وجهت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية من خلال تقرير نشرته الخميس، اتهامات إلى المخابرات الفرنسية بالسعي لإحداث القطيعة في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، على خلفية إجلاء الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي من تونس إلى فرنسا، مؤكدة أن من المؤسف رؤية ما تم بناؤه بين رئيسي البلدين لفتح صفحة جديدة ينهار، فيما يبدو أنه تصعيد جزائري ضد باريس ينبئ بالمزيد من تدهور العلاقات.
وقال التقرير “لم تعد المصالح الفرنسية تخفي مناوراتها، بل أضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار، وها هي اليوم على وشك بلوغ هدفها المتمثل في إحداث القطيعة في العلاقات الجزائرية – الفرنسية”.
ولا يستبعد أن التقرير المنشور في وكالة الأنباء الجزائرية مدفوع من قبل المخابرات الجزائرية، التي لم تخف استياءها على ما يبدو من تمكن الناشطة المعارضة من الوصول إلى باريس عبر تونس، دون تمكن الأجهزة الأمنية الجزائرية من تعقبها أو إيقافها في فشل ذريع للمخابرات.
وأضاف “امرأة، ليست صحافية ولا مناضلة ولا تحمل أي صفة… يتم إجلاؤها إلى فرنسا، وفي ظرف 48 ساعة يتم استقبالها وتمكينها من التحدث في قنوات تلفزيونية عمومية، وذلك دليل على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة لخارجيتها (عملائها) وبات هدفها واضحا”.
وينذر الموقف الجزائري بعودة التوتر إلى العلاقات الجزائرية – الفرنسية، وذلك بعد أشهر على عودة الدفء إلى العلاقات عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر العام الماضي ومعانقته نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون عناقا حارا، في رحلة بدت أنها تطوي صفحة أعوام من العلاقات الصعبة.
وأدى رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة زيارة إلى باريس مؤخرا، حيث أمضى ثلاثة أيام لبحث مسائل حساسة مثل الأمن في الساحل الأفريقي. كما التقى بماكرون قبل زيارة مرتقبة لتبون إلى فرنسا هذا العام.
وتابع التقرير “ليعلم هؤلاء أن فرنسا إذا فكرت في تكرار سنة 2023 سيناريو ‘خليج الخنازير’، فإنهم قد أخطؤوا في العنوان”.
وعملية خليج الخنازير حدثت في 1960 عندما وافق الرئيس الأميركي السابق دوايت أيزنهاور على اقتراح وكالة المخابرات الأميركية بدعم المعارضة الكوبية ضد النظام الشيوعي الجديد في كوبا بزعامة فيدل كاسترو، لكنها فشلت في قلب نظام الحكم.
ويبدو أن استحضار العملية في تقرير وكالة الأنباء الجزائرية اتهام مبطن من قبل السلطات الجزائرية لفرنسا بالعمل على دعم جهود الانقلاب على النظام، فيما يبدو أنه تصعيد غير مسبوق بعد فترة من تطبيع العلاقات وطي صفحة الخلافات.
واسترسل التقرير “الجميع يعلم أنه يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية – الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين و’خبارجية’ وبعض المسؤولين على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري لا يخفون ولعهم وتبجيلهم للمخزن (النظام المغربي)”.
وختم التقرير “إنه لمن المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار وحدوث القطيعة لم يعد بعيدا على ما يبدو”.
وأكدت الناشطة أميرة بوراوي في حوار عبر قناة “تي.في 5” الفرنسية أنها تمكنت من السفر إلى باريس بعد أن أعلمت السلطات التونسية السفارة الفرنسية بالموافقة على السفر.
وكان تبون أمر الأربعاء باستدعاء سفير الجزائر في فرنسا، فورا للتشاور، بسبب قضية الترحيل القسري والسري للناشطة أميرة بوراوي، وهي العملية التي أدانتها بشدة الخارجية الجزائرية وتقدمت على إثرها بمذكرة احتجاج للسلطات الفرنسية.
ونددت الخارجية الجزائرية الأربعاء بشدة “انتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية”.
وقالت إن “هؤلاء شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري”.
كما استنكرت الخارجية ما اعتبرته تطورا “غير مقبول ولا يوصف”، مشيرة إلى أنه “يسبب ضررا كبيرا للعلاقات الجزائرية – الفرنسية”.