سجال بين نقابات الناشرين والإعلاميين على خلفية انتخابات المجلس الوطني للصحافة

بعد حوالي أسبوع، تنتهي مهلة التمديد التي منحها البرلمان والحكومة في المغرب «للمجلس الوطني للصحافة»، من أجل إجراء انتخابات جديدة لهياكله.
مهلة ستة أشهر التي منحها المرسوم لهذه الهيئة المكلفة بالتنظيم الذاتي لمهنة الإعلام، لم تستطع الحسم في الخلاف الحاد بين مكونات المجلس، سواء من جهة الناشرين أو من جهة نقابات الصحافيين. وبقيت الأطراف المعنية تتكتل فيما بينها، وتواجه غيرها بالبيانات والتصريحات والمقالات الصحافية.
ويتعلق الأمر بـ»النقابة الوطنية للصحافة المغربية» المتحالفة مع «الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين» من ناحية، ومن ناحية ثانية بنقابة «الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال» التي تحالفت مع «الفدرالية المغربية لناشري الصحف».
في هذا الصدد، أصدرت «الفدرالية» و»الجامعة» التابعة لنقابة «الاتحاد المغربي للشغل» بياناً مشتركاً أوضحتا فيه أن «تكوين المجلس الوطني للصحافة بني على المبدأ الديمقراطي الذي ينص عليه الفصل 28 من الدستور، وانبثق بالانتخاب، وبني كذلك على اتفاقات بين مكوناته على ألا يتم التراجع لا على مبدأ الانتخاب ولا على مبدأ التداول. إلا أن بعض مكونات المجلس انقلبت على الدستور والقانون والاتفاقات الأخلاقية، مما وجه ضربة موجعة لصورة هذا المجلس المفروض أن يكون مثالاً في الامتثال للدستور، وحاملاً للنهوض بالأعراف الديمقراطية».
وأضاف البيان الذي اطلعت عليه «القدس العربي»، أن «الحكومة، وبشكل رسمي، عندما قررت التمديد للمجلس لمدة 6 أشهر، أكدت أنها تفعل ذلك استثنائياً حتى يتمكن هذا المجلس من إجراء انتخاباته، وها قد انقضت 6 أشهر دون أن نرى إلا التذبذب والتردد غير المفهومين».
وشجب البيان «أي نوايا للاستحواذ على مؤسسة للتنظيم الذاتي خلقت بالانتخاب، ويراد لها أن تتحول إلى التعيين».
كما حذر من «الانزلاق وراء الأزمة، وطموحات بعض أصحاب المصالح للانقلاب على مكتسبات حرية التعبير التي أقرتها المملكة منذ قانون 1958، وذلك بمحاولة فرض شروط تعجيزية للولوج إلى المهنة أو لتأسيس منشآت صحافية، وهي شروط لا تتماشى مع المعايير الدولية ولا الإرادة الملكية ومنطوق الدستور». وختمت فدرالية الناشرين ونقابة جامعة الإعلام بيانها بالقول: «إننا إذ نأسف لما يجري في مؤسسة شاركنا في ولادتها، وإذ نعبر بالوضوح التام عن رفضنا لسلب حق الصحافيين في اختيار ممثليهم في مجلس هو مجلسهم، فإننا نحتفظ لأنفسنا بالحق في اتخاذ القرارات التي يفرضها علينا ضميرنا المهني والتزامنا الأخلاقي مع قواعدنا ومناضلينا، بما في ذلك استعمال كافة الوسائل المشروعة بناء على المستجدات ومدى انسجامها مع الدستور والقانون وقناعاتنا الديموقراطية الراسخة».
في المقابل، أصدرت «ّالنقابة الوطنية للصحافة المغربية» و»الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين» بياناً مشتركاً أكدتا فيها أنهما «لن تنخرطا في أي مسلسل جديد (إشارة إلى انتخابات المجلس الوطني للصحافة) إلا بالتقدم في معالجة إشكاليات التنظيم الذاتي للمهنة، والاتفاق على قانون إطار، وإصلاح مدونة الصحافة والنشر، بما يضمن انسجام القوانين التي تشملها، لإرساء قواعد جديدة للمجلس الوطني للصحافة، على أسس سليمة، تتجاوز النواقص التي سجلت في القانون المحدث له، والمعمول به حالياً، واستلهام التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال».
أعلن عن «مواصلة العمل المشترك بين الجمعية والنقابة، للدفاع عن ضرورة تعديل مدونة الصحافة والنشر، التي تتطلب إصلاحات في العديد من موادها، سواء قانون الصحافة والنشر، أو القانون الأساسي للصحافيين المهنيين، أو القانون المحدث للمجلس الوطني، وتؤكدان في هذا الصدد أنه لا يمكن التعامل مع إصلاح هذه المدونة بشكل انتقائي وتجزيئي، لأنها مترابطة في أغلب مقتضياتها، وتشكل بنياناً واحداً يحتاج إلى المراجعة الشاملة، لتصبح متكاملة ومنسجمة».
واتفقت الهيئتان «على أن التجربة أثبتت منذ المصادقة على هذه المدونة، أنها تتضمن عدة اختلالات، تتعلق، على سبيل المثال، لا الحصر، بعجزها عن توفير الشروط القانونية لإرساء نموذج استثماري ملائم للمقاولة الصحافية، وقصورها في تنظيم جيد للولوج إلى المهنة، بالإضافة إلى الثغرات الكبرى، المسجلة في القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة، الذي ينبغي أن يعزز دوره، كمكسب للمهنيين، لطالما ناضلت الهيئات التمثيلية من أجل أن يساهم في تنظيم المهنة وتحصينها وتأهيلها».
ومن جهة أخرى، اتفق الطرفان على ضرورة مواصلة الحوار البناء بهدف التوصل إلى صيغة نهائية «للاتفاقية الجماعية» التي تنظم العلاقات التعاقدية بين مجموع الصحافيين، والمقاولات الصحافية والإعلامية، على مستوى نظام الترقيات والمسؤوليات وتنظيم العمل وكل الحقوق والواجبات، في أفق تكريس المقاربة الاجتماعية والمهنية، التي تعزز أوضاع الموارد البشرية، وتضعها في أولويات اهتمام المقاولات».
كما سجل الطرفان «التفاعل الإيجابي الذي تعاملت به الأغلبية من المقاولات الصحافية والإعلامية، مع الاتفاق الاجتماعي، وكذا الترحيب الذي عبر عنه الصحافيون والعاملون مع هذا المكسب، الذي يمثل خطوة غير مسبوقة، في إطار ربط المساهمة العمومية في دعم المقاولات، بإدماج الجانب الاجتماعي، كشرط من شروط هذه المساهمة، والذي لا يمكن التراجع عنه»، ويتعلق الأمر بزيادة 2000 درهم (194 دولاراً أمريكياً) في الرواتب الشهرية للصحافيين العاملين في الصحافة المكتوبة والمواقع الإلكترونية.
الجدير بالذكر أن «المجلس الوطني للصحافة» الذي تشكل لأول مرة في 2018، هو هيئة يعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها والسهر بوجه خاص على ضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني. ويتألف المجلس من 21 عضواً موزعين على النحو التالي: 7 أعضاء ينتخبهم الصحافيون المهنيون من بينهم مع مراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، و7 ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم، و7 أعضاء هم: ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الانسان، ممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ممثل عن اتحاد كتاب المغرب، ناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، صحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: