فتحت قلة اليد العاملة بالإقليم الفلمنكي شمالي بلجيكا سنة 2019 الباب أمام الشركات من أجل جلب العمّال من خارج الاتحاد الأوروبي، عبر منحهم عقود عمل عن كل منصب شاغر في الوظائف التي يحتاجون إليها، والمتعلّقة في الغالب بأعمال البناء والسباكة والسياقة والتنظيف.
غير أن هذا الباب تم استغلاله منذ ذلك الحين من خلال الاتجار بهذه العقود واستغلالها في عمليات للهجرة غير النظامية، وفق ما كشفته تحقيقات باشرتها السلطات البلجيكية بتنسيق مع سفاراتها وقنصلياتها في الدول المستهدفة لجلب اليد العاملة، ومن بينها المغرب.
في هذا السياق، كشفت صحيفة “ذا ستاندارد” البلجيكية أن مجموعة من القنصليات أبلغت الحكومة الفدرالية باحتيال محتمل الصيف الماضي في مئات ملفات الهجرة عن طريق هذا النوع من العقود من تركيا والمغرب.
وفي تقرير توصّل به مكتب الهجرة ووزارة الشغل الفلمنكية من القنصلية البلجيكية في الرباط، في أكتوبر الماضي، أكد حظرها 80 ملفاً مشبوهاً، ما دفع السلطات البلجيكية إلى التحقيق مع الشركات المعنية بطلب هؤلاء “العمّال المفترضين” من المغرب.
وحسب الصحيفة ذاتها فإن العديد من الأشخاص يستخرجون عقود عمل عبر شركات ووكالة متخصصة في التوظيف بغرض الاتجار بها عبر بيعها للرّاغبين في الهجرة نحو بلجيكا من مختلف الدول خارج الاتحاد الأوروبي، كالمغرب، لاسيما أن هذه العقود تتيح للمستفيدين منها إمكانية إحضار أسرهم في ما بعد.
وأكد المنبر ذاته أنه ثبت بعد عدّة تحرّيات أن الشركات المتورّطة لا تملك في الأصل وظائف شاغرة، مشيرا إلى أن إحدى الشركات في مدينة أنتويرب طلبت عشرة سائقين عبر النظام ذاته، بينما لا تتوفّر إلا على عربة توصيل واحدة في أسطولها.
في سياق متّصل، باشرت وزارة الإسكان الفلمنكية تحقيقات لرصد مستفيدين من السكن الاجتماعي أو ما يسمى “السوشيال” -وهي منازل إيجار مدعومة من الحكومة الفدرالية- دون أن تتوفّر فيهم الشروط، التي من بينها عدم امتلاكهم أكثر من مبلغ محدّد في حسابهم البنكي أو عقارات، لاسيما خارج البلاد بالنسبة للمهاجرين وجاليات الدول الأخرى.
وأسفرت هذه التحقيقات، وفق الصحيفة ذاتها، عن اكتشاف 322 مستأجرا يمتلكون عقارات في الخارج خلال العامين الماضيين، من بين 677 مشتبها فيه ينتمي معظمهم إلى ثلاث دول، وهي المغرب 295 وتركيا 243 وإيطاليا 68.
لذلك، قرّر وزير الإسكان الفلمنكي، ماتياس ديبينيلي، تمديد عقود وكالات كانت وزارته تعاقدت معها للبحث عن ممتلكات مستأجري منازل السكن الاجتماعي في الخارج لمدة عام واحد، بعدما كانت هذه العقود ستنتهي في 14 مارس المقبل، لكشف المزيد من حالات الاحتيال المماثلة.