يدور حالياً جدل حول وضعية المحامي المغربي محمد زيان المعتقل في سجن «العرجات» حيث يقضي عقوبة 3 سنوات حبسًا نافذًا، بدعوى رفعتها ضده وزارة الداخلية. فمن جهة تبدي أسرته قلقها حول حالته الصحية، ومن جهة ثانية تردّ إدارة السجون على ذلك بالنفي؛ بينما يحاول حقوقيون تكييف متابعته سياسيًا، نظرًا لمواقفه وتصريحاته خلال السنوات القليلة الماضية.
في هذا الصدد، أفاد مصدر صحافي أن النقيب زيان الذي كان يرأس «الحزب الليبرالي المغربي» قد انقطعت أخباره منذ ليلة الأربعاء 8 فبراير الجاري.
ونقلت صحيفة «الحياة اليومية» الإلكترونية عن أسرة المحامي قولها إنه لم يُجْرِ اتصاله المعهود لنهار أول أمس الخميس، حيث ظلت تنتظر حتى الساعة السادسة مساء دون أي خبر، معبّرة عن بالغ قلقها بخصوص وضعه.
وتابعت في التصريح ذاته أنها أصبحت تجهل مصيره، وما الذي يكون قد حدث له، حيث كان آخر تسريب حول وضعه الصحي ما جاء في بيان لإدارة السجون، الذي كشف إصابته بالإمساك نتيجة المرض على مستوى الأمعاء.
وكشف المصدر أن النقيب محمد زيان الذي شغل حقيبة وزارة حقوق الإنسان في التسعينيات خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، يعاني من المرض على مستوى الأمعاء، بالإضافة إلى أمراض أخرى مزمنة عاشت معه تتعلق بمرض القلب ومرض التهاب المفاصل الفقارية، وهي أمراض تتفاقم نتيجة البرد القارس، ونتيجة تقدم السن حيث يبلغ من العمر ثمانين سنة.
وسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن أعلنت تضامنها مع المحامي محمد زيان الذي حكم عليه استئنافياً بثلاث سنوات حبساً نافذاً «دون استدعائه ودون تمكينه من حقه في الدفاع عن نفسه»، حسب بيان الجمعية، التي قالت إن اعتقال المحامي المذكور جرى بطريقة مهينة وحاطّة بالكرامة الإنسانية، وطالبت بإطلاق سراحه وتمكينه من حقه في التمتع بالمحاكمة العادلة.
أما الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج فقد نفت تدهور محمد زيان المعتقل في سجن «العرجات» ومنعه من التواصل مع عائلته. وأوضحت في بيان أوردته وكالة الأنباء المغربية، أن انقطاع الاتصال بين زيان وعائلته، يعود لتعطل الهاتف والإنترنت بالسجن المحلي «العرجات 1» الخميس بصورة مؤقتة، نتيجة عطب حصل في الشبكة الهاتفية خارج المؤسسة، مما حال دون اتصال السجناء بذويهم.
وانتقدت إدارة السجون ما وصفته بـ»اختلاق السيناريوهات في محاولة للتأثير على مسار قضية النقيب الزيان أمام القضاء»، مشيرة إلى أنها «تحتفظ لنفسها بكامل حقها في سلك كافة المساطر القانونية في مواجهة الممارسات غير المسؤولة وغير المحسوبة التي تهدف إلى تضليل الرأي العام، وتحاول الركوب على ملف السجين المعني».
وعرف النقيب بكونه انتُدب عام 1992 محامياً للحكومة المغربية في مواجهة محاميي القيادي النقابي الشهير الراحل نوبير الأموي الذي توبع نتيجة وصف وزراء باللصوص في حوار أجرته معه صحيفة «إلباييس» الإسبانية.
وكان الوكيل العام للملك (المدعي العام) لدى محكمة الاستئناف (درجة ثانية) في الرباط قد أعلن في نوفمبر عن تأييد الحكم الابتدائي (درجة أولى) الصادر في حق المحامي محمد زيان، والقاضي بإدانته ومعاقبته بثلاث سنوات حبساً نافذاً، وغرامة نافذة قدرها 5000 درهم (488 دولاراً أمريكياً) بالإضافة إلى تعويضات مدنية للمطالبين بالحق المدني.
وأوضح أن محكمة الاستئناف أمرت بإلقاء القبض على المعني بالأمر وإيداعه السجن، بناء على ملتمس تقدمت به النيابة العامة في إطار المادتين 392 و414 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما جرى فعلاً.
ويأتي قرار المحكمة، وفق بيان المدعي العام، بعد توجيه مجموعة من التهم إلى المعني بالأمر، تتمثل في «جرائم إهانة رجال القضاء وموظفين عموميين بمناسبة قيامهم بمهامهم بأقوال وتهديدات بقصد المساس بشرفهم وبشعورهم وبالاحترام الواجب لسلطتهم، وإهانة هيئات منظمة، ونشر أقوال بقصد التأثير على قرارات القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن وتحقير مقررات قضائية، وبث ادعاءات ووقائع كاذبة ضد امرأة بسبب جنسها، وبث ادعاءات ووقائع كاذبة بقصد التشهير بأشخاص عن طريق الأنظمة المعلوماتية، والتحريض على خرق التدابير الصحية عن طريق أقوال منشورة على دعامة إلكترونية، والمشاركة في الخيانة الزوجية، والمشاركة في إعطاء القدوة السيئة للأطفال نتيجة سوء السلوك، والمشاركة في مغادرة شخص للتراب الوطني بصفة سرية، وتهريب مجرم من البحث ومساعدته على الهروب، والتحرش الجنسي».
حقوقيون منضوون تحت لواء «الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حريّة التعبير» يرون أن محاكمة محمد زيان واعتقاله سياسيان، ولذلك يطالبون بـ«الإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير»، معبرين عن أملهم في توقّف ما سمّوه بـ»اعتقالات الرأي والتضييق على حرية التعبير».