بعثت الجلسة التي عقدها البرلمان المغربي الاثنين رسائل شديدة اللهجة إلى البرلمان الأوروبي وأكدت رفض كل المغاربة لقرار المؤسسة الأوروبية الذي انتقد وضع حرية التعبير في المغرب.
قرر البرلمان المغربي بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين) إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل، بعد جلسة مشتركة للمجلسين عقدت الاثنين، على خلفية المواقف العدائية الأخيرة الصادرة عن البرلمان الأوروبي ضد المغرب.
وأكد البرلمان “تَبْليغَ رئاسةِ البرلمان الأوروبي بمحضر هذه الجلسة متضمنا المواقف والمداخلات التي تقدم بها رؤساء وممثلو الفرق والمجموعات البرلمانية والبرلمانيون غير المنتسبين خلال هذه الجلسة، وتبليغ رئاسة البرلمان الأوروبي، أيضا، بالقرارات التي ستتخذ لاحقا”.
وأدان البرلمان المغربي بشدة “المحاولات العدائية للمساس بمصالح المغرب وصورته والعلاقات المتميزة والعريقة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي والمبينة على القيم والمبادئ المشتركة والمصالح المتبادلة، التي كان آخرها تصويت البرلمان الأوروبي على توصية بتاريخ 19 يناير”، مشددا على أن هذا القرار انحراف خطير وتجاوز غير مقبول لاختصاصات وصلاحيات هذه المؤسسة.اد الأوروبي حتى يعمل البرلمان الأوروبي على صياغة قرار “تحت الطلب” ضد الرباط.
والخميس تبنى البرلمان الأوروبي قرارا ينتقد أوضاع حرية الصحافة والتعبير في المغرب، داعيا السلطات إلى “إنهاء المتابعة القضائية لعدد من الصحافيين”.
وأكد البرلمان المغربي أن هذه التوصية أجهزت على منسوب الثقة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والأوروبية، ومست في الصميم بالتراكمات الإيجابية التي استغرق إنجازها عدة عقود.
وجاءت جلسة البرلمان المغربي بعد سلسلة من الإدانات من قبل عدد من المنظمات والأحزاب لقرار الاتحاد الأوروبي.
وقال رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن “الاجتماع المشترك للبرلمان المغربي هو تعبير من طرف المؤسسة بوصفها ممثلة للأمة المغربية، ورسالة مفادها إجماع كل المغاربة على رفض القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي الذي نهج فيه منطق الاستعلاء والوصاية باستعمال ورقة أوضاع حقوق الإنسان والتطرق إلى قضايا بت فيها القضاء المغربي وأخرى مازالت في مرحلة التقاضي”.
وأضاف رشيد لزرق في تصريح لـه أن “هذه الخطوة من البرلمان المغربي لها بعد سياسي ودبلوماسي وتعكس رفض الشعب المغربي بكل مكوناته لقرار البرلمان الأوروبي الذي جاء مغلفا بمنطق استعماري تجاه المغرب، بما يمثل تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية لدولة تتمتع بالسيادة، بقوة الواقع السياسي والقانون الدولي”.
وعبر البرلمان المغربي عن أسفه “لانصياع البرلمان الأوروبي لبعض الجهات المعادية داخله واستدراجه في حملتها المضللة التي تستهدف شريكا عريقا وذا مصداقية يضطلع بأدوار كبرى في حماية الحقوق والحريات والدفاع عن السلم الإقليمي والدول”، معتبرا أن القرار انحراف خطير من مؤسسة تفترض فيها الرصانة والقدرة على التمييز بين الحقائق والمغالطات والعمل على ترسيخ سمو المبادئ وصون الحقوق والتشريعات في احترام تام للدول الشريكة.
وأكد رئيس المجموعة النيابية لحزب التجمع الوطني للأحرار محمد غياث خلال الجلسة أن فريقه النيابي لن يقبل أن يكون المغرب عرضة للمساومة أو الخنوع، موضحا أن البرلمان الأوروبي يريد صناعة صورة مظلمة عن الحريات والحقوق لكنه تناسى حقوق الغير التي يكفلها القانون للجميع على قدم المساواة، وتساءل “هل إلى هذه الدرجة أصبح المغرب واستقراره السياسي والاجتماعي مزعجا للجهات التي اعتادت على الابتزاز؟”.
وبدوره عبر رئيس المجموعة النيابية لحزب الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب الرحيم شهيد عن استغرابه من ترك مسار الإصلاحات وتجويد وتأهيل النموذج الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب، واستبداله بخلق حالة طوارئ استثنائية، مظهرها حقوقي للدفاع عن حرية التعبير والرأي، وحقيقتها سياسية، لا تخفى على أحد.
وقال رشيد لزرق “في الوقت الذي أكد فيه المغرب على منطق الشراكة مع الأوروبيين هناك أطراف معادية له تدفع إلى نهج عدائي غير مفهوم للدولة ومصالحها، رغم ما أظهره من ثقل سياسي، وأهمية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة جنوب البحر المتوسط، لذلك فإنه من المفترض أن تكون العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون، وبعيدة عن سياسات الإملاء والرصد والتدخل في الشؤون الداخلية”.
ومن جهته أكد رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب نورالدين مضيان أن خيوط حملة شرسة ضد المغرب أوقعت البرلمان الأوروبي في فخ مناورة جديدة تخدم جهات معادية للمملكة، وتمكنت من توريط هذه المؤسسة في محاكمة صورية لبلد يعتبر شريكا اقتصاديا وديمقراطيا وحليفا إستراتيجيا في مجالات متعددة الأبعاد، بما في ذلك محاربة الهجرة السرية والإرهاب والجريمة المنظمة.
وذهب رئيس الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة أحمد تويزي إلى حد تأكيده على أن قرار البرلمان الأوروبي الذي انتقد وضعية حقوق الإنسان في المغرب يقف وراءه “بلد كنا نعتقد أنه صديق لكن رائحة الغاز أفقدته وعيه وصوابه”، في ما يبدو أنه إشارة إلى فرنسا، مُلفتا إلى أن المغرب لم يعلن الحرب على أي دولة من دول الاتح