اقترحت الكتلة النيابية لحزب الاستقلال المشارك في الائتلاف الحكومي في المغرب، تعديل القوانين الانتخابية، لكي تكون أكثر تحفيزا للشباب على خوض التجربة الانتخابية من باب الترشيح وعدم تقييد الترشح بسن واحد وعشرين سنة، بحيث يشترط في من يترشح للانتخابات أن يكون ناخبا بالغا من العمر 18.
ودعا نواب “الاستقلال” إلى ضرورة وضع نظام تسجيل يمكن الناخبين من تسجيل القرين والأصول والفروع، حتى يصبح الوصول إلى العملية الانتخابية أكثر سهولة على غرار بعض الممارسات في بعض الدول الديمقراطية.
وشددت الكتلة ضمن مبادرتها التشريعية، على “ضرورة إشراك الشباب في الحياة السياسية عبر تطوير برامج إدماجهم وتحصينها بنصوص قانونية ودستورية محفزة لمشاركتهم الفعالة داخل هذه الحياة، خصوصا في ظل ما أصبح يصطلح عليه بظاهرة عزوف الشباب داخل المشهد السياسي المغربي، والتي تعتبر مثار تخوف الكثيرين، خصوصا عند قرب المحطات الانتخابية ونحن على أبواب انتخابات تشريعية قادمة”. وتدخل هذه المبادرة التشريعية ضمن إجراءات استباقية تستهدف مصالحة المغاربة وخصوصا الشباب مع السياسة، وذلك تخوفا من ظاهرة العزوف الانتخابي.
وأكدت شريفة لموير، أستاذة العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأحزاب السياسية تحاول البحث عن نسب مشاركة عالية في المحطات الانتخابية، في مقابل أن هناك عدم رضى على النخبة السياسية بالمجمل.
واعتبرت لومير أن تعديل القوانين الانتخابية لن يحرز أي إيجابيات، وأن الأحزاب السياسية بحاجة للعمل على استعادة الثقة داخل المجتمع بمختلف مكوناته ومن ضمنها فئة الشباب، موضحة أن أسباب عزوف الشباب التي تحاول الأحزاب السياسية الحد منها نابعة من فقدان الثقة في العمل السياسي وطريقة عمل النخبة بالمغرب.
وشهدت نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية خلال السنوات الماضية حالة تذبذب، حيث بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية والجهوية في العام 2021، 50.18 في المئة، ولم تتجاوز تلك النسبة خلال الانتخابات التشريعية لعام 2016، 43 في المئة، فيما بلغت في انتخابات عام 2011، 45 في المئة.
وأظهر آخر تقرير حول “التنمية البشرية وواقع حال الشباب بالمغرب”، أنجزه المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن ثقة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية منخفضة جدا، سواء إزاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أو الأحزاب السياسية. ويمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة نسبة ديموغرافية مهمة تبلغ 25.3 في المئة من إجمالي عدد سكان المغرب، أي 8.9 مليون شخص.
وعلى الرغم مما جاء به الدستور المغربي، والمقتضيات القانونية المنظمة للحياة السياسية، تعثر الفاعل الحزبي في القيام بدوره التأطيري بخلق قنطرة تفاهم وثقة مع المواطنين في ظلّ واقع حزبي يتميز بتغليب المصالح الشخصية، ما أثر سلبا على ضعف التسجيل في اللوائح الانتخابية ونسب المشاركة الشبابية في العملية الانتخابية تصويتا وترشيحا.
ثقة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية منخفضة جدا، سواء إزاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أو الأحزاب السياسية
ورأت لومير في تصريحاتها أن أهم نقاط التعديل الذي جاء به حزب الاستقلال لن تشكل فارقا كبيرا بقدر ما ستحول الممارسة السياسية إلى ساحة مبلقنة، وأن التغيير الإيجابي الوحيد الذي من شأنه أن يغير واقع العزوف هو مباشرة الأحزاب السياسية لأدوارها التي كفلها لها الدستور وإعادة الثقة للشباب في العمل السياسي، بالإضافة إلى فتح آفاق حقيقية أمام تكوين وتأطير نخبة شابة حزبية بعيدا عن المحسوبية لأجل مشاركة فعالة في الحياة السياسية بالمغرب.
وأشارت دراسة لمعهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية إلى أن 60 في المئة من المغاربة الذين استطلعت آراؤهم لا يثقون في الأحزاب السياسية، ووصلت نسبة الواثقين بها 5.11 في المئة، وأكد 26.6 في المئة منهم أن لديهم ثقة غير تامة بالأحزاب.
ووفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط، (مؤسسة دستورية) حول علاقة الشباب بالمشهد السياسي والحزبي ككل في المغرب، فإن 70 في المئة من الشباب لا يثقون في جدوى العمل السياسي، و5 في المئة فقط يؤمنون بالعمل الحزبي، بينما يزاول 1 في المئة فقط الفعل السياسي من داخل الهيئات السياسية، في الوقت الذي تشكل فيه هذه الفئة 40 في المئة من الكتلة الناخبة.
وربطت المبادرة التشريعية لحزب الاستقلال تجاوز العزوف الانتخابي لعامة المغاربة بالنزاهة في تسجيل الناخبين باعتبارها مسألة حاسمة لإجراء انتخابات حرة وشفافة، ويتم تسهيلها من خلال عملية جيدة التصميم، ومرصودة من قبل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، بالإضافة إلى إجراءات التنفيذ والتطبيق في اتجاه توسيع التسجيل في اللوائح وتفادي النسب المتدنية في المشاركة الانتخابية.