انتشرت في الآونة الأخيرة ببروكسيل ظاهرة لافتة للانتباه، رجال اميون و عاطلون عن العمل تسبق أسماءهم ألقاب علمية، دكتوراه، ، هؤلاء يبيعون الوهم للجالية باعتبار أنهم من الخبراء والعلماء في كل التخصصات.
من كان يظن أن شهادة الدكتوراه وهي أعلى شهادة في التخصص، سيأتي اليوم الذي تُعرض فيه في المزاد العلني وتكون عرضة للنهب والاستباحة؟ فكثيرون منا فوجئوا عندما وجدوا اشخاص لا يعرفون كتابة اسمهم حتى بالعربية وقد نالوا الشهادة العالية ” الدكتوراه” من جمعيات لا علاقة لهم لا بالعلم و لا بالدراسة و دون أن يسافروا و يبحثوا ويحققوا ولا عجب أن يحصل بعضهم على هذه الشهادة، وهو لم ينل سابقتها الماجستير!!!
وكم رأينا من العجب العُجاب فمن كان بالأمس منتحلا لعدة صفات أصبح اليوم دكتوراً ولكن من غير تخصص !!
ومن كان البارحة عاطلا عن العمل أمسى الليلة دكتوراً قبل أن يُتم شهادة الابتدائي يتجول بين الناس مزهواً بأنه دكتوراً وقد يُخاصمك لو لم تناديه بالدكتور و قد تجده يُعرّف بنفسه في المحافل والمهرجانات بأنه الدكتور الإعلامي !! .
ألا يشعر هؤلاء بالخجل من تصرفاتهم ؟!!
ألا يستحي هؤلاء المتطفلون من أنفسهم وهم ينسبون إلى أنفسهم ما ليس لهم ؟!!
ويسعون إلى مزاحمة من هم أعلى منهم علماً ومعرفة واطلاعاً ؟!
عزيزي الدكتور المزيف الكاذب ، تذّكر أنك أنت الذي نعرفه جيدًا وأن لقب الدكتور لن يزيدك علماً ومعرفة إن كنت فارغاً ولن يرفع من مكانتك إن كنت جاهلاً ، فعليك أن تعي بأن الناس لن تحترمك لشهادتك العلمية التي حصلت عليها من جمعية لا علاقة لها بأي شيء سواءً كنت دكتورا أو أولى ابتدائي بل مكانتك تزيد وقيمتك تعلو بعلمك .
أفيقوا أيها المتطفلون فما لقّبتم به أنفسكم ليس لكم ، والحصول عليه يحتاج إلى سنوات من الجهد والعطاء ، فكيف ترضون بأن تقتاتوا على ألقاب غيركم وتسعون بأن تكونوا أنتم وهم في صف واحد وفي مقام واحد ؟!! .
هذا هو الجهل المُركب والجميع يعرفكم والغالبية يضحكون على جهلكم وضحالة فكركم .
و الغريب في الامر هو أن الجمعية المزعومة تتحدث بإسم الملك و بتعليمات منه في إطار التعبئة الشاملة للدفاع عن القضية الوطنية و الوحدة الترابية و تمنح شهادات رمزية للدكتوراه و شهادات عن الوطنية و عن القضية الوطنية رغم أن صاحبة الجمعية المانحة اصبحت دكتورة كذلك بقدرة قادر ، لم تقتصر على انتحالها لصفة علمية بل أصبحت تنفخ في صدور الجهلاء و تشاركهم في عملية اجرامية يعاقب القانون عليها .
في هذا التقرير سنتطرق إلى الحديث عن شهادات الدكتوراه المزيفة أو المزورة أو الوهمية أو الغير شرعية، فهي كلها مصطلحات تصب في معنى واحد هو ” شهادات الوهم”، بينما هدفها الأساس هو السعي وراء الوجاهة الاجتماعية المتخيلة والمكاسب والمناصب غير المحدودة. في تقريرنا هذا، سنعرج إلى بعض المعطيات
وفي هذا الإطار، سنجيب على جملة من الأسئلة، من شأنها تقريب الصورة، وتوضيح المضمون لمثل هذه القضية التي تساهم في الاساءة إلى العلم، وتدني مكانته لدى الخاصة قبل العامة. وأبرز هذه الأسئلة: ما الأسباب التي تدفع هؤلاء الأشخاص للإقدام على ذلك؟، وهل هذه القضية؛ مجرد حالات أم ظاهرة متفشية؟، وما دور المؤسسات الرسمية، وتحديداً وزارة التربية والتعليم العالي في مواجهة ذلك؟، وما أبعاد وآثار ذلك على التعليم والبحث العلمي والعلم عموماً؟ وأخيراً، ما هي الآليات التي من شانها الحد من مخاطر هذه القضية؟.
يعود جذر الموضوع إلى أزمة تتعلق بنظرة المجتمع إلى الشهادة العلمية باعتبارها وسيلة لتحقيق دخل أعلى، أو وظيفة مرموقة، أو مكانة اجتماعية متميزة، دون النظر إلى الهدف منها، إذ أخذ المجتمع الشكل وترك المضمون” اذا نظرنا، في سياق المقارنة، بين الحاضر، والماضي؛ فإن العملية التربوية والتعليمية تغيرت، ولهذا دورٌ كبير ، فالتعليم، أكان مدرسيا، أم جامعيا؛ أصبح يأخذ الطابع التجاري، الأمر الذي جعل البعض يشتري العلم دون أن يتعلم.
هنالك شهادات دكتوراه مزورة وشهادات أخرى تُشترى، والأهم أن هنالك من يحمل دكتوراه من جامعات ضعيفة علمياً، وبطبيعة الحال، لن يسأل المجتمع عن مصدر هذه الشهادة، او طبيعة الجامعة التي اصدرتها، وإن سأل، وعرف أنها من جامعة مجهولة، لا يعرف من علمها شيئاً؛ فإن الزمن كفيل بأن يتناسى الناس هذا التفصيل، الذي سينتهي أيضاً في ظل وجود بعض المظاهر السلبية كالمجاملات”.
ونتيجة لهذا السياق الذي انحرف بالشهادات عن مهامها الوظيفية الأولى، أصبحت الشهادات سُلم الوصول إلى الوظائف المرموقة، ومنها إلى المال والنفوذ والوجاهة. ولأنها كذلك، ولأنها ـــ كشهادات معرفية/ مهاراتية متخصصة ـــ تحتاج لجهد متواصل ليس في وسع الأغلبية من الطامعين الطامحين بذله؛ عمد كثير من هؤلاء إلى الأساليب اللامشروعة للحصول عليها، من تزوير للشهادات، إما بالتزوير التقليدي المباشر، وإما بالحصول عليها من جامعات وهمية
وبهذا، إن الذين يتنافسون في محاولة تلويث طهارة العلم عبر شراء شهادة الدكتوراه أو استئجار مرتزقة البحث ما هم إلا قراصنة، ومجرمين بحق العلم والمعرفة…هؤلاء اللصوص يتوجب الاشهار بهم، وتشكيل محكمة خاصة بهم. مثل هذه الطحالب البشرية خطيرة على العلم، وعلى الأجيال لما ينشرونه من جهل، أو تقلدهم لمناصب عليا وهامة. سيبقى العلم طاهراً بطهارة أهدافه ووظيفته، بينما هؤلاء ستبقى نفوسهم فاسدة، وعقولهم صدأة لتعلقهم بحرف (الدال) المزيف. أما الذين كدوا إلى حد الارهاق البدني والنفسي والعصبي المطلق فلهم منا الود والاحترام، لأنهم أخلصوا للعلم فأخلص لهم، وصادقوا الأمانة لتغدق عليهم بعلم وفير، وشهادة متميزة.