التجند والمساعدة الفعالة لإحباطها”.
وترى أوساط سياسية أن الهجوم الجزائري المتكرر على المغرب لم يعد يلقى أي صدى، في ظل إدراك بأن الهدف من هذه الهجمات المستهلكة هو حرف أنظار الجزائريين عن التحديات التي يواجهونها في الداخل، من خلال الإيهام بوجود “عدو خارجي”.
وفي جولة قادته السبت إلى مجموعة من المصالح التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني بالجزائر العاصمة، من بينها مصالح شرطة الحدود وتلك المكلفة بمكافحة الاتجار في المخدرات، قال الوزير الجزائري إن بلاده تعمل على “إحباط المخططات العدائية، لاسيما تلك التي يقودها النظام المغربي”، وإن الجزائر “مستهدفة في أمنها وشبابها بمحاولات إغراقها بمختلف أنواع المخدرات، لاسيما أنواع جديدة دخيلة سامة وقاتلة”.
وأضاف مراد أن مصالح الدولة “تشن حربا ضروسا لإحباط هذه المخططات العدائية، لاسيما تلك التي تقودها الجارة الغربية”، على حد توصيفه، داعيا المواطنين إلى “التبليغ عن الأعمال المشبوهة”، مع “مضاعفة الجهود إلى أقصاها مع دعم المصلحة المكلفة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات بكل الوسائل لتعزيز جاهزيتها”.
وقال الباحث في العلاقات الدولية هشام معتضد إن الاتهامات المتكررة للمغرب بتهريب المخدرات تعكس المقاربة التضليلية التي اعتمدها النظام الجزائري كجزء من حربه الإعلامية الموجهة ضد المغرب من أجل تمويه رأيها الداخلي عن تحدياتها الأساسية ومحاولتها تركيب صورة العدو الوهمي في مخيلتي الشباب لشحنه عاطفيا ضد المغرب.
ولفت معتضد، في تصريحات لـه، إلى أن قصة “الأقراص المهلوسة” التي يرددها المسؤولون الجزائريون في كل مناسبة، أصبحت تثير السخرية وتترجم مدى رغبة النظام الجزائري في استغباء شعبه، مشيرا إلى أن هذا يعاكس الإشادة الدولية بدور السلطات المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات وتجارة المخدرات وغسيل الأموال.
وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها النظام الجزائري إلى مثل هذه الادعاءات ضد المغرب، في محاولة لتكريس نظرية “العدو الخارجي”، فبعد اتساع رقعة الحراك الجزائري، قامت مديرية الاتصال والإعلام والتوجيه بالجيش الوطني الجزائري بإنتاج شريط وثائقي قبل عامين يحمل عنوان “الحرب ضد السموم المغربية”، نشره الجيش الجزائري على قناته بموقع “يوتيوب”، جاء فيه أن “المخدرات المغربية تسعى إلى ضرب استقرار المجتمع الجزائري”.
وتأتي تصريحات الوزير الجزائري بعدما فنّد السفير الممثل الدائم للمغرب بفيينا عزالدين فرحان، في مناقشة المحور العام للدورة الـ66 للجنة المؤثرات العقلية، منتصف مارس الماضي، الاتهامات “الواهية والسمجة” التي روجها سفير الجزائر، الذي كرس مداخلته للتهجم على المغرب منتهكا قواعد اللياقة والتجرد.
المغرب يؤكد على أن التصدي للجرائم العابرة للحدود تتطلب التزاما قويا من جانب الجزائر، وإجراءات متضافرة ومنسقة، بعيدة كل البعد عن أي نهج ضيق وغير تعاوني قائم على أسس أيديولوجية وسياسية
وأبرز فرحان أن مجريات الأحداث في الجزائر طافحة بالفضائح والوقائع التي تؤكد أن هذه الدولة ليست ضحية للاتجار بالمخدرات القادمة من الخارج، كما تزعم بل إنها منتج وفاعل ومبادر في عدة قطاعات للاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية بمختلف الأشكال، مضيفا أن تركيز الجزائر على المغرب ينبع من “هوس مرضي”، ويتعلق الأمر بـ”مناورات دعائية متهالكة تلجأ إليها الجزائر بشكل مطرد لتحوير اتجاه الرأي العام المحلي والدولي عن المشاكل الحقيقية التي يغرق فيها هذا البلد”.
وأكد معتضد أن اختلاق النظام الجزائري لمثل هذه الاتهامات هدفه التغطية على فشله في خلق آليات النجاعة التدبيرية على المستوى الاقتصادي والاستثماري لتحقيق تطلعات الشباب والشعب الجزائري والاستجابة لأبسط مطالبهم الاجتماعية، مشيرا إلى أن تغذية العداوة بين الشعبين المغربي والجزائري، تؤشر بشكل يقيني على إفلاس نهج النظام السياسي ومحاولة إطالة أحكام قبضته على السلطة رغم افتقاده لرؤية واقعية وجادة للبناء.
وشددت الأجهزة الأمنية المغربية على أنها تعمل على مراقبة الحدود لمنع تهريب المخدرات والاتجار بها، وقد حجزت سنة 2022 وحدها، مليونين و838 ألفا و69 وحدة من المواد المهيجة الوافدة أساسا من الجزائر، أي بارتفاع قدره 75 في المئة مقارنة مع 2021، ما جعل عزالدين فرحان يشير إلى أن الجزائر “عودتنا على لعب دور الضحية في علاقتها بالمغرب، إلى درجة أن كل سوء يصيبها هو منهجيا صادر عنها”.
ويصر المغرب على أن التصدي للجرائم العابرة للحدود ومنها تهريب المخدرات تتطلب التزاما قويا من جانب الجزائر، وإجراءات متضافرة ومنسقة، بعيدة كل البعد عن أي نهج ضيق وغير تعاوني قائم على أسس أيديولوجية وسياسية.
وارتباطا بالشفافية، اعتمد المغرب توصية منظمة الصحة العالمية بشأن إعادة تصنيف القنب الهندي للسماح باستخدامه للأغراض الطبية والعلمية، حيث سن المغرب عام 2021 قانونا بشأن الاستخدامات القانونية للقنب الهندي، والذي يهدف إلى تنظيم جميع الأنشطة المتعلقة بزراعته وإنتاجه وتصنيعه ونقله وتسويق المنتجات المشتقة المخصصة حصريا للاستخدامات الصناعية والطبية والعلمية، كما يهدف القانون إلى إنشاء نظام صارم للمراقبة والتتبع، مدعوما بعقوبات ضد أولئك الذين ينتهكون أحكامه.