الجزائر وإيران: نحو إخراج العلاقات من السرّ إلى العلن
اتفق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على تبادل الزيارات في المستقبل وتطوير العلاقات بينهما، بما يوحي بفتح صفحة جديدة بين الطرفين بعدما تضررت العلاقات في السنوات الأخيرة من تسويق لها على أنها سرية وعسكرية، في ضوء سماح الجزائر لإيران بدعم وتدريب جبهة بوليساريو.
وتريد إيران الاستفادة من انفتاحها على السعودية لتدعيم حضورها عربيا وخاصة في شمال أفريقيا، حيث ظل وجودها منذ ثورة 1979 مثار تساؤل بسبب اعتمادها على أسلوب الاختراق المجتمعي عبر نشر التشيع والسعي لاستقطاب المثقفين والفنانين.
◙ تدعيم الوجود الإيراني في الجزائر سيؤدي إلى توتير أمني، وسيدفع إلى تصعيد أكبر مما حصل في فترات سابقة شرقا
لكن مع انتشار التقارير عن دعم إيران لجبهة بوليساريو والسعي لتمكينها من المسيرات بات وجودها في شمال أفريقيا يثير المخاوف ليس فقط لدى المغرب، وإنما أيضا لدى بقية دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل ولدى أوروبا والولايات المتحدة.
وإذا كان انفتاح إيران على دول الخليج وتطبيع العلاقات معها قد يجلب نتائج إيجابية، ولو مؤقتا، على الأمن الإقليمي، فإن استفادة طهران من هذا المناخ لإخراج علاقاتها مع الجزائر إلى العلن ستؤدي إلى توتير أمني في شمال أفريقيا، وستدفع إلى تصعيد أكبر مما حصل في فترات سابقة شرقا.
ويقول مراقبون إن تدعيم الوجود الإيراني في الجزائر تحت غطاء استيعاب إيران كقوة إيجابية، كما يحصل معها في الخليج، يمكن أن يضع أمن أوروبا تحت التهديد. وينطبق الأمر نفسه على المصالح الأميركية والإسرائيلية الإستراتيجية في المغرب.
ويلقي الخطر الإيراني كذلك بالكثير من المخاطر على الوضع الصعب في منطقة الساحل والصحراء، حيث توسع المجموعات المتشددة نفوذها في ظل الأزمة بين فرنسا وبعض حلفائها التقليديين في أفريقيا.
ومن المنتظر أن تسعى طهران والجزائر لتبرير تدعيم علاقاتهما العلنية من خلال ضخ المزيد من الشعارات وتوظيف الملف الفلسطيني للمزايدة على المغرب في ظل علاقاته مع إسرائيل.
وقال بيان للرئاسة الجزائرية إن الرئيس تبون استعرض مع نظيره الإيراني العلاقات الثنائية، و”اتفقا على دعمها وتقويتها في المجالين السياسي والاقتصادي، بما يخدم مصالح الشعبين”، كما اتفقا على تبادل الزيارات مستقبلا.
وأضاف “ناقش قائدا البلدين الوضع الراهن في دولة فلسطين المحتلة وما يجري فيها من تعد وعدوان، ولاسيما في الضفة الغربية والمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وما يتعرض له من تدنيس واستفزاز صارخ لمشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين وفي شهر رمضان”.
وسيلقي التقارب الإيراني – السعودي بظلاله على المنطقة، خاصة في أزمتي اليمن ولبنان، وسيزيح الحرج الذي كان ملقى على الجزائر بسبب علاقاتها مع إيران، وقد يدفع الدول التي لديها عداوة مع طهران إلى إعادة ترتيب أوراقها والانفتاح بدورها على إيران، لأن التقارب بين طهران والرياض هو مؤشر يوحي بحصول تحولات كبيرة ومفاجئة.
وكان المحلل السياسي حكيم بوغرارة قد صرح في وقت سابق بأن “الجزائر وإيران لا يجب أن تخجلا من علاقتهما، فالمسألة سيادية وتدخل في إطار الخيارات السيدة لكل بلد”.