ناصر بوريطة في واشنطن لتعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة والمغرب

ماموني

تندرج زيارة ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن ضمن التنسيق المستمر بين البلدين فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، وأيضا في سياق تعزيز الديناميكية التي تشهدها العلاقات الثنائية.

يقوم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بزيارة إلى واشنطن، في إطار المشاورات الهادفة إلى تعزيز الشراكة الإستراتيجية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة، والتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك ملف الصحراء حيث تدعم واشنطن مقاربة الرباط للحل، إلى جانب الحرب في أوكرانيا، ودعم الانتخابات في ليبيا، والوضع في منطقة الساحل.

وجدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه بنظيره المغربي تأكيد دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي المغربي من أجل الطي النهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، مبرزا أن الولايات المتحدة تواصل اعتبار هذا المخطط “جادا وذا مصداقية وواقعيا”.

وفي بيان صدر عقب مباحثات جرت في واشنطن بين رئيسي الدبلوماسية الأميركية والمغربية أكدا “دعمهما الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، بهدف تعزيز حل سياسي دائم ولائق” لهذا النزاع الإقليمي.

 

إدريس لكريني: الدعم الأميركي يعطي المغرب هامشا كبيرا من الحركة
إدريس لكريني: الدعم الأميركي يعطي المغرب هامشا كبيرا من الحركة

 

وأشاد بلينكن بـ”الشراكة طويلة الأمد والتاريخية والمتينة” بين الولايات المتحدة والمغرب، مبرزا أن المملكة تعد “قوة مهمة من أجل الاستقرار والسلام والتقدم والاعتدال”.

وتشهد العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، شمل مختلف المجالات، وسط تقاطعات في الرؤى حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

ويرى متابعون أن الولايات المتحدة تولي العلاقة مع المغرب أهمية خاصة لاسيما في ظل التحولات التي يشهدها الوضع الدولي وانصباب التركيز على القارة الأفريقية، التي تحولت إلى ساحة تنافس شديد بين القوى الكبرى.

ويقول المتابعون إن المغرب مستفيد بشكل كبير من الإيجابية التي تشهدها العلاقة مع الولايات المتحدة، لاسيما لجهة الدعم الأميركي في ملف الصحراء.

وقال إدريس لكريني أستاذ العلاقات الدولية إن هذه الديناميكية والمواقف الداعمة للمغرب من طرف السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة من شأنها أن تعزز حقوق المغرب السيادية على صحرائه، وتعزل جبهة بوليساريو ومن يدعمها على الصعيد الدولي، حيث أن الأطروحات الانفصالية التي يروّجون لها دوليا وإقليميا لم تعد مجدية.

ولفت لكريني في تصريح لـه أن هذه المستجدات على المستوى الأميركي تعطي المغرب هامشا كبيرا من الحركة للتخلص من الضغوط المختلفة للدفاع عن سيادته الترابية فوق صحرائه، ومنازلة خصومه من منطلق استباقي ومن على أرضية صلبة قانونيا وسياسيا واقتصاديا، وسيذهب إلى أيّ مباحثات مفترضة وتحت يديه أوراق رابحة تخدم أولوية مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب كحل سياسي واقعي وبناء وأقرها مجلس الأمن في قراراته الدورية المتعاقبة.

وخلال لقاء بليكن، الذي يندرج في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين الجانبين بشأن مختلف محاور الشراكة الإستراتيجية، سلط بوريطة الضوء على “الصداقة المتينة والتاريخية” التي تجمع البلدين، مسجلا أن هذه الشراكة “لم تكن قط بالمتانة التي تشهدها اليوم”.

واشنطن تولي العلاقة مع المغرب أهمية خاصة لاسيما في ظل التحولات التي يشهدها الوضع الدولي وانصباب التركيز على القارة الأفريقية

وقال بوريطة إن “العاهل المغربي الملك محمد السادس يقدر هذه الشراكة، القائمة على التزاماتنا المشتركة من أجل السلام والاستقرار والازدهار”.

وأكد الوزير المغربي أن المباحثات الثنائية كانت دائما مثمرة وبناءة، موضحا أن الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة تساهم في “خدمة شعبينا وكذا السلام والاستقرار في العالم”.

وفي سياق متصل نوه وزير الخارجية الأميركي “بريادة” المغرب في مجال إرساء السلام والاستقرار الإقليمي، من خلال استئناف العلاقات مع إسرائيل، وكذلك في ما يتصل بقضايا التغيرات المناخية والطاقات المتجددة، مبرزا التعاون الثنائي الوثيق في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وشكلت زيارة بوريطة إلى واشنطن، التي تم خلالها عقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، مناسبة لاستعراض السبل الكفيلة بتعزيز الشراكة الإستراتيجية والتباحث بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وعلى صعيد الحوار السياسي تميز عاما 2022 و2023 بزيارات متتالية لعدد من المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى إلى المغرب على رأسهم بلينكن، الذي زار الرباط، في مارس 2022، إلى جانب مسؤولين في الكونغرس وقيادات رفيعة المستوى في الجيش الأميركي.

واندرجت المشاورات الأمنية والسياسية والدبلوماسية ضمن الديناميكية ذاتها الهادفة إلى تعزيز العلاقات، وذلك على الخصوص من خلال زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي في فبراير الماضي، وهي أول زيارة له إلى الرباط.

 

خالد الشرقاوي السموني: واشنطن مقتنعة بالدور الريادي للرباط  في شمال أفريقيا
خالد الشرقاوي السموني: واشنطن مقتنعة بالدور الريادي للرباط  في شمال أفريقيا

 

ولدى حديثه عن التعاون العسكري بين البلدين، تطرق بلينكن إلى تنظيم المغرب، قريبا، للتمرين العسكري المشترك “مناورات الأسد الأفريقي”.

ويعتقد خالد الشرقاوي السموني مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية أن “الزيارة تدخل ضمن الحوار الأميركي – المغربي على كافة الأصعدة والذي نعتبره جدّ مهم وحيوي، وتؤكد على العلاقات الجيدة والتاريخية التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة، وتخدم التصدي لأيّ محاولة لزعزعة استقرار وأمن شمال أفريقيا”.

وقال السموني في تصريحات لـه  إن التحالف بين واشنطن والرباط يتعزز بتوحيد الرؤى في العديد من القضايا، ومنها قطع الطريق على روسيا وإيران بشكل خاص للهيمنة على مناطق إستراتيجية في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.

وأضاف السموني أن اعتراف الإدارة الأميركية بسيادة المغرب على الصحراء وواقعية مبادرة الحكم الذاتي يعني أن الولايات المتحدة مقتنعة بالدور الإستراتيجي الريادي الذي تقوم به الرباط في شمال أفريقيا ولا بد من الدفاع عن وحدتها الترابية.

وفي هذا الصدد مكنت الزيارات التي قامت بها مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هينز ورئيس مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي خلال 2022، من تنويع وتعميق الشراكة الأمنية متعددة الأبعاد، التي ما فتئت تتطور بين البلدين.

كما تميزت ديناميكية الشراكة بين الرباط وواشنطن بتنظيم المغرب لقاءات مشتركة هامة، بما فيها الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش في مايو 2022، وقمة الشؤون الأميركية – الأفريقية في يوليو 2022، التي مهدت لقمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي استضافها الرئيس الأميركي جو بايدن في ديسمبر 2022.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: