تتشكك الكتل النيابية المعارضة في البرلمان المغربي في جدوى التطمينات التي تقدمها حكومة عزيز أخنوش بشأن السيطرة على الوضع الاقتصادي بالبلاد، في ظل استمرار ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، والذي بات يلقي بظلاله على شريحة واسعة من المواطنين.
وتقدمت الكتلة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بسؤال لوزيرة الاقتصاد والمالية “حول التدابير التي تم اتخاذها من أجل التخفيف من حدة غلاء الأسعار، والإجراءات التي جرى اتباعها من أجل مراقبة وضبط وزجر الممارسات غير المشروعة التي تنطوي على تلاعبات بأوزان وجودة المواد الاستهلاكية”.
وأكد رشيد حموني رئيس كتلة حزب التقدم والاشتراكية أنه ينبغي على الحكومة اتخاذ تدابير مستعجلة لدعم القدرة الشرائية للمغاربة حفاظا على الاستقرار، في ظل الاستنزاف الكبير الذي يعانيه المواطنون، بسبب وطأة الغلاء الذي لا يُمكنُ تبريره فقط بتقلبات السوق الدولية واختلال سلاسل التوريد، بقدر ما يتعين على الحكومة الالتفات إلى اختلالات المضاربات والاحتكار والزيادات غير المشروعة في الأسعار، فضلا عما يجري من تلاعب بالجودة والكميات والأحجام.
ودعت جمعيات حماية المستهلك الحكومة إلى تفعيل مضامين القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، من خلال إقرار “تدابير استثنائية” من شأنها احتواء “لهيب الأسعار” في الأسواق.
وبررت الحكومة الغلاء سواء في أسعار الخضر أو اللحوم بتقلبات الطقس في الأسابيع الماضية، مؤكدة أنه يتم العمل على تنظيم قنوات التوزيع للحد من تحكم الوسطاء في الأسواق المغربية.
واتهم تكتل حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض الحكومة بعدم التدخل من أجل وضع حد لارتفاع أسعار المحروقات، الذي قال إنه يتسبب في ارتفاع باقي المواد الأساسية الأخرى منها الخضر والفواكه وغيرها، وفي ردها أبرزت وزيرة الاقتصاد أن الحكومة تفاعلت مع ارتفاع الأسعار، سواء المواد الأساسية أو المحروقات وأن أثمان الأخيرة لا تدخل ضمن اختصاصات وزارتها.
وطالب إدريس السنتيسي رئيس تكتل حزب الحركة الشعبية أعضاء الحكومة بأن يطبقوا مبدأ التضامن الحكومي في الرد على أسئلة النواب، في حال ما إذا كان هناك تداخل في اختصاصات القطاعات الحكومية، مضيفا “نحن أمام مسألة سياسية تطرح سؤال: هل الحكومة قادرة على تفسير هذه الزيادات أم لا؟ وإذا كانت تتهرب من الجواب، فهذا يعني أن هناك مشكلة، كون الارتفاع الجديد في أسعار البنزين والغازوال تسبب في ارتفاع مهول في أسعار المواد الأساسية، مما يهدد السلم الاجتماعي”.
ورصدت الجريدة ارتفاع أثمان جميع المنتجات الغذائية والاستهلاكية في عدد من أسواق جهة فاس ومكناس، وشكوى عدد كبير من المواطنين الذين تأثرت وضعيتهم الاجتماعية، لاسيما الأسر ذات الدخل المالي المحدود.
وأكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الرباط، في تصريح لـه، أن استمرار ارتفاع الأسعار بهذا الشكل يدفع إلى تأجيج الوضع أكثر خاصة أن المتضرر الأكبر هي الأسر دون دخل قار والأسر ذات الدخل البسيط، في ظل ترك المجال للمضاربة في الأسواق فمن غير المستبعد أن يخرج المواطن في احتجاجات قد تشل الحركة الاقتصادية خاصة إذا ما انخرطت فيها مختلف الفئات المتضررة.
وأكد بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن مضاربين يحتكرون الخضر والفواكه ويستفيدون في ذلك من العامل المناخي الذي يؤدي إلى قلة بعض المنتجات قصد رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه.
واعتبر البرلماني عبدالرحيم بوعيدة أن الزيادات الحالية لا مبرر لها، والأعذار التي تقدمها الحكومة لم تعد مجدية، وأن الشعب يعاني بمختلف فئاته وطبقاته، مطالبا الجهات المسؤولة بالتحرك ووضع تصور شامل للخروج من الأزمة، وأن تتحمل الحكومة والأحزاب والنقابات مسؤوليتها، و”إلا فإننا ندفع بالمواطن نحو أزمة خطيرة جدا”.
وتُقرّ الحكومة بضرورة تقليص نفوذ الوسطاء في السوق المغربية، حيث أكد محمد صديقي وزير الزراعة، في لقاء مع الصحافيين بمعرض “آليوتيس” بأكادير الجمعة الماضي، على ضرورة مكافحة احتكار المنتجات الغذائية من طرف الوسطاء، وأن يكون المشتغلون في مجال الوساطة معروفين، وذلك بهدف تسهيل مهمة ضبط مجال تدخلهم من طرف السلطات المعنية، بما يُفضي إلى خفض الأسعار التي تُباع بها المنتجات الغذائية إلى المستهلك المغربي.
وقالت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إن وزارة التجارة هي المكلفة بعملية المراقبة وفقا للقانون، لكنها لا تتوفر سوى على 80 عنصرا مكلفا بهذه المهمة، وهو رقم هزيل جدا ولا يمكن أن يلبي طموحات الحكومة في المراقبة.