تحولت أنظار المحللين إلى ما ستؤول إليه إحدى المعارك النقدية الصعبة للبنك المركزي البريطاني منذ عقود بالنظر إلى القفزة المفاجئة في التضخم والذي بات أحد العوامل المزعجة للحكومة التي عولت على ميزانية أطلقتها هذا الشهر لتعديل بوصلة الاقتصاد.
عززت ريادة صناعة السيارات في المغرب جاذبيتها للاستثمارات في القطاع الذي تعول عليه الحكومة كثيرا من أجل تأسيس قاعدة صناعية تكون الأكبر في قارة أفريقيا في غضون سنوات.
وبالنظر إلى التقنيات المتقدمة والمؤهلات المغربية عالية الكفاءة التي يزخر بها البلد، دشنت مجموعة أبتيف الأميركية للسيارات في نهاية الأسبوع الماضي أول مصنع لها بمدينة وجدة، وهو العاشر لها في السوق المحلية.
ويتزامن التدشين مع إعلان رينو الفرنسية اعتزامها الشروع في إنتاج سيارة هجينة تحمل علامة داسيا، وذلك ابتداء من الربع الثاني من سنة 2024، في مصنعها الكائن بالمنطقة الصناعية لمدينة طنجة.
واعتبر رشيد ساري الخبير الاقتصادي أن هذه الاستثمارات فرصة مهمة لإقلاع اقتصادي في المنطقة الشرقية، بعد جمود دام سنوات وآن الأوان لتعيش الرفاه على المستوى الاجتماعي.
وقال إن “البنية التحتية حاليا في المنطقة الشرقية وخصوصا وجدة مازالت في إطار الإنشاء، لكن لا يجب أن نُغفل أن المنطقة تتوفر على بنية للطرقات تمكنها من أن تكون نقطة التقاء بالجهة الشمالية وجهة فاس – مكناس”.
ويمثل مصنع أبتيف أول وحدة صناعية لأسلاك السيارات شرق البلاد، والذي سيعزز النشاط الاقتصادي والصناعي بالجهة، حيث تم إطلاق أعمال البناء مطلع العام الماضي، بما يتوافق تماما مع المواعيد النهائية المنصوص عليها في اتفاقية الاستثمار.
وسيمكن مصنع الإنتاج الجديد، الذي تطلب بناؤه استثمار 394 مليون درهم (38.3 مليون دولار)، من توفير أكثر من ثلاث فرص عمل مباشر بشكل تدريجي، الأمر الذي سيعزز مكانة المغرب في الديناميكية الإقليمية لمجموعة أبتيف.
وأكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور أن افتتاح هذا المصنع “يندرج في سياق المبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية”.
وأوضح أن الأمر يتعلق “بأول مشروع في مجال صناعة السيارات الذي يعكس مدى قدرة هذه الجهة على اجتذاب رواد عالميين ويمهد السبيل في الوقت ذاته أمام استثمارات جديدة كفيلة بتوليد الثروات وتوفير فرص عمل للشباب”.
واعتبر المدير العام لشركة أبتيف المغرب وتونس وتركيا والبرتغال، محمد الفيلالي، أن إنجاز المشروع في هذه الجهة يظهر الثقة التي تضعها أبتيف في المغرب والكفاءات المغربية، وذلك بفضل التزام 17 ألف موظف يعملون يوميا لتعزيز جودة وتنافسية “صنع في المغرب”.
ولفت إلى أن المبالغ المستثمرة تعتبر أرقاما مهمة، تجعل من وحدة الإنتاج هذه أحد المشاريع الطموحة لأبتيف، مضيفا أن هذا المشروع الكبير تم تسليمه في الوقت المحدد بفضل الدعم ذي الجودة العالية من الشركاء المغاربة.
وتعد صناعة السيارات من أكثر القطاعات التي تقود الصادرات المغربية، حيث تجاوزت في السنوات الأخيرة صادرات الفوسفات الذي كان منذ عقود هو الأول.
ولإغراء الشركات من مختلف بقاع العالم قام محسن جزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، بجولة ترويجية في الهند مؤخرا دامت أسبوعا بهدف التعريف بالعرض المغربي وجذب استثمارات الشركات الهندية في صناعة السيارات وغيرها من المجالات.
ويقول خبراء إن صناعة السيارات في المملكة أبرز قطاع قد يثير اهتمام الهند، باعتبارها الثانية من حيث التصدير في العام الماضي بقدرة إنتاجية تصل إلى حوالي مليون سيارة، كما تحتل البلاد المرتبة الأولى لجهة مصدّر نحو أوروبا من خارج الاتحاد.
واختارت شركات هندية عديدة الاستقرار في المغرب، منها تاتا موتورز ومهاندريا لصناعة السيارات، وثمة رهان على استقدام شركات أخرى بعد تعريفها بما يتيح ميثاق الاستثمار الجديد، والذي يقدم نحو 30 في المئة من إجمالي الاستثمار الإجمالي.
ومن أجل تجويد صورة المغرب كمنصة مستقبلية لتصنيع المركبات الهجينة، إضافة إلى الكهربائية التي بدأ المغرب يقطع أشواطا مهمة فيها، تعتزم رينو الشروع في إنتاج سيارة هجينة تحمل علامة داسيا من وحدتها في المملكة.
وكشفت رينو خلال مؤتمر صحفي بحضور مزور أن السيارة الهجينة الأولى من نوعها لعلامة داسيا ستحمل اسم “جوغير”، وهي مخصصة للعائلات بسعة 7 مقاعد، ويتعلق الشروع في إنتاجها بتعزيز النظام البيئي للسيارات في المغرب.
ويرى مسؤولو المجموعة الفرنسية العملاقة أن الهدف الأولي عند بدء إنتاج هذا النوع من السيارات، هو الوصول إلى سقف 120 ألف وحدة سنويا.
رينو تعتزم الشروع في إنتاج سيارة هجينة تحمل علامة داسيا ابتداء من الربع الثاني من 2024 في مصنع طنجة
كما أشاروا إلى أن موظفي مصنع طنجة سيخضعون لتدريبات تكنولوجية من أجل تأهيلهم للتحول إلى بدء إنتاج هذا النوع من المركبات النظيفة.
وكان مزور قد أكد أن صناعة السيارات في بلاده تواكب التحول الذي يشهده القطاع، وتعمل على بلوغ مكانة مرموقة على المستوى الدولي.
وشدد على استعداد المغرب التام لمواجهة المستقبل بهدوء وروية واستباقية، وتأهب لتطوير هذا النظام الإيكولوجي في الإطار الجديد المتعلق بالتنقل المستدام.
وتعتبر رينو من أكبر صانعي السيارات الذين ينشطون في السوق المغربية منذ دخولها البلاد في عام 2012 عبر مصنع طنجة الكبير، ثم توالى بعدها عدد من الشركات الأخرى، مثل “سيتروين” و”أوبل” وغيرهما.
وفي الفترة الأخيرة أبدت مجموعة سيتلانتيس رغبتها في مضاعفة القدرة الإنتاجية في المغرب، لتبلغ 450 ألف وحدة مقابل استثمار إجمالي بقيمة 3 مليارات درهم (291 مليون دولار).
ومن المتوقع أن يوفر الاستثمار الجديد ألفي فرصة عمل جديد في مصنع القنيطرة، والذي يضم في الوقت الراهن أكثر من ثلاثة آلاف شخص مع نسبة إدماج محلي تبلغ 69 في المئة.