رهانات أميركية على الشراكة مع المغرب في منطقة تشهد تدافعا دوليا

ماموني

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي يزور الرباط حاليا بقوة الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة، خاصة على المستويات الأمنية والاقتصادية والدفاعية، معربا عن أمله في تعزيز هذه الشراكة مستقبلا.

وهذه ثاني زيارة يقوم بها وفد من الكونغرس الأميركي إلى المغرب في أقل من شهر، ما يعكس حرصا مؤسساتيا أميركيا على البناء على الإيجابية التي تشهدها العلاقات المغربية – الأميركية خلال السنوات الأخيرة.

ويرى متابعون أن المغرب يشكل ركيزة أساسية في المنطقة، وأن الولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى تعزيز العلاقات مع المملكة، لاسيما في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة، ودخول الصين وروسيا بقوة على خط المنافسة في أفريقيا.

والتقى الوفد الأميركي الذي يمثل الحزب الديمقراطي خلال زيارته إلى الرباط برئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، ورئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) رشيد الطالبي العلمي، فضلا عن عدد من المسؤولين المغاربة.

 

خالد الشرقاوي السموني التعاون الثنائي يشمل منطقة الساحل والصحراء
خالد الشرقاوي السموني: التعاون الثنائي يشمل منطقة الساحل والصحراء

 

وأكد عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا سالود كارباخال على قوة الشراكة المغربية – الأميركية، لاسيما المتعلقة بالمجالات الأمنية والاقتصادية والعسكرية.

ولفت كارباخال إلى أن “العالم يواجه العديد من التحديات المستقبلية، على غرار تغير المناخ، وأعتقد أننا نتقاسم الكثير من الآراء حول سبل حل هذه الإشكالية، وذلك بفضل الطاقات المتجددة”.

وشدد عضوا الكونغرس أدريانو إسبايلات (نيويورك) وسيلفيا غارسيا (تكساس) على الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في المنطقة، مؤكدين على استعداد بلادهما لمواصلة التعاون الثنائي مع المملكة التي تعتبر شريكا عريقا للولايات المتحدة، مشيدين بالمستوى المتميز للعلاقات التي تجمع المغرب والولايات المتحدة.

وكان رئيس الحكومة المغربية استعرض مع أعضاء الكونغرس مجموعة من برامج ‏التعاون التي تغطي العديد من المجالات الحيوية وسبل توسيعها، مؤكدا على الرغبة ‏المشتركة لتعزيز هذه الدينامية بإسهام القوى الحية في البلدين.

وقال خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية إن العلاقات المغربية – الأميركية باتت ذات أبعاد جيوسياسية بالنسبة إلى واشنطن، حيث هناك تنازع وتصادم كبير مع روسيا والصين في أفريقيا.

وكانت الولايات المتحدة عبرت في القمة الأفريقية – الأميركية الأخيرة عن رغبتها في العودة بقوة إلى أفريقيا التي أصبحت مجالا خصبا للاستثمارات الصينية بحوالي 160 مليار دولار، مقابل 50 للولايات المتحدة، وهي مجال إستراتيجي حيوي بالنسبة إلى روسيا.

ويرى شيات في تصريحات لـه أن المغرب يعتبر محطة أساسية لمواجهة روسيا والصين اقتصاديا وعسكريا، مبرزا أن هذه المتغيرات حركت المؤسسات الأميركية في زيارات متزامنة ومتعددة، سواء في ما يتعلق بالجوانب العسكرية أو المرتبطة بالسياسة.

وأشار الباحث المغربي إلى أن للمغرب رغبات مماثلة في ما يتعلق بالدعم الأميركي في قضية الصحراء المغربية وتنمية الاستثمارات في المملكة خاصة في الأقاليم الجنوبية وعلى مستوى الموازنة مع أوروبا خاصة وأن مجموعة من الدول الأوروبية في حالة تنافر مع المصالح المغربية كما هو الحال بالنسبة إلى فرنسا.

وتربط واشنطن والرباط‏ شراكة إستراتيجية مند ‏عام 2012 مبنية على الحوار السياسي المنتظم والمتنوع، والعلاقات ‏‏الاقتصادية التي يؤطرها اتفاق التبادل الحر، بالإضافة إلى مجموعة من الاتفاقيات ‏‏وبرامج التعاون في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والأمنية. ‏

وتأتي زيارة الوفد الأميركي بعدما قام رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي بلقاءات مكثفة مع المسؤولين المغاربة في الأيام القليلة الماضية، حيث أكد أن المملكة شريك وحليف كبير للولايات المتحدة، وبلد مستقر للغاية في قارة ومنطقة تحتاج إلى الاستقرار.

وذكر أخنوش بالموقف الهام للولايات ‏المتحدة تجاه قضية الصحراء، بعدما اعترفت واشنطن في ديسمبر ‏‏2020 بسيادة المملكة على صحرائها، وقررت فتح قنصلية لها في مدينة ‏الداخلة.

وفي اطار بناء شراكة قوية وطموحة ومتنوعة، تَعزز التعاون الثنائي في مجال الدفاع بشراكة عسكرية إستراتيجية تنظمها ترسانة قانونية هامة، من بينها على الخصوص خارطة الطريق للتعاون في مجال الدفاع 2020 – 2030 الموقعة في أكتوبر 2020.

وأكد خالد الشرقاوي السموني مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية أن اللقاءات المتعددة بين المسؤولين المغاربة والأميركيين آخرهم وفد الكونغرس، يؤشر على عمق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات، والتي تكتسي أهمية بالغة على المستوى الجيوسياسي لتمتين علاقات التعاون الثنائي المتميز على المستوى السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري، وذلك لتوطيد الأمن والاستقرار الإقليميين بمواجهة التهديدات والتحديات الأمنية المرتبطة بالمجموعات الإجرامية وأيضا المقاتلين في التنظيمات الإرهابية عبر المنافذ الحدودية، خاصة بمناطق الصراعات بأفريقيا.

ولفت الشرقاوي في تصريح لـه إلى أن التعاون الثنائي يشمل منطقة الساحل والصحراء التي تنشط فيها خلايا وتنظيمات إرهابية متعددة، مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وولاية الدولة الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: