اختراق مغربي جديد في قلب أوروبا: النمسا تؤيد مقاربة الرباط لحل قضية الصحراء

ماموني

أكد المستشار النمساوي كارل نيهامر، الذي يقوم بزيارة إلى المغرب، أن بلاده تعتبر مخطط الحكم الذاتي للصحراء “مساهمة جادة وذات مصداقية” في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، باعتباره أساسا لحل مقبول لدى كافة الأطراف.

ويأتي الاعتراف النمساوي بواقعية مقاربة الحكم الذاتي كاختراق مغربي جديد في موضوع الصحراء، وهو اختراق آخذ في التوسع إقليميا ودوليا، ما يقود إلى جعل هذه المقاربة عنوان التحرك الدولي المستقبلي لحل قضية الصحراء المغربية، وهو ما سيؤدي إلى المزيد من عزل بوليساريو ومن ورائها الجزائر وإفشال خططهما لإدامة الأزمة.

وأكد المغرب والنمسا، في إعلان مشترك صدر عقب اجتماع عقد الثلاثاء بالرباط بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش والمستشار النمساوي، دعمهما لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، وسعيه لمواصلة العملية السياسية الهادفة إلى تحقيق “حل عادل ودائم وسياسي ومقبول لدى الأطراف”، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

 

ناصر بوريطة: المغرب بدأ منذ سنوات بالاقتراب من الدول الموجودة في وسط وشرق أوروبا
ناصر بوريطة: المغرب بدأ منذ سنوات بالاقتراب من الدول الموجودة في وسط وشرق أوروبا

 

وانضمت النمسا بهذه الخطوة إلى عدد متزايد من الدول الأوروبية والعربية والأفريقية في التعبير عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في 2007 ويقضي بمنح إقليم الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.

وأشاد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة برغبة النمسا في مواصلة دعمها القيم لبعثة المينورسو، وهو ما يعزز وجود إرادة قوية لتطوير العلاقات المغربية – النمساوية في مختلف المجالات، الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية، مع تطوير التعاون الأمني لمكافحة التطرف والإرهاب.

ويقول مراقبون سياسيون إن وضوح مقاربة الحكم الذاتي وواقعيتها، وخاصة تمسك المغرب بها، ليس فقط كآلية للتفاوض، ولكن كمعادل لبناء علاقات شراكة متينة، كل هذا ساهم في اقتراب الكثير من الدول من موقف المغرب ودعمه وتحويله إلى سياسة رسمية.

ونجح المغرب في جلب إسبانيا إلى صفه، وقبلها ألمانيا والولايات المتحدة، بعدما اعتمد موقفا صلبا في إدارة الملفات التي تتعلق بقراره السيادي وأمنه القومي، ما ساهم في تغيير الوضع إلى فرصة سيستفيد منها في علاقاته الخارجية، وهذا ما جعل مراقبين مغاربة يؤكدون أن الحكومة النمساوية استطاعت قراءة التحولات التي تطرأ على جنوب المتوسط، الأمر الذي جعلها تختار الجانب الصحيح من التاريخ.

وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، في تصريح لـه أن “موقف النمسا من مقترح الحكم الذاتي ينسجم مع طبيعة العلاقات العريقة والقديمة التي تربطها بالمغرب، ويعد موقفا صريحا يضاف إلى مواقف العديد من الدول العريقة والوازنة كألمانيا وإسبانيا وغيرهما من دول أوروبا التي أعلنت صراحة وبلا مواربة عن احترامها لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وكذلك عن دعمه في مساعيه لحل النزاع المفتعل من طرف النظام الجزائري”.

ويبدو أن النمسا استوعبت مدى الأهمية الكبرى التي يحظى بها هذا الملف عند المغرب وأيضا مدى ارتباطه بالاستقرار والسلم في المنطقة، حيث أكد المستشار النمساوي على أهمية دور المغرب كداعم للنمو والتنمية في أفريقيا.

 

محمد الطيار: موقف النمسا امتداد لمواقف دول أوروبية عريقة ووازنة
محمد الطيار: موقف النمسا امتداد لمواقف دول أوروبية عريقة ووازنة

 

ويتماشى التعاطي النمساوي مع هذا الملف من منظور واقعي وعملي مع الشرط الجوهري الذي وضعه العاهل المغربي الملك محمد السادس، فيما يتعلق بتوضيح المواقف بخصوص مغربية الصحراء، حين شدد في خطاب ثورة الملك والشعب، في أغسطس الماضي، على أن ملف الصحراء “هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

وفيما يتعلق بتبادل المصالح السياسية والاقتصادية بين المغرب والدول الأوروبية التي تدعم الطرح المغربي في موضوع الصحراء، بالإضافة إلى موقع المغرب كشريك للاتحاد الأوروبي وفاعل محوري في أفريقيا، أكدت النمسا مجددا على التزامها بالمساهمة في تقوية الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي على جميع الأصعدة.

وأشار بوريطة في مؤتمر  صحفي، عقب استقباله نائب الوزير الفيدرالي للشؤون الأوروبية والدولية النمساوي بيتر لونسكي، إلى وجود رغبة في تطوير العلاقات الثنائية من منطلق أن تكون النمسا أرضية للمغرب للوصول إلى سوق شرق أوروبا والبلقان، وأن يكون المغرب مدخلا للنمسا للولوج إلى السوق الأفريقية بالدرجة الأولى.

وأثنت النمسا على الإصلاحات الواسعة التي أطلقها المغرب بقيادة الملك محمد السادس، والهادفة إلى جعل المجتمع والاقتصاد المغربيين أكثر انفتاحا وفاعلية.

وأعرب البلدان عن ارتياحهما لجودة العلاقات التي تجمع البلدين والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة دينامية قوية وتقدما مطّردا، ولاسيما بفضل النموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة، وكذلك تمكين النساء والتنمية المستدامة.

واعتبر بوريطة أن زيارة المستشار النمساوي والوفد المرافق له بمثابة قفزة نوعية جديدة في العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية والنمسا، في إطار تنويع الشراكات.

ولفت إلى أن المغرب بدأ منذ سنوات بالاقتراب من الدول الموجودة في وسط وشرق أوروبا، بهدف تنويع الشراكات داخل الاتحاد الأوروبي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: