قال الصحفي بالعاصمة الأوروبية بروكسيل بوشعيب البازي إن المملكة المغربية قد انخرطت وبكل قناعة ومسؤولية في مسار تجويد وتأهيل نموذجها الديمقراطي، من خلال العديد من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والدستورية والحقوقية العميقة والجريئة، من أبرزها الإعلان عن هيئة الإنصاف والمصالحة لتحقيق المصالحة الوطنية.
وأوضح البازي في كلمة له عقب تهجم البرلمان الأوروبي على المغرب أن هذه الإصلاحات تكرست بإصدار دستور 2011 الذي أرسى فعليا مرتكزات دولة المؤسسات، وكرس مبدأ الاختيار الديموقراطي، وأقر منظومة من هيئات ومؤسسات دستورية معنية بحماية الحقوق والحريات والنهوض بها، حيث توج المغرب هذا المسار الإصلاحي بالانخراط الفعلي في منظومة حقوق الإنسان الدولية، والانفتاح الطوعي على الإجراءات الخاصة والتي توجت بزيارة العديد من المقررين الخاصين وفرق العمل بوتيرة متواصلة للمغرب، وكذا تقديم المملكة تقارير إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتفاعل مع آليات التظلم لدى مجلس حقوق الإنسان، والتفاعل الدائم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل.
واستغرب البازي بأن البرلمان الأوروبي ترك كل هذه المسارات والآليات الأممية التي تناقش مختلف الحالات التي اختار الحديث عنها، واستبدالها بخلق “حالة طوارئ استثنائية” مظهرها حقوقي للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وحقيقتها سياسية لا تخفى على أحد لتصريف مختلف الأزمات التي تحاصر البرلمان كتكتل سياسي واقتصادي أو كدول مستقلة في مواجهة تداعيات وباء كوفيد والحرب الدائرة في شرق أوروبا. أو خدمة لمصالح لوبيات تجد مصلحتها اليوم في مهاجمة المغرب وخوض حرب بالوكالة لصالح خصوم وحدته الترابية.
وطلب بوشعيب البازي من برلمانيي البرلمان الأوروبي التحلي ببعض التواضع والتخلي عن موقع الأستاذ الذي يحبون القيام به وتقديم الدروس للآخرين، وأن يعترفوا مع ذواتهم أن مظهر الرشوة الذي ظهر في منظومتهم هو منتوج خاص بهم ودلالة فساد قيمي ومؤسساتي عندهم يجب معالجته من داخل منظومتهم، لا البحث عن طرق لتصديرها للآخرين بتعال وتكبر.
وأضاف أنه إذا كان من الصعب عليهم التخلص من هذه الطبيعة الاستعلائية، فإنه يسعد الصحفيين المغاربة –أمام صحوة ضميرهم هذه- أن يذكرونهم ببعض القضايا الإنسانية التي كان من المفروض أن تحظى باهتمامهم مثل أن يصدروا قرارا بفتح تحقيق حول ما حدث بأوروبا خلال فترة كوفيد، لقد تركوا دولا مثل إيطاليا واسبانيا تواجه الوباء القاتل ومصيرها بأنانية مقيتة، وتركوا كبار السن يموتون بالمستشفيات ودور العجزة بدون أي إحساس بالذنب، وتحول بعضهم بدون حياء إلى قراصنة للدواء في الجو والبحر، و طردوا العديد من الأئمة الحاصلين على الجنسية بدون أي دليل قاطع يدينهم .
واعتبر أيضا أنه سيكون مفيدا أن يصدروا قرارا لحكوماتهم لإيقاف تصنيع الأسلحة وبيعها في العالم لسنة واحدة فقط وتخصيص ميزانياتها لمحاربة الفقر ومواجهة الأوبئة والتغيرات المناخية، هذه الأسلحة التي يصوتون عليها بدم بارد هي التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ في كل بقاع العالم وهي التي تخلق ملايين المهجرين واللاجئين.
وتابع أنه سيكون مفيدا أن يصدروا قرارات تطلب من حكوماتهم الاعتذار عن ماضيها الاستعماري الهمجي في كل بقاع العالم وخاصة في قارة إفريقيا، وعن استنزاف ثرواتها وامكاناتها التي بفضلها اغتنت قارتهم وما زالت تغتني، وأن تكون لهم الجرأة بأن يصدروا قرارات لتصحيح ما قامت به دولهم، تحت شعار الحرية وحقوق الإنسان، بالعديد من دول شمال افريقيا والشرق الأوسط خلال فترة الربيع العربي، والتي حولتها حكوماتهم إلى دول غير مستقرة تحت رحمة الحرب الأهلية والإرهاب والطائفية.
وفي الختام، أكد البازي أهمية الشراكة الأوروبية المغربية، وشدد على ضرورة استمرار العمل المشترك لتطويرها من أجل تعزيز ما تم بناؤه من علاقات الثقة المتبادلة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وأضاف قائلا: بقدر تثميننا انفتاح المغرب على المناقشة المؤسساتية المبنية على الشراكة والاحترام المتبادل لمختلف القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان والحريات وقضايا الأمن والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب، نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية ومحاولات استهداف المغرب وابتزازه من خلال التشكيك في اختياراته الديمقراطية والحقوقية واستهداف مؤسساته الدستورية وفي مقدمتها استقلالية السلطة القضائية.