وصل رئيس إقليم الكناري أنخيل فيكتور توريس رفقة وفد من رجال الأعمال إلى المغرب في زيارة استمرت يومين، وذلك لبحث التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي مع المملكة، بعد إعلان مدريد عن دعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية. وتوجت الزيارة بإطلاق ثلاث رحلات جوية وإعادة فتح الخط البحري الذي جرى تعليقه منذ سنة 2008.
وفي إطار مواصلة الديناميكية الإيجابية التي أطلقها انعقاد الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا في شهر فبراير الماضي بالرباط برئاسة رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز شدد توريس على أن الاتفاقات المبرمة مع المغرب هي نتيجة لتحسن العلاقات بين الرباط ومدريد، بعد تجاوز الأزمة السابقة، وفتح آفاق جديدة بين البلدين منذ الموقف الإسباني المؤيد للحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
وعقب اللقاء الثنائي أوضح أخنوش أن الزيارة تفتح الباب أمام الحكومات الإقليمية في إسبانيا للانخراط في تكريس الموقف الإيجابي للحكومة المركزية في مدريد بشأن قضية الصحراء، والذي يؤكد وجاهة مخطط الحكم الذاتي باعتباره الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن اللقاء شكل مناسبة لبحث سبل الشراكة والتعاون بين جزر الكناري ومختلف أقاليم المملكة المغربية.
ومع رغبة الوفد الإسباني الاستثمار في إمكانيات الصحراء فقد تشكل الوفد الاقتصادي لجزر الكناري من اتحاد أرباب العمل والغرف التجارية والصناعية واللوجيستية وممثلي شركات تعمل في قطاعات الصناعات الغذائية والمنتجات الكيميائية وصناعة السفن.
وأكد محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أن هذه الزيارة مناسبة مهمة للوفد الكناري للتعرف على فرص التعاون مع المغاربة بالتركيز على قطاعات إستراتيجية مثل الزراعة والهيدروجين الأخضر والنقل والخدمات والصناعة التكنولوجية لأن الشركات المغربية التي لها ارتباط بالجزر أغلبها يشتغل في القطاع السياحي.
وأضاف الطيار في تصريح لـه أن جزر الكناري، وإسبانيا بشكل عام، اقتصادها وفرص التنمية فيها أصبحا مرتبطين يوما بعد يوم وبشكل كبير بالمغرب، وهو ما سيدعم المبادرات الإيجابية الإسبانية المتعددة ومن الجزر أيضا لتوطيد العلاقات مع المملكة المغربية.
وقد نوه أخنوش بالشركات الكنارية المستقرة في المغرب، والتي تهتم بالإمكانيات الكبيرة المتاحة بالمملكة في قطاعي السياحة والطاقات المتجددة، لافتا إلى أن هذه الشراكة الاقتصادية الثنائية يمكن أن تتعزز على مستوى مجموعة من المجالات منها تحلية مياه البحر والسياحة.
وأكدت صحيفة “إلباييس” أن توريس كان يسعى للوصول إلى “الثمار التجارية” للتقارب المغربي – الإسباني بعد إعلان حكومة بيدرو سانشيز، قبل نحو عام، دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء باعتباره المقترح “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”. وشملت لقاءات توريس بالمسؤولين المغاربة، وزير النقل واللوجيستيك محمد عبدالجليل، ثم بمسؤولي الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمدينة الدار البيضاء.
سياسيا، تشكل هذه الزيارة مقدمة إيجابية للمضي قدما لالتحاق حكومة جزر الكناري بدعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية وترسيم الحدود البحرية المغربية مع إسبانيا على الأطلسي دون مشاكل.
وأشار رئيس جمعية التعاون المغربي – الكناري رافائيل إسبارزا ماشين في ندوة دولية نهاية فبراير الماضي، بالعيون جنوب المغرب، إلى أن مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا عموما وبين جزر الكناري والصحراء بشكل خاص يبشر بآفاق إيجابية وجديدة تتميز بتعزيز علاقات التعاون الثنائي، لاسيما بعد تغير الإطار المؤسساتي الذي ينظم الشراكة بين البلدين الجارين.
◙ جزر الكناري، وإسبانيا بشكل عام، اقتصادها وفرص التنمية فيها أصبحا مرتبطين بالشراكة مع المغرب
وأكدت فتيحة الكموري القنصل العام للمملكة المغربية بجزر الكناري أن التقارب بين المغرب وإسبانيا يعززه القرب الجغرافي بين الصحراء المغربية وجزر الكناري، بالإضافة إلى أنه يشكل مرحلة لاستحضار جهود الدبلوماسية المغربية، وتعزيز علاقات ثنائية اقتصادية وسياسية على جميع المستويات.
وكان توريس قد عبر في السابق عن خشيته من أن يؤدي توسيع المغرب لحدوده البحرية إلى التضييق على المجال البحري الحالي لإقليم الكناري، كما ظل يضغط على حكومة سانشيز من أجل ضمه أو أحد أعضاء حكومته إلى الوفد رفيع المستوى الذي شارك، بداية شهر فبراير الماضي، في الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي الرباط ومدريد، من أجل مناقشة هذا الملف.
واعتبر الطيار أن معادلة رابح – رابح المغربية تدعم التعاون التجاري والاقتصادي مع جزر الكناري، وتشجع المسؤولين هناك لتجاوز الافتراضات الخاطئة تجاه المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء، موردا أن رسم الحدود البحرية ملف مطروح بشكل كبير، وبفضل العلاقات مع إسبانيا التي اتخذت مسارا مهما وحيويا لا بد وأن هذا الملف سيتخذ طريقه إلى الحل بالشكل الذي يرضي الجميع لترسيخ التعاون البيني.