المسلمون الجدد ضحايا الكراهية والتمييز في الدنمارك
تكشف بعض التقارير والشهادات أن المسلمين الجدد في الدنمارك يعانون من الكراهية والتمييز شأنهم شأن المسلمين الوافدين على البلاد، حيث يشكك الجميع في ولائهم لوطنهم ويتعرضون للعنف في الشارع، ولا تحميهم السياسات ولا القوانين كما تحمي غيرهم من المواطنين الدنماركيين، فتدفع بالبعض منهم إلى الانطواء والوحدة والابتعاد حتى عن الأهل.
كوبنهاغن – يواجه المسلمون الجدد في الدنمارك إضافة إلى شعورهم بالوحدة والغربة لممارستهم شعائر دينية لا تحظى بانتشار كبير في مجتمعهم، الكثير من الكراهية والتمييز جراء تفاقم الإسلاموفوبيا في البلاد.
ويعيش الدنماركي جمال ماتياس هذا العام رمضانه الثالث بعد اعتناقه الإسلام في يناير 2021، لكن تحوله نحو الإسلام ليس بالأمر اليسير في دولة ذات أقلية مسلمة تعج بمشاعر الكراهية ومعاداة المسلمين.
وفي مقابلة في مسجد تركي قبل ساعات من وقت الإفطار، قال ماتياس إن “رمضان مختلف بالنسبة إلى مسلم جديد في بلد ذي أقلية مسلمة”.
وأضاف “لا نتلقى تأييدا خارج المساجد سواء من العائلة أو الأصدقاء الذين يمكنهم فهم تجربتنا الدينية أو مشاركتها. وهذا الشعور بالوحدة يزداد في رمضان”.
وأوضح الشاب العشريني أن “المتدينين من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، حتى لو كانوا يعيشون في بلدان غير مسلمة، فإنهم يجدون دعما من العائلة والأصدقاء والمقربين، وخاصة في رمضان حيث يشاركونهم تجربة الصيام”.
الدنمارك تجري اختبارا للمرشحين لنيل جنسيتها، من أسئلة تتعلق بالقيم الدنماركية عن حرية التعبير وحرية الأديان، يتم من خلالها تقييد منح الجنسية للمسلمين
وأردف “لا أحد في عائلتي مسلم، لذلك لا يوجد أحد للاحتفال معه. فعندما أعود إلى المنزل، لا يوجد أحد سواي”.
وأشار إلى أنه عندما يسأله الناس عمّا إذا كان يفضل الزواج من مسلمة دنماركية جديدة، فيقول لهم دائما إنه يريد “فتاة نشأت مسلمة، لأنه عندما تأتي الاحتفالات الدينية مثل رمضان والعيد، سيكون لدينا أسرة نحتفل معها”.
ويعيش ماتياس حاليا في مدينة آرهوس الشرقية، حيث يعمل سائقا لشاحنة ويحب ارتياد المسجد كثيرا لأنه “المكان الذي وجد فيه مجتمعه الجديد. مجتمع يقدّر وجوده بينهم ويشعره بأنه جزء منه ويجعله ينسى وحدته، وإن كان ذلك لساعات قليلة فقط”، حسب تعبيره.
وبينما تظل الوحدة قضية شخصية كبيرة بالنسبة إلى المسلمين الجدد من الدنماركيين، إلا أن موجة معاداة المسلمين تعد أمرا أكبر خطورة، خصوصا في ظل عدم اعتراف الدولة بوجودها.
وتقدر نسبة المسلمين في الدنمارك بـ5 في المئة، معظمهم إما مهاجرون أو من نسل مهاجرين من تركيا وباكستان والعراق والصومال، إلى جانب عدد كبير من الدنماركيين الذين اعتنقوا الإسلام حديثا.
ويرى الشاب ماتياس أن موجة معاداة للمسلمين تزحف في المجتمع الدنماركي بشكل لا يمكن إنكاره، رغم المزاعم الرسمية المخالفة لذلك.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت الدنمارك نقاشات وخلافات سياسية بشأن اندماج المسلمين في المجتمع الدنماركي، بما في ذلك قضايا مثل ارتداء الحجاب والذبح الحلال.
ويعتقد الخبراء أن نشأة النقاش بشأن المسلمين تعود إلى رفض الطيف السياسي السائد الاعتراف بوجود ظاهرة الإسلاموفوبيا في البلاد.
وصنف “تقرير الإسلاموفوبيا الأوروبي” لعام 2022 الدنمارك على أنها الدولة الأكثر عرضة لهذه الظاهرة تجاه المسلمين، إلى جانب فرنسا والنمسا.
وحسب رأي آمنة حساني، مديرة الأبحاث بمركز حقوق المسلمين في الدنمارك، فإن المسلمين يقبعون في أدنى درجات السلم الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وقالت حساني إن المسلمين في الدنمارك “يواجهون كلاجئين أيضا التمييز، ليس بسبب تصاعد المشاعر المعادية للمسلمين فقط، ولكن أيضا بسبب صرامة شروط المواطنة وسياسات الفصل العرقي في البلاد التي تستهدف المجتمعات المسلمة ذات الدخل المنخفض”.
وأضافت أن الإسلاموفوبيا تتسبب في إضعاف إمكانية أن يكون للمسلمين صوت في المجتمع، وخصوصا عن طريق إلغاء الجنسية أو صعوبة الحصول عليها.
وأوضحت أن المسلمين يتعرّضون لأنواع مختلفة من التمييز، منها التشكيك في انتمائهم إلى الدنمارك ومجتمعها، والتمييز الهيكلي الذي يظهر في السياسات التي تصعّب حصول شخص من دولة ذات أغلبية مسلمة على سكن أو عمل.
وأردفت حساني “الكراهية والعنف في الشوارع يعدان من الطرق الأخرى من أشكال التمييز، حيث شهدنا زيادة في جرائم الكراهية ضد المسلمين في السنوات الأخيرة”.
ويشير تقرير صادر عن الشرطة الوطنية الدنماركية عام 2018 إلى أنه من بين 112 جريمة كراهية تم تسجيلها في البلاد بدوافع دينية، كان 56 في المئة من الضحايا مسلمين.
وجاء في تقرير “الإسلاموفوبيا في أوروبا 2021” أن الدنمارك تجري اختبارا للمرشحين لنيل جنسيتها، من أسئلة تتعلق بالقيم الدنماركية عن حرية التعبير وحرية الأديان، يتم من خلالها تقييد منح الجنسية للمسلمين، كما أفاد التقرير ذاته.
ويشير التقرير إلى تعرض النساء المسلمات لاعتداءات جسدية ولفظية عام 2021 وتعرض أماكن عمل لمسلمين للاعتداء. وتعرض الكثير من المهاجرين للاعتداء بسبب لون البشرة وظنا أنهم من المسلمين.
ويشير تقرير صادر عن الشرطة الوطنية الدنماركية عام 2018 إلى أنه من بين 112 جريمة كراهية تم تسجيلها في البلاد بدوافع دينية، كان 56 في المئة من الضحايا مسلمين، أي ما يعادل نصف جرائم الكراهية المرتكبة.
وقال الشاب الدنماركي “بصق عليّ رجلان في منتصف العمر عندما كنت أصلى في زاوية على أحد الطرقات. وقالت لي امرأة في تجمع عائلي بطريقة لامبالية إنني ربما أحب اضطهاد المرأة ولهذا السبب تحوّلت إلى الإسلام”.
وتابع ماتياس “الإسلاموفوبيا حقيقة واقعة، ونفيها أمر غير صحيح”.
وعند اقتراب موعد أذان المغرب انضم ماتياس إلى مائدة الإفطار ثم أدى الصلاة، وبعدها بدأ الناس في الخروج من المسجد، لكن ماتياس مكث إلى وقت صلاة العشاء والتراويح. واختتم ماتياس حديثه قائلا “أحاول قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت في المسجد، فأنا سعيد هنا، وأعود إلى المنزل في وقت متأخر”.