الحكومة المغربية تطلق مشاريع لتعزيز استعمال الأمازيغية بالإدارات العمومية
بوشعيب البازي
أطلقت الحكومة المغربية الثلاثاء مشاريع جديدة لتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية بالإدارات، وتسهيل ولوج الناطقين بها إلى الخدمات العمومية.
وتهدف هذه المشاريع، بحسب الحكومة المغربية، إلى المحافظة على الأمازيغية وتطويرها وتعزيز استعمالها في الإدارات العمومية، وتيسير ولوج المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية إلى الخدمات العمومية، حيث أن الكثيرين من المتحدثين بالأمازيغية، خاصة كبار السن، لا يجيدون اللغة العربية المتداولة في المؤسسات والإدارات.
كما يسعى البرنامج الجديد الذي جرى إطلاقه الثلاثاء بمدينة الخميسات قرب العاصمة الرباط، إلى تنزيل قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في مختلف المجالات، وتعزيز خدمات الإرشادات والتوجيه والاستقبال، وتجويد قنوات التواصل مع المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية.
وخلال هذا اللقاء، جرى التوقيع على أربع اتفاقيات شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وكل من وزارة العدل، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، تهم تعزيز إدماج اللغة الأمازيغية بأربعة قطاعات وزارية.
وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش إنه استجابة لذلك خصصت الحكومة غلافا ماليا يناهز 200 مليون درهم برسم سنة 2022، وبرمجت 300 مليون درهم برسم قانون المالية لسنة 2023، على أن يتم رفعه تدريجيا خلال السنوات المقبلة ليبلغ 1 مليار درهم في أفق سنة 2025.
أما عن التعثر الذي عرفته ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية خلال السنوات الماضية، فقد حمّل أخنوش مسؤولية هذا الأمر لحزب العدالة والتنمية، مؤكدا أن “الحكومتين السابقتين مسؤولتان عن التأخر الذي طال إصدار القوانين المنظمة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
وأضاف أخنوش أن القانون المذكور المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية 2011، “لم يتم اعتماده إلا في سنة 2019، بعد ثماني سنوات من الركود المحافظ”.
وأوضح أخنوش أن “الاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، كان نتيجة إرادة ملكية سامية”، مضيفا أن “ما تم التنصيص عليه في دستور المملكة شكل منعطفا تاريخيا بدأ منذ خطاب أجدير الذي ألقاه الملك محمد السادس عام 2001”.
وشدد على أن اللغة الأمازيغية قطعت أشواطا كبرى خلال العشرين سنة الماضية، مشيرا إلى أن “الاعتراف بالأمازيغية لا يمكن أن يقتصر على الحقوق الثقافية واللغوية فقط، بل يجب أن يتدارك تأخر التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.
وقالت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور إن هذه الاتفاقيات تسعى إلى تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية بالإدارات العمومية وفي مجالات الحياة العامة، كما تهدف إلى تجويد وتنويع قنوات التواصل مع المرتفقين باللغة الأمازيغية، وهو ما يعني بالتالي النهوض بالموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي وتثمينه.
وأضافت الوزيرة، في كلمتها خلال اللقاء، أن البرنامج عمل يهم إدماج اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية، ويتضمن مجموعة من التدابير والإجراءات التي من شأنها تعزيز استعمالها وتيسير ولوج المرتفقين الناطقين بها إلى الخدمات العمومية.
وذكرت الوزيرة، حسبما نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه تم الشروع بالفعل في إنجاز عدد من المشاريع المتعلقة أساسا بإدراج اللغة الأمازيغية من خلال تزويد قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية، والعدل، والشباب والثقافة والتواصل، بما مجموعه 460 عونا من أعوان الاستقبال، سيكلفون بمهام الإرشاد والتواصل وتوجيه المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية.
كما تم، بحسب الوزيرة، توفير 60 عونا مكلفين بالتواصل الهاتفي باللغة الأمازيغية موزعين على عدد من مراكز الاتصال التابعة لبعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المرتفقين، مشيرة إلى أنه يتم العمل حاليا على توسيع عدد الإدارات المستفيدة من هذين المشروعين.
ووفرت الحكومة كذلك 160 كمبيوترا لفائدة المساعدات والمساعدين الاجتماعيين الذين تم توظيفهم بوزارة العدل، لضمان مواكبة اجتماعية للمواطنين الذين يلجون إلى مرفق العدالة، لاسيما الناطقين منهم باللغة الأمازيغية.
واعتبرت غيثة مزور أن حضور عدد من الوزراء حفل إطلاق برنامج استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية يعد “دليلا على الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة لهذه الورش”، لافتة إلى أن كل القطاعات الحكومية مندمجة في ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وتأتي هذه المشاريع، التي جرت مراسيم إطلاقها بحضور عدد من أعضاء الحكومة والأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الهيئة الرسمية المكلفة بالنهوض بالأمازيغية)، تنزيلا للقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي تم إصداره سنة 2019، بعد دسترة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية عام 2011.
وينص هذا القانون التنظيمي على أن تعمل الدولة على إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة، خاصة في الإدارات والمؤسسات العمومية وبوسائل الإعلام وبمجالات التعليم والعدل.