قررت الجزائر رفع التجريم عن بعض أفعال التسيير، في خطوة لطمأنة رجال الأعمال وتحفيزهم على استثمار أموالهم بالبلاد، وتقديم ضمانات لتحسين مناخ الأعمال، بالموازاة مع حملة مفتوحة ضد الفساد أفضت إلى توقيف العديد من رجال المال والأعمال وسجنهم، لاسيما أولئك المحسوبين على منظومة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
وأكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الجمعة أنه تم رفع التجريم عن بعض أفعال التسيير، وهي رسالة صريحة لمسيري المؤسسات من أجل طمأنتهم على اتخاذ المبادرات الفردية في استثمار الأموال الخاصة والعمومية، وعلى حمايتهم من الملاحقات الأمنية والقضائية.
وشدد تبون، في الرسالة التي تلاها مستشاره التشريعي بوعلام بوعلام، في افتتاح الملتقى الدولي الموسوم بـ” دور المحامي في مرافقة الاستثمار وتسوية النزاعات “، على أن قانون الاستثمار الجديد وفر بيئة لتحسين مناخ الأعمال وإشاعة الثقة والتعاون لدى ملاك رأس المالي المحلي والخارجي.
وذكر الرئيس تبون “ينبغي أن يسود الاقتناع لدى المتعاملين الاقتصاديين سواء كانوا جزائريين أو أجانب بأن الجزائر قد عملت وستستمر في عملها على توفير كل اللبنات الأساسية لدعم الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وحمايته من أيّ شوائب قد تعوقه أو تقيد المستثمرين في إطار ممارسة نشاطاتهم وأعمالهم ببلادنا “.
وأضاف أن الاستثمار سواء كان داخليا أو خارجيا يعتبر من “الأولويات الإستراتيجية للجزائر في إطار التوجه الجديد الذي سلكته الدولة في هذا المجال بالنظر الى متطلبات التنمية وفي ظل المتغيرات الدولية التي لها انعكاسات مباشرة على اقتصاديات الدول”، لافتا إلى أن دستور نوفمبر 2020 خص الاستثمار بمكانة هامة في تحقيق التنمية وتنويع الاقتصاد الوطني وضمان استدامته.
وسجلت الجزائر تراجعا لافتا منذ العام 2014 في إقبال رأس المال الأجنبي لأسباب تضاربت بشأنها القراءات، لكن عدم الاستقرار السياسي الذي عاشته البلاد خلال السنوات الأخيرة كان عاملا رئيسيا في نفور هؤلاء، خاصة في ظل التداعيات التي تركتها حملة الحرب على الفساد التي أثارت مخاوف لديهم من المغامرة برؤوس أموالهم.
كما ساهمت بعض النصوص التشريعية التي كانت توظف لأغراض سياسية، على غرار المحافظة على السيادة الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة لقاعدة 51/49 التي تحفظ الأغلبية للسلطة العمومية، وحق الشفعة.. وغيرهما من النصوص، في تغير وجهة تلك الاستثمارات إلى بيئات أكثر شفافية ومردودية.
وأكد الرئيس تبون على أن الدولة أولت “أهمية للإصلاحات التي باشرتها الدولة لدعم الاستثمار، لاسيما على المستوى التشريعي والتنظيمي والإداري والمؤسساتي خصوصا في قطاعات المالية والبنوك والصناعة والفلاحة، وهذا لتحسين بيئة الاستثمار وزيادة جاذبيتها، خاصة بعد بلورة الرؤية الاستشرافية للاقتصاد الوطني بشكل أوضح في دستور نوفمبر 2020 الذي نص على حرية الاستثمار والتجارة والمقاولات”.
وتضمنت أجندة الملتقى الدولي عدة محاور سيتناولها المشاركون على غرار الاستثمار والطاقة والمنافسة، والاجتهاد القضائي في مجال الاستثمار، وتسوية النزاعات في مجال الاستثمار، فضلا عن الاستثمار في المناطق الإقليمية للتبادل الحر، والإطار القانوني الجديد المنظم للاستثمار في الجزائر، والنصوص التطبيقية المتعلقة به.
إقرأ أيضا
وركز قانون الاستثمار الجديد، الذي قدم العديد من المزايا والمحفزات للمستثمرين المحليين والأجانب، على معالجة النزاعات في مراحل متقدمة بعيدا عن الإضرار بالمصالح المشتركة للطرفين، وذلك من خلال تفعيل دور الوساطة والتحكيم والاستثمار والمحامي والرقمنة.
وقال الرئيس الجزائري “لا يخفى على أحد منكم أن القضاء هو الضمان الأساسي للحقوق والملاذ الأخير للمطالبة بها فلا يمكن أن يخلو أيّ مجال من المجالات من نشوب بعض النزاعات التي تدفع أطرافها إلى العدالة، وهم يتطلعون إلى دور حكم قضائي منصف وعادل، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتأتى إلا في ظل عدالة مستقلة نزيهة وذات كفاءة وضامن للأمن القضائي لمن يلجأ إليها”.
وأنشأت وزارة العدل محاكم تجارية متخصصة بغرض معالجة قضايا نزاعات الاستثمار، والتركيز على الفصل فيها، من أجل الإسهام في تحسين الأداء القضائي وإصدار أحكام قضائية ذات نوعية وفي أحسن الآجال المُمكنة، تحقيقا لمتطلبات السرعة التي تقتضيها طبيعة الأعمال التجارية وخصوصيتها والمنازعات الناجمة عنها.
كما تم تعزيز المحاكم المتخصصة بمساعدين لديهم تجربة واسعة في المسائل التجارية والمالية، ويمثلون كل القطاعات والهيئات ذات الصلة بالاستثمار، بما فيها تنظيمات رجال الأعمال الذين يشاركون في تسوية النزاعات المطروحة على القضاء بشكل تداولي، وهذا من شأنه طمأنة المستثمرين.