اهتمام أميركي بإقامة قاعدة عسكرية صناعية في المغرب

ماموني

تعمل الولايات المتحدة على تعزيز علاقاتها الدفاعية مع المغرب، الذي يعد أحد أبرز شركائها في المنطقة العربية وقارة أفريقيا.

وتحدثت مصادر إعلامية أميركية عن أن الرئيس جو بايدن وجه وزير الدفاع لويد أوستن بإعداد خطة طوارئ لإنشاء قاعدة عسكرية صناعية أميركية في المغرب.

وذكرت المصادر أنه جرى عرض المقترح خلال اجتماع رفيع المستوى عقد في أواخر ديسمبر عندما ناقش بايدن وأوستن الإستراتيجية العسكرية العالمية الجديدة للولايات المتحدة.

 

محمد لكريني: إقامة قاعدة في المغرب من شأنها أن تعزز نفوذ واشنطن
محمد لكريني: إقامة قاعدة في المغرب من شأنها أن تعزز نفوذ واشنطن

 

وكان المغرب وقّع مع الولايات المتحدة في عام 2020 على خارطة طريق تتعلق بمجال التعاون العسكري بين البلدين على امتداد السنوات العشر المقبلة.

وطلب بايدن من أوستن تسهيل الجوانب اللوجستية والقانونية للاستثمارات الدفاعية في المغرب، مع تعزيز دور الرباط الريادي في مكافحة الإرهاب ودمجها في المعادلة العسكرية الدولية من خلال تطوير قدراتها الفنية العسكرية.

ويأتي هذا التحول تماشيا مع مساعي المغرب لإقناع الشركات الدولية بإنجاز مشاريع بالمغرب في مجال الصناعات العسكرية، وتقديم حوافز مهمة لفائدة المستثمرين مع إطار قانوني مساعد، بهدف تحقيق الاستقلال الإستراتيجي في هذا المجال.

وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن رغبة الرئيس الأميركي في إنشاء قاعدة صناعية عسكرية بالمغرب تأتي في إطار الإستراتيجية العسكرية العالمية الجديدة للولايات المتحدة وكذلك في إطار الاتفاقية الإستراتيجية الجديدة التي تمهد لوضع لبنات الصناعة العسكرية المغربية، تبعا للشراكة القائمة بين الرباط وواشنطن في المجال العسكري طيلة العقد الأخير، خاصة أن المغرب حليف وثيق لواشنطن وهو يحظى بموقع جيوإستراتيجي حيث يربط  بين أوروبا وأفريقيا.

وأضاف مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريحات لـه ، أنه من المنتظر أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز الشراكة الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة وتطوير العتاد الحربي المحلي، وتشجيع الاستثمار وتوطين الصناعة الدفاعية.

ويعد المغرب منذ عام 2004 حليفاً أساسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويمنح هذا الوضع المملكة أولويّة الحصول على معدات وتكنولوجيا دفاعية أميركية، وتنظيم تمارين عسكرية مشتركة أبرزها “مناورات الأسد الأفريقي”.

وأكد محمد لكريني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن تعليمات الرئيس الأميركي الرامية إلى إنشاء قاعدة عسكرية صناعية في المغرب تخدم الأجندة العسكرية الثنائية، مع تطوير القدرات والإمكانيات الأمنية والعسكرية المغربية، خصوصا وأن المغرب يلعب أدوارا مهمة في مجال مكافحة الإرهاب، وسبق أن فكك العديد من الجماعات الإرهابية في مجموعة من الدول مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا.

ويأتي ذلك بعد اعتماد المغرب في يوليو 2020 القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، وفي هذا الإطار أبرم المغرب في السنوات الأخيرة عدداً من اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بعض الدول والشركات الرائدة في تطوير الصناعة العسكرية، والتي عبّرت عن استعدادها لتبادل الخبرات والتجارب مع المملكة.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أكد بمناسبة الذكرى السادسة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية في مايو الماضي أنه “لتعزيز القدرات الدفاعية لجيشنا، سنواصل إعطاء الأولوية لخطة تجهيز القوات المسلحة الملكية والارتقاء بها، وفق برامج متكاملة، ترتكز بشكل خاص على إنشاء الصناعات العسكرية وتطوير البحث العلمي”.

 

خالد الشرقاوي السموني: من المنتظر أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز الشراكة الثنائية
خالد الشرقاوي السموني: من المنتظر أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز الشراكة الثنائية

 

وكانت إدارة الدفاع الوطني المغربي وقعت في السنة الماضية اتفاقا عسكريا مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية لبناء وحدة صناعية على مساحة 15 ألف متر مربع بضواحي قاعدة بنسليمان الجوية، ستخصص لعمليات صيانة وتطوير طائرات القوات المسلحة الملكية وصيانة وتحديث وإصلاح مقاتلات “أف – 16″ و”سي – 130” التابعة لسلاح الجو الملكي.

ويرى مراقبون أن الاهتمام الأميركي بتعزيز العلاقات الدفاعية مع المغرب لا يمكن أن تتم قراءته بعيدا عن التحولات الحاصلة في الساحة الدولية، ووجود رغبة أميركية في سد المنافذ أمام تنامي النفوذ الروسي والصيني.

ويشير المراقبون إلى أن من الاعتبارات التي يمكن أن تكون خلف توجه واشنطن لبناء قاعدة عسكرية في المغرب، إمكانية أن تقوم روسيا ببناء قاعدة مماثلة في الجزائر.

ووفقًا لصحيفة نيويورك ديلي نيوز تلقى بايدن قبل اجتماعه مع أوستن تقريراً مفصلاً من مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز حول توسع نفوذ روسيا في أفريقيا، بما في ذلك زيمبابوي والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والجزائر ودول الساحل والصحراء.

وقال تقرير وكالة الاستخبارات المركزية إن روسيا لا تدعم بقوة النظام الجزائري عسكريًا وسياسيًا فحسب، بل تناقش أيضًا مسألة إنشاء قاعدة لوجستية كبيرة من شأنها أن تمنحها منفذاً هاماً إلى الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. وقالت الوكالة إن “هذا سيهدد مصالح واشنطن وحلفائها هناك”.

واعتبر محمد لكريني، في تصريح لـه، أن “إقامة الولايات المتحدة قاعدة عسكرية صناعية في المغرب من شأنها أن تقوي التعاون بين البلدين، وأن تعزز نفوذ واشنطن مقابل المنافسة الروسية والصينية في المنطقة وأفريقيا”.

وأشار لكريني إلى أنه سبق للجزائر أن سهلت عملية إنشاء قواعد عسكرية روسية في تمنراست.

وسبق لسفارة واشنطن في الرباط أن أكدت أن المغرب شريك حاسم للولايات المتحدة في مجموعة من القضايا الأمنية. كما أن مشاركته في الحرب العالمية ضد الإرهاب ضرورية، ولاسيما في منطقة الساحل. إن الجهود المشتركة بشأن التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي تعني أن العلاقة -وتمويل المساعدة الخارجية- تعود بالفائدة على الأميركيين والمغاربة على حد السواء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: