استقبال موريتاني رسمي لوفود من بوليساريو يثير استياء المغرب
أثار استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لمبعوث من جبهة بوليساريو استياء في المغرب، وسط تساؤلات عما إذا كان الأمر يتعلق بتغير في المقاربة الموريتانية حيال ملف الصحراء المغربية.
تقول أوساط سياسية مغربية إن الاستقبال الرسمي الذي حظي به ممثلان لجبهة بوليساريو في موريتانيا، مؤخرا هو خطوة استفزازية، لا تخدم جهود تطوير العلاقات الثنائية بين الرباط ونواكشوط.
وتشير الأوساط إلى أن زيارة ممثلين لبوليساريو إلى موريتانيا، ولقاء أحدهما بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حاملا معه رسالة من زعيم الجبهة الانفصالية، والخطاب الذي اعتمدته وكالة الأنباء الموريتانية في بث خبر الزيارة، يشيان بأن موريتانيا قررت فيما يبدو الانحياز إلى المقاربة الجزائرية، وهذا تحول بالتأكيد ستكون له كلفته على العلاقات الثنائية.
ونقلت وكالة الأنباء الموريتانية الجمعة أن الرئيس الغزواني تسلم رسالة من زعيم جبهة بوليساريو، ووصفته في قصاصتها بـ”فخامة الرئيس”، ويمثل استخدام هذا التعبير سابقة في المؤسسات الرسمية للجارة الجنوبية للمملكة، إذ كانت تقتصر على تسمية زعيم الانفصاليين بالأمين العام لجبهة بوليساريو.
وقالت الوكالة الموريتانية إن الرسالة سلمها “معالي الوزير، المستشار بالرئاسة، المكلف بالشؤون الدبلوماسية” محمد سالم ولد السالك، خلال استقبال خصه به “فخامة رئيس الجمهورية، وتم خلاله استعراض علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين”.
◙ مراقبون يستبعدون أن يكون هناك تحول في الموقف الموريتاني، وإن كانت الهواجس المغربية لها ما يبررها
ويرى مراقبون أن استقبال موريتانيا لوفود من الجبهة الانفصالية، يندرج في سياق الحرص على البقاء في المنطقة الرمادية التي لطالما تخفت داخلها للحفاظ على علاقات متوازنة مع الرباط والجزائر، مستبعدين أن يكون هناك تحول في الموقف الموريتاني، وإن كانت الهواجس المغربية لها ما يبررها في ظل الضغوط الجزائرية على نواكشوط.
وندّدت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد باستقبال نواكشوط لعناصر من بوليساريو، ووصفته بـ “التوجه العدائي المرفوض، ليس فقط لكونه يمس بمشاعر المغاربة قاطبة تجاه قضية وحدتنا الترابية، بل لأنه يضرب أيضا في صميم وعمق العلاقات المتينة المشتركة والمتجذرة عبر التاريخ وقيم التضامن العليا التي تجمع بين الشعبين الشقيقين المغربي والموريتاني”.
واستنكرت المنظمة المغربية في بيان لها “بشدة استهداف الرئيس الموريتاني المصالح العليا للمملكة المغربية الشريفة، من خلال استقباله ممثل بوليساريو باعتبارها منظمة إرهابية تعمل على إعداد قنابل بشرية موقوتة، من خلال حجز الأطفال واغتصابهم وتجنيدهم وشحنهم بمدخلات حسية تولد الكراهية والتعطش للقتل والتدمير من أجل زحزحة الاستقرار الإقليمي”.
وأضاف البيان، الموقع من طرف نبيل وزاع، الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، أن “المنظمة تثمن الخطوات الواضحة والمواقف التي اتخذتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والمغاربة المقيمين بالخارج التي تتماشى مع التوجيهات الملكية السامية”.
وأكدت الأمانة العامة للمنظمة أن “قضية الوحدة الترابية لوطننا الحبيب هي قضية كل المغاربة، ولا يمكن في أي زمان أو مكان لهذا النوع من التصرفات اللامسؤولة أن يؤثر على تماسك كل مكونات المجتمع المغربي، ولا على الواقع والحقيقة والاعتراف الدولي بمغربية الصحراء”.
وأعلنت الأمانة العامة للمنظمة المغربية “رفضها المطلق لما قام به الرئيس الموريتاني من تصرفات عدائية مفضوحة موجهة ضد وطننا ووحدته الترابية، من خلال استقبال ممثل جبهة بوليساريو الإرهابية استقبالا رسميا”.
ولم تقتصر زيارة الموفد الانفصالي على القصر الرئاسي واستقباله بشكل رسمي من قبل الرئيس الغزاوني، بل شملت جولة على عدد من القوى السياسية الموريتانية حيث استقبل الأمين العام لتكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداح، ومحمد ولد أحمد سالم رئيس حزب الإصلاح، ومحمد ولد مولود زعيم اتحاد القوى التقدمية، ولد السالك.
كما حظي ولد السالك باستقبال من ولد سيدي المختار، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي المعروف اختصارا بـ”تواصل”. من جهة ثانية استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، لموفد آخر من جبهة بوليساريو.
◙ استقبال موريتانيا لوفود من الجبهة الانفصالية يندرج في سياق الحرص على البقاء في المنطقة الرمادية التي لطالما تخفت داخلها
وتشهد المنطقة المغاربية منذ عقود صراعا حول الصحراء بين جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، والمغرب. وقد قدم المغرب مقترحا لتسوية هذا الصراع المفتعل عبر الإقرار بحكم ذاتي للصحراويين تحت سيادته، ويلاقي هذا الحل الوسط دعما دوليا وإقليميا متزايدا، لكن الجبهة الانفصالية ومن خلفها الجزائر ترفضان بالمطلق هذا الحل.
وتحاول الجزائر اليوم استثمار الوضعين الإقليمي والدولي من أجل قطع الطريق على الإنجازات الدبلوماسية المغربية في هذا الصدد، ولا تتوانى في ذلك عن توظيف الوفرة المالية التي حققتها نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، من أجل إقناع دول أفريقية تعاني من صعوبات اقتصادية بدعمها، كما هو الشأن مع موريتانيا.
ودعت المنظمة الحقوقية المغربية كل القوى الحية والفعاليات إلى الوقوف جنودا مجندين وراء العاهل المغربي الملك محمد السادس، وتفعيل سياسته الحكيمة دفاعا عن وحدة المملكة المغربية ومصالحها العليا.
وذكّرت المنظمة بأن “موقف الشعب المغربي من قضيته الوطنية الأولى سيظل ثابتا ولن يؤثر فيه أي تفعيل للأجندات الخارجية التي تعود نسبتها للنظام الجزائري، الذي يوفر الحماية والدعم بشكل مباشر لميليشيات بوليساريو الانفصالية”.