يعكس منع قيادة جبهة بوليساريو للتظاهر في مخيمات تندوف، و”إن تطلب الأمر استعمال القوة”، ما تعيشه المخيمات من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تسعى الجبهة الانفصالية لطمسها بعد تزايد حركات الاحتجاج داخلها.
ووجهت “وزيرة الداخلية” في جبهة بوليساريو رسالة إلى “المسؤولين عن المخيمات تحثهم على التصدي للتجمهر بجميع أشكاله، ومنح جميع الصلاحيات للميليشيات من أجل التدخل الفوري وإعطائها الضوء الأخضر للتدخل المباشر ضد أي شكل من أشكال التجمهر أيا كانت طبيعته”.
ويأتي هذا القرار بحسب منتدى داعمي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف المعروف باسم “فوراستين” بعد توالي الاحتجاجات وإعلان عدد من الفئات الانضمام إلى حملة التظاهرات السائدة بالمخيمات.
وعلق خالد السموني الشرقاوي مدير مركز الرباط للدراسات في تصريح لـه بأن “تضييق ميليشيات بوليساريو على حرية التظاهر داخل المخيمات ومنع الزيارة في وجه الجمعيات الحقوقية العالمية والإقليمية للوقوف على حقيقة الوضع الحقوقي، هي محاولة للتستر على تورُّط قادة الجبهة الانفصالية في قضايا يُجرّمها القانون الدولي وتتمثل في الاستغلال والعنف الجنسي، والتعذيب والإتجار بالأطفال”.
ولفت السموني الشرقاوي إلى أن “سكان مخيمات تندوف يعانون من الفقر واليأس والحرمان، ومن خرق منهجي لحقوقهم الأساسية، ويسكنون في الخيام، ولا يتوفرون على المياه الصالحة للشرب، ويفتقرون إلى مقومات الحياة المدنية المتحضرة، وإلى تعليم حديث ومتقدم”.
وعلى مدى قرابة خمسة عقود لا تزال مخيمات تندوف بالجنوب الغربي للجزائر تعيش على وقع فوضى قانونية غير مسبوقة في تاريخ مخيمات اللجوء، حيث يعيش آلاف من الصحراويين في ظروف غير إنسانية تحت الخيام أو بيوت طينية ويعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الدولية للضروريات الأساسية، بينما تتولى قيادة جبهة بوليساريو تسيير المخيمات بدل البلد المضيف خلافا لقواعد القانون الدولي وبعيدا عن أعين الرقابة الدولية.
ويؤكد المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كانت ولا تزال سائدة على مدى أربعة عقود في مخيمات تندوف، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء والخطف والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب والترهيب والمعاملة القاسية والمسيئة، والكتابة بأدوات حادة على أجساد الضحايا، والاغتصاب وغيرها من أشكال الانتهاكات”.
واتهم محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد في تصريح لـه زعماء الجبهة بـ”مراكمة الثروات على حساب معاناة سكان المخيمات، ونهب المساعدات الدولية”.
ولفتت كريمة غانم رئيسة المركز الدولي للدبلوماسية إلى مسؤولية البلد المضيف، دولة الجزائر، بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف للاجئين تجاه سكان مخيمات تندوف، واصفة الوضع بالاستثنائي وغير المقبول والذي لا يخضع لقواعد القانون الدولي وخصوصا اتفاقية جنيف للاجئين وشروطها، في غياب تام لأبسط شروط الحماية بدءا من تفويض كامل لكل صلاحيات البلد المضيف وتنازله عن كل الاختصاصات.