إسبانيا والمغرب يتفاوضان على إدارة المجال الجوي للصحراء المغربية

ماموني

أقرت الحكومة الإسبانية أنها بدأت مفاوضات مع المغرب حول إدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية، وذلك تأكيدا لما كانت وسائل إعلام إسبانية قد نشرته في تقارير متفرقة منذ العام الماضي.

وقالت الحكومة الإسبانية إن المحادثات بدأت بالفعل وإن الاتصالات مع المسؤولين المغاربة تقتصر على إدارة المجال الجوي، مسجلة أن “هذا التنسيق يهدف إلى تحقيق قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون الفني والتقني، وهو ما يطمح إليه البلدان”.

وأوضحت مدريد أن هذه المحادثات مع المغرب تأتي انسجاما مع النقطة السابعة من البيان المشترك الموقع بين الحكومتين في السابع من أبريل 2022 بعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب لإعادة مسار العلاقات بين البلدين إلى مسارها بعد أزمة دامت أشهر بسبب استقبال زعيم بوليساريو إبراهيم غالي.

ويتطلع المغرب إلى فرض السيطرة الكلية على أجواء الصحراء بدلا من سلطات مدريد، وحل هذه الإشكالية بمفاوضات مع حكومة سانشيز للتخلي عن السيطرة الجوية للمغرب، وذلك في إطار تحسن العلاقات الثنائية بعد إشادة مدريد بمبادرة الحكم الذاتي، وضمن خط خارطة الطريق المرسومة بين البلدين بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى الرباط في أبريل الماضي ولقائه العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وسبق لرئيس الحكومة الإسبانية ونظيره المغربي عزيز أخنوش أن أكدا على هامش الاجتماع الثاني عشر رفيع المستوى بين البلدين الذي عقد في الرباط يومي 1 و2 فبراير الماضي، التزامهما بتفعيل جميع النقاط الواردة في خارطة الطريق لـ7 أبريل 2022، بما في ذلك على وجه الخصوص سيطرة المملكة على المجال الجوي للصحراء المغربية وفتح الجمارك في سبتة ومليلية.

 

نوفل بوعمري: المغرب حسم موضوع تدبير الملاحة والسواحل البحرية بالصحراء لصالحه
نوفل بوعمري: المغرب حسم موضوع تدبير الملاحة والسواحل البحرية بالصحراء لصالحه

 

وتتقاسم إسبانيا مع المغرب إدارة المجال الجوي منذ سنة 1975 فوق الأقاليم الصحراوية من مركزي مراقبة الطيران في الرباط وغران كناريا، لكن المغرب يطالب بالسيطرة الكاملة على المجال.

وقال نوفل بوعمري المحلل السياسي المغربي إن المباحثات التي انطلقت تبحث عن صيغة توفيقية بين الجانبين من أجل عدم استغلال هذه النقطة لعودة الاصطدام بين البلدين ومن أجل أن يتوافق هذا النقاش مع الموقف الإسباني الجديد، مشيرا إلى أن المهم أن البلدين بدآ يبحثان عن طريق الحوار لإيجاد صيغة توافقية يتداخل فيها الدبلوماسي بالحيوي لكلا البلدين.

وأوضح بوعمري في تصريح لـه أن المجال الجوي بالإضافة إلى السواحل كانا من النقاط الإشكالية الموروثة عن المرحلة الاستعمارية للصحراء، معتبرا أنه إذا كان المغرب قد حسم موضوع تدبير الملاحة والسواحل البحرية بالصحراء لصالحه من خلال تمرير قانون الحدود البحرية وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي للبحار، فإن المجال الجوي ما زال موضوع نقاش بين البلدين.

ويبحث المغرب عن صيغة قانونية وسياسية تمكنه من مراقبة المجال الجوي لأسباب أمنية مرتبطة بمحاربة تجارة المخدرات والجريمة المنظمة، ولأسباب مرتبطة بإثبات سيادته الكاملة على ترابه ومجاله البحري ثم الجوي.

وخلقت قضية المجال الجوي للصحراء إشكالات معقدة بين المغرب وإسبانيا كما ساهمت في إذكاء أزمات بين البلدين، خاصة في ظل رفض الرباط استمرار إسبانيا في إدارة المجال الجوي لإقليم الصحراء بالتشارك، حيث يعتبر المغرب الصحراء إقليما مغربيا وبالتالي لا يجدر بإسبانيا أن تواصل مهام إدارته.

وأشارت تقارير إعلامية إسبانية قبل عامين إلى أنه في وقت الأزمات بين المغرب وإسبانيا، فإن الطائرات المغربية تتوقف عن التواصل مع القاعدة الجوية في جزر الكناري، الأمر الذي يسبب مشاكل كبيرة لإسبانيا في إدارة المجال الجوي للمنطقة.

وقلل مصدر دبلوماسي مغربي في تصريح لـه من رد فعل جهات رافضة لأي تغيير في هذا الملف يمس امتيازاتهم، مؤكدا أن العلاقات الإسبانية – المغربية في عهدها الجديد تعتمد على التوافق والوضوح في طرح القضايا المشتركة ومنها المجال الجوي فوق الصحراء الذي سيتم الحسم فيه بما يخدم العلاقات الثنائية، ولا يمكن ترك الفرصة لأي جهة بالتأثير على الزخم الذي تعرفه العلاقات الثنائية.

وهذا التحول يعتبر ضربة قوية وصادمة لبوليساريو، وهي التي لا زالت تتمنى تراجع إسبانيا عن اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه. ولقطع الطريق على أي تشويش من أي جهة وصف وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس حصيلة التعاون الثنائي مع المغرب بـ”الإيجابية للغاية”. وأضاف في حوار خص به صحيفة “آرا” الجمعة “أننا وضعنا الأسس لعلاقة قائمة على قواعد جديدة، الاحترام والمنفعة المتبادلة، ونبذ الأعمال أحادية الجانب واحترام الالتزامات المتفق عليها”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: