مخيمات تندوف تتحول إلى خزان يغذي التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل

ماموني

تحولت مخيمات الصحراويين في تندوف إلى خزان يغذي التنظيمات الجهادية في دول غرب أفريقيا والساحل، الأمر الذي بات يشكل تحديا إقليميا ودوليا خطيرا، خصوصا وأن العديد من المؤشرات تكشف عن تورط جبهة بوليساريو مع تلك التنظيمات.

أعلن تنظيم داعش عن مقتل أربعة من عناصره ينحدرون من مخيمات تندوف بالجزائر، وكانوا انضموا إلى التنظيم الجهادي في الساحل منذ بضع سنوات، بعد أن كانوا في صفوف جبهة بوليساريو.

ويكشف الإعلان عن حجم اختراق تنظيم داعش لمخيمات تندوف، كما يثير تساؤلات بشأن العلاقة التي تربط جبهة بوليساريو الانفصالية بالتنظيم الجهادي، في ظل تقارير تتحدث عن وجود تنسيق وتعاون قائم بينهما.

وتضمن مقطع فيديو، نشره تنظيم داعش، صورا لعناصر من جبهة بوليساريو، مصحوبة بأسمائهم، ويتعلق الأمر بكل من الشيخ عبدالحكيم الصحراوي الذي ظهر في صورة يتوسط طفلا يحمل بندقية وشخصا آخر بزي مسلح شبيه بلباس عناصر داعش، والشيخ أبوالوليد الصحراوي، الزعيم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وكذلك الشيخ أبوعبدالرحمن الصحراوي، فضلا عن الشيخ عيسى الصحراوي.

 

محمد الطيار: مخيمات تندوف تواجه أزمة أمنية متفاقمة
محمد الطيار: مخيمات تندوف تواجه أزمة أمنية متفاقمة

 

ويرى مراقبون أن التسجيل يؤكد وجاهة التقارير التي تتحدث عن تورط عناصر من بوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة، تنتمي إلى داعش وغيره من المنظمات الجهادية التي تنشط في دول غرب أفريقيا والساحل.

ويقول المراقبون إن مخيمات تندوف تحولت إلى خزان للتنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب، خصوصا أولئك الذي تلقوا تدريبات عسكرية، وذلك لتنفيذ هجمات إرهابية في منطقة الساحل والصحراء.

وسبق أن حذر المدير العام للسياسة الخارجية والأمنية بوزارة الخارجية الإسبانية والتعاون الأوروبي فيديل سينداغورتا، من التهديد الإرهابي الحقيقي الذي تشكله جبهة بوليساريو في منطقة الساحل وعلى الجوار الأوروبي.

جاء ذلك في معرض مداخلته خلال أشغال منتدى نظمه معهد إلكانو، حول الإرهاب العالمي، حيث أكد أنه “صدم” حين علم أن زعيم الجماعة الإرهابية “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” عدنان أبووليد الصحراوي، ينحدر من مخيمات تندوف، مشيرا إلى أن هذه المنطقة أضحت أرضا خصبة للجهادية الإسلامية.

ويعتبر أبووليد الصحراوي، الذي قتل في عملية عسكرية قامت بها القوات الفرنسية في مالي، أحد الناشطين الأوائل في صفوف بوليساريو، وانضم إلى الحركة الإسلامية الجهادية التي وجدت في مخيمات تندوف أرضا خصبة حتى تترعرع، في سياق الأزمة التي تعيش على وقعها الحركة الانفصالية، وغياب آفاق مستقبلية حقيقية بالنسبة للشباب الصحراويين.

وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن الإعلان عن سقوط عناصر من بوليساريو ينتمون إلى صفوف داعش، يأتي متزامنا مع العزلة التي تشهدها بوليساريو إقليميا ودوليا إلى جانب نجاح اليقظة الأمنية في إحباط مخططات إرهابية وتفكيك خلايا تدين بالولاء لداعش، خصوصا وأن التنظيم يستعد للإعلان عن إمارة جديدة.

التسجيل يؤكد وجاهة التقارير التي تتحدث عن تورط عناصر من بوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة

وأكد الطيار، في تصريحات لـه أن تنظيم داعش أصبح يتمدد بشكل خطير في دول منطقة الساحل، خصوصا بوركينا فاسو والنيجر ومالي، وأصبح يسيطر على مساحات جغرافية واسعة، مما يؤكد تصاعد هذا الخطر الذي يهدد أو أصبح يهدد الأمن القومي المغربي بشكل أكثر خطورة.

وقال موقع “مغرب إنتلجنس” إن العشرات من شباب الجبهة الانفصالية الذين تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات “لحمادة” بتندوف، يعملون في صفوف تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي وأيضا في داعش، حيث يتواجدون بشمال مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وأكد الموقع أن قيادة بوليساريو تفضل تسهيل ترحيل عناصرها الذين تظهر عليهم بوادر تدين راديكالي، نحو المجموعات الإرهابية الصغيرة، وذلك لتحقيق غايات مختلفة على رأسها تزويد “القاعدة وداعش بعناصر جديدة للحفاظ على حالة انعدام الأمن بمنطقة الساحل، مما يؤدي إلى تنامي مختلف أنواع الاتجار، وهو ما يفيد أيضا الجبهة الانفصالية.

وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت قد كشف في الاجتماع الوزاري للتحالف الأمني الدولي في دورته الرابعة بدبي، في أبريل الماضي، أنه تم رصد علاقة بين تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وفرعه بالساحل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وعناصر تابعة لجبهة بوليساريو الانفصالية، مشيرا إلى أن قادة في هذه التنظيمات تنحدر من جبهة بوليساريو.

 

النظام الجزائري سمح لأعضاء التنظيم باحتراف التهريب بكل أنواعه والانخراط في نشاط الجريمة المنظمة
النظام الجزائري سمح لأعضاء التنظيم باحتراف التهريب بكل أنواعه والانخراط في نشاط الجريمة المنظمة

 

وأكد محمد العيساوي، العضو في “منظمة من أجل إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف”، أنه “بات لزاما على المجتمع الدولي النظر بإمعان في وضع المخيمات التي أصبحت مشتلا خصبا للإرهابيين والمهربين والمجرمين القتلة”.

وأكد في كلمة له أمام أعضاء لجنة الـ24 للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، ضرورة “تحميل البلد المضيف، الجزائر، كامل المسؤولية لما آلت إليه أوضاع السكان وانحراف شبابهم في أحضان الإرهاب والتطرف المسمومة”.

ولفت الطيار، في تصريحاته لـه، إلى أن الأزمة الأمنية داخل مخيمات تندوف تفاقمت في الآونة الأخيرة بفعل ضلوع عناصر بوليساريو في أنشطة الجريمة المنظمة، وعلاقتها مع التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي.

وأكد الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أن تورط عناصر من بوليساريو ضمن خلايا إرهابية بالمنطقة، وظهور قيادات في تنظيمات إرهابية بالمنطقة، من قبيل داعش و”القاعدة”، وغيرهما من المنظمات الإرهابية التي تنشط في دول غرب أفريقيا والساحل، سببه الوضع اللا إنساني داخل مخيمات تندوف، والذي يتحمل مسؤوليته النظام الجزائري في دعم الفوضى ونشرها الذي تتبناه مجموعات التهريب والجريمة المنظمة.

وذكر الباحث المغربي بأن النظام الجزائري سمح لأعضاء التنظيم باحتراف التهريب بكل أنواعه والانخراط في نشاط الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة والإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، لتحقيق حرصها الدائم على المساس بأمن المغرب واستقراره.

وشهدت منطقة الساحل، منذ العام 2014، تدفقا كبيرا لمقاتلي بوليساريو الشباب للانخراط في التنظيمات الإرهابية، خصوصا القاعدة وداعش الذي نوع تكتيكاته لاختراق المغرب دون جدوى أمام يقظة الأجهزة الأمنية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: