السلطة الجزائرية تمنح باليمين وتكيل لنفسها المديح بالشمال

تحاول السلطة الجزائرية تضخيم الإنجازات الاجتماعية، في محاولة لكسب الشارع وإن كان ذلك على حساب بناء اقتصاد متوازن، حيث أن الجزائريين لم يلمسوا أي تحسن يذكر على صعيدي الاستثمار والتنمية.

سارعت الوكالة الرسمية الجزائرية للأنباء، بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على انعقاد مجلس الوزراء، إلى كيل المديح للرئيس عبدالمجيد تبون، نظير الإجراءات الاجتماعية الجديدة المتخذة من طرف مجلس الوزراء، والمتمثلة في زيادات مالية تضمنت منحا اجتماعية.

فيما تثير مثل هذه الإجراءات علامات استفهام كبرى حيال جدوى السياسات الحكومية الاجتماعية، في ظل غياب معالم اقتصاد واضحة لخلق الثروة ومواطن الشغل.

 

الوكالة الرسمية الجزائرية للأنباء: رئيس الجمهورية يشدد على أن الحرب لاسترجاع كرامة المواطن قد بدأت
وكالة الأنباء الجزائرية: رئيس الجمهورية يشدد على أن الحرب لاسترجاع كرامة المواطن قد بدأت

 

ووصفت الوكالة في برقيتها القرار الجديد المتخذ من طرف مجلس الوزراء، والمتعلق برصد زيادات جديدة في منح اجتماعية تمس مليون جزائري، بـ”حرب الكرامة” التي أطلقها الرئيس تبون ضمن تعهداته الانتخابية من أجل تحسين الحياة الاجتماعية لجميع الجزائريين.

وقرر مجلس الوزراء زيادة ما يعرف بمنحة التضامن بنحو 26 دولارا، بالنسبة إلى الفئة التي كانت تتقاضى حوالي 70 دولارا، و60 دولارا للفئة التي كانت تتقاضى 40 دولارا، وتمس هذه الزيادات نحو مليون جزائري مقيد في اللوائح الاجتماعية.

وذكرت برقية وكالة الأنباء الرسمية أن “في كل خطاباته شدد رئيس الجمهورية على أن الحرب لاسترجاع كرامة المواطن قد بدأت بوصوله إلى سدة الحكم ولن تتوقف حتى التخلص، بحزم وعزم وبفضل المخلصين، من كل مظاهر الغبن والمظاهر المسيئة للوطن، مثلما أكد عليه في كلمته خلال افتتاح السنة القضائية 2022 – 2023”.

ولفتت إلى أن “رئيس الدولة يضع صون كرامة المواطنين على اختلاف فئاتهم وحماية قدرتهم الشرائية، فوق كل اعتبار واهتمام، إلى جانب الحفاظ على مناصب الشغل والرعاية الاجتماعية، فيرصد لها ما أمكن من موارد مالية، لاسيما لصالح الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة، وتلك حقيقة لا يمكن إخفاؤها أو إنكارها”.

وذهبت الى حد القول بأن “حرب استرجاع كرامة المواطن لم تضع أوزارها منذ أن وصل رئيس الجمهورية إلى قصر المرادية، ولا يزال يخوضها دون توقف في سبيل توفير الأسباب التي تحفظ أيضا للعمال بشكل خاص ولأبنائهم العيش في كنف الاطمئنان والكرامة من خلال العمل على تعزيز مكانة هذه الفئة التي تستحق رعاية خاصة”.

واعتبرت أن “حرب الكرامة التي يخوضها رئيس الجمهورية لتخليص المواطنات والمواطنين من كل المظاهر السيئة، بدأت طلائعها بمجرد أن نال ثقة الشعب في انتخابات نزيهة وشفافة فأوفى بعهده وألغى الضريبة على الدخل لأصحاب الرواتب التي تساوي وتقل عن 30 ألف دينار (نحو 200 دولار)، بحيث مست قرابة مليوني عامل، ثم تواصلت برفع الأجر القاعدي إلى 20 ألف دينار (150 دولارا)، واستحداث منحة البطالة التي انتقلت قيمتها من 13 إلى 15 ألف دينار (من أقل من 100 إلى 120 دولارا)، صافية من كل الرسوم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطالين خلال فترة استفادتهم من المنحة”.

السلطة توظف الخطوات الاجتماعية الجديدة في تسويق إنجازات سياسية واقتصادية، مازالت بعيدة عن خلق الثروة

ويبدو أن السلطة التي عادت إلى أساليب عهد سياسي قديم لم يقلده حتى نظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، بصدد إخراج خطاب النفخ في أي شيء يسمح بتلميع صورة السلطة لدى الشارع الجزائري، والتغطية على الإخفاقات المتكررة منذ انتخاب الرئيس تبون في نهاية عام 2019.

وتتجه السلطة إلى توظيف الخطوات الاجتماعية الجديدة في تسويق إنجازات سياسية واقتصادية مازالت بعيدة عن خلق الثروة وفسح المجال لفرص الشغل، فإلى حد الآن لم تكشف حكومات تبون المتعاقبة عن إستراتيجية خلق نحو 500 ألف وظيفة سنويا من أجل الحفاظ على مؤشر البطالة في مستواه العادي.

ورغم رصد موازنة وصفت بـ”الأضخم” و”التاريخية”، حيث قدرت بنحو 100 مليار دولار، إلا أنه لا يعول عليها كثيرا في استعادة التوازنات الحقيقية للجبهة الاجتماعية والاقتصادية؛ لأنها ركزت، إلى جانب قطاع الدفاع والتسليح الذي رصد له نحو 20 مليار دولار، على تغطية نفقات الزيادة في الرواتب والمعاشات، بينما بقيت وتيرة الاستثمار في نسقها المأزوم رغم حاجة الدولة إلى تحريك عدة قطاعات كالبناء والتعمير والزراعة والصناعة للنهوض بالتنمية.

وشددت الوكالة الرسمية على أن “كرامة المواطن التي يرعاها رئيس الجمهورية بإشراف مباشر منه، هي إذن حرب بدأت ولن تتوقف وهدفها أن يفتخر المواطن الجزائري بدولته التي لا تقبل الانبطاح وأن تسير برأسها مرفوعا بين الأمم”.

وأكدت على أن الدولة أبدت خلال السنوات الأخيرة عناية خاصة بتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد، من خلال إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد وسن منحة البطالة، وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان استقرار الأسعار وتوفير العيش الكريم للمواطن.

وذكرت أن ذلك “يترجم العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية لتجسيد الطابع الاجتماعي للدولة على أرض الواقع، حيث أكد في مناسبات عدة أن حماية القدرة الشرائية والحفاظ على مناصب الشغل والرعاية الاجتماعية ستبقى من بين الأولويات التي نوليها اهتماما خاصا ونعمل على رصد ما أمكن من موارد مالية لها، لاسيما لصالح الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة”.

ولا يزال الرئيس تبون يصر على أن “الجزائر لم تسجل أي زيادة للأجور منذ نحو 10 سنوات إلى 15 سنة، والزيادة التدريجية للأجور حاليا ستنعكس بالتأكيد على مستوى معيشة المواطن، في انتظار الزيادة النهائية لها خلال السنة، وأن الدولة تخوض معركة حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال مكافحة كل أشكال المضاربة ومحاربة الفساد بكل مظاهره”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: