تحقيق : مخيمات تندوف الحديقة الخلفية لغسيل أموال حزب الله البناني وتمول الارهاب
بوشعيب البازي
أوردت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا مفصلا، عن أنشطة مشبوهة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، يتم تنسيقها من إسبانيا وتجري تفاصيلها في مخيمات تندوف تحت رعاية عسكر الجزائر وتمتد إلى لبنان عبر حزب الله. ويتعلق الأمر بحسب الصحيفة بما يسمى بالحوالة. وهي نظام بنكي موازي يعمل على هذا النحو. ففي غضون ساعات يتم إيداع مبلغ في أوروبا يتم استخلاصه في أماكن أخرى والعكس صحيح، دون أن تتحرك هذه النقود حقا. ودون أن يتم تسجيل مصدر الأموال واسم المرسل أو المستلم. وأظهر التقرير أن هذه العمليات التي تتم بعيدا عن أي رقابة مالية هي تجارة يوجد على رأسها شخص اسمه أحمد عبد الرحمان الذي يربط أوروبا بإفريقيا والشرق الأوسط عبر رمز رقمي وكلمة سر. فعدم الكشف عن هوية أصحابها يجعل الحوالة الأداة المفضلة لعصابات المافيا، التي تستخدمها لغسيل أموال المخدرات، وللمنظمات الإرهابية التي تستخدمها لتمويل هجماتها. وهو ما يجعل نحو 200 مليار دولار تتدفق من خلال هذا النظام البنكي الموازي حول العالم سنويا، بحسب وزارة المالية الألمانية. ففي ألمانيا، لم يتم تجريم طريقة الدفع هذه إلا في 2018.
ولأن هذه الأنظمة القائمة على تقاليد قديمة غير مكتوبة بل تستند على العرف فقط، فإنه من الصعب اكتشافها على الإطلاق. وقد تمكن أحمد عبد الرحمان المقيم في إسبانيا وشريكه التجاري وصديقه من أيام الدراسة الجامعية عزمان محمد محمادو من خلق شبكة محورها أوروبا ومخيمات تندوف والشرق الأوسط. وفي الجزائر، يشرف أحد أقارب أحمد عبد الرحمن على أعمال الشبكة. في غضون عام ونصف من العمل الاستقصائي، تعقب فريق تحقيقات أمنية بحسب الصحيفة الألمانية شبكة الحوالة الخاصة بأحمد عبد الرحمن الذي درس في ليبيا ويقيم في إسبانيا منذ 2007. وتم مؤخرا تسليم المعلومات المجمعة للفرقة المالية بالحرس المدني غوارديا سفيل. ويتفاخر رأس الشبكة وشريكه اللذان لهما اتصالات جيدة مع الجيش الجزائري بحسب دي فيلت، بكونهما قادرين على إنجاز حوالات تصل إلى 50000 يورو في أي مكان وفي أي وقت. وهما بصدد توسيع أعمالهما حتى يتمكنا من إنجاز “تحويلات” أعلى. وتوصل المحققون الماليون إلى وجود تحويلات مالية باسم “Tires” من العديد من الدول الأوروبية ، بما فيها ألمانيا وبلجيكا، وفرنسا وبريطانيا، ومن دول الخليج أيضا إلى المخيمات في تندوف. بالإضافة إلى ذلك ، صرح أحمد عبد الرحمن لأحد العملاء أنه يمكنه له نقل الأموال من وإلى لبنان في أي وقت. يشار إلى أن فروع بنكه الموازي هم أصحاب أعمال غير مثيرة مثل بائعي الخضار والجزارين أو محلات الكمبيوتر.
ووفقًا للمحققين، فتح أحمد وشريكه حسابات خاصة في بنوك أوروبية مختلفة، يحول إليها عملاؤهما مبالغ مالية ويمكن لآخرين استخلاصها في أماكن أخرى والعكس صحيح.
هذا مفيد بشكل خاص للمجرمين، الذين يمكنهم غسل الأموال التي تحصلوا عليها من خلال جرائمهم عن طريق إيداعها نقدًا بشكل مجهول، على سبيل المثال في لبنان أو الجزائر، ثم في أوروبا للقيام بأعمالهم دون إثارة الانتباه عن طريق التحويل المصرفي.
الحيازات النقدية لدار الحوالة في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط يمكن الموازنة فيما بينها – أو إذا لزم الأمر، يتم موازنتها عن طريق تهريب الأموال أو المجوهرات أو الساعات باهظة الثمن. واكتشف المحققون بطاقات بيزنس تحمل اسم “Tires” وترويج “خدمات الكمبيوتر” و “صرف العملات” بالعربية لها علاقة بمخيمات تندوف وما حولها. وقد أثار هذا الاكتشاف ناقوس الخطر لدى الخبراء المتخصصين في الإرهاب. لأن هذه المنطقة مخترقة من طرف تنظيمات إرهابية من القاعدة إلى تنظيم الدولة بحسب دي فيلت. كما أن أحد اللاعبين الرئيسيين على وجه الخصوص له امتداد في غرب إفريقيا وإلى خارجها: وتحديدا إيران، أكبر دولة راعية للجماعات الإرهابية في العالم بحسب الصحيفة الألمانية. إذ تعمل طهران على تعزيز تواجدها المذهبي والعسكري في عدة مناطق من بينها مخيمات تندوف. وقد سبق للرباط أن اتهمت طهران بتزويد أعضاء البوليساريو بصواريخ أرض جو وطائرات بدون طيار. كما أقام حزب الله حليف إيران معسكرات في الجزائر لتدريب مقاتلي البوليساريو.
من جهتها تفترض الدوائر الأمنية أن الهجمات الإرهابية ضد المواطنين الغربيين على الأراضي الإفريقية سوف تزداد. وهو ما يسهل تنفيذها هناك بالنظر للوضع الأمني السيئ إلى حد ما، مقارنة مع أوروبا. ومع ذلك ، فإن تدريب ودعم الميليشيات المحلية يكلف الكثير من الأموال. وبسبب العقوبات الغربية، ليس لإيران وصول مباشر إلى النظام المالي الدولي.
من جهته يواجه حزب الله اللبناني وحليف إيران مشكلة الانهيار الجزئي للقطاع المصرفي ومؤسساته المالية الخاصة جراء الأزمة الاقتصادية اللبنانية والعقوبات المفروضة. كما يسعى الحزب للتستر على تمويله للإرهاب في إفريقيا قدر الإمكان. لذا يلجأ إلى شبكات الحوالة. ولم يثبت حتى الآن استخدام شبكة “Tires” من قبل حزب الله. ولكن هناك إرهاصات بذلك بحسب التحقيقات الأولية.
فمن يريد تحويل الأموال إلى تندوف، لا يمكنه القفز على أحمد عبد الرحمن ودار الحوالة التابعة له. وهو لا يخفي اعجابه بإيران وحزب الله وميلشيات البوليزاريو، بحسب ما أوردته صحيفة دي فيلت الألمانية.