لا حديث اليوم في علاقات المملكة الخارجية إلا عن الأزمة المستفحلة مع فرنسا، التي دخلت منعطفا جديدا مع إصرار باريس على اللعب بكل الأوراق الممكنة، بما في ذلك تدخل الإعلام الذي يشن حملة ممنهجة ضد المغرب، بلغت حد التخويف منه.
في مشهد قل نظيره، مما يجعل مهمة تفكيك خيوط هذه الأزمة غير المسبوقة، الصامتة والناطقة في آن واحد، صعبة.
في هذا السياق، أفاد نبيل زكاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، لأسبوعية “الأيام” بأن خطاب البرلمان الأوروبي تجاه المغرب ما هو إلا ستار لسياسات ما بعد الاستعمار، بالنظر إلى أن التوتر بينهما ما هو إلا وجه لمشاحنة فرنسا ضد المغرب، فأيلولة المؤسسة الأوروبية إلى منبر تخوض فيه فرنسا معركتها السياسية ضد المغرب يعني أنها أخذت تحول تركيزها إلى حلفائها الأوروبيين بعدما لم تستطع اتخاذ سياسات لكبح جماح حركية المغرب واحتوائها.
وأضاف أن ذلك يعكس نوعا من الانحياز النفسي الثقافي لدى فرنسا يرى بأن السلوك السياسي الخارجي المستقل، أو الندي، أو حتى المتمرد، لا يمكن أن يكون قرين دولة صغيرة ومستعمرة فرنسية سابقة كالمغرب.
وقال سعيد الصديقي، خبير في العلاقات الدولية، إن العلاقات المغربية الفرنسية لم تكن مثالية دائما، بل كانت تشوبها أزمات متتالية، لا سيما على المستوى السياسي.
وأضاف أنه رغم احتمال استمرار هذه الأزمة لمدة معينة، ستعمل فرنسا كل ما في وسعها للحفاظ على مصالحها في كل من المغرب والجزائر.
وصرح الأستاذ الجامعي بفرنسا عبد الرحمان مكاوي، الخبير العسكري والاستراتيجي، بأن العقلاء والأصدقاء في فرنسا يسعون لتجاوز المواقف الغامضة للرئيس إيمانويل ماكرون، وبحث سبل ترميم العلاقات بين البلدين بشكل يضمن مصالحهما.
وشدد على أن الرباط تقف في سياق البحث عن حلول لإعادة العلاقات القوية والاستراتيجية بين البلدين، حاسمة في مطلبها بتطوير باريس موقفها من الصحراء المغربية، مع تفهمها الكامل للمصالح العديدة التي قدمها نظام الجنرالات في الجزائر للرئيس ماكرون في زيارته الأخيرة، إضافة إلى دعوتها إلى ترجمة موقفها الذي يتغير في الأمم المتحدة، المتمثل في دعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، من خلال إعلانات رسمية ومشاريع استثمارية، خاصة أن فرنسا تتوفر على أرشيف تاريخي مهم يؤكد مغربية الصحراء ويؤرخ لاقتطاعها العديد من المناطق من الصحراء الشرقية لصالح الجزائر المستقلة في سنة 1962.