تواجه الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش اختبارا جديدا هذه الأيام في علاقة بالضغط الممارس عليها لإعفاء رئيس تحالف الأصالة والمعاصرة من منصب وزير العدل، على خلفية الضجة المثارة حول نتائج امتحانات المحاماة.
أكدت الأغلبية الحكومية داخل البرلمان المغربي انسجامها ورفضها الانسياق وراء من أسمتهم بـ”خصوم النجاح”، في إشارة إلى الانتقادات الأخيرة التي طالت الائتلاف الحكومي بشأن نتائج امتحانات المحاماة.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس رفض الحكومة الانجرار خلف المطالبات بإعفاء عبداللطيف وهبي، رئيس حزب الأصالة والمعاصرة، من مهامه كوزير للعدل. وشدد رؤساء تكتل الأغلبية في بيان على احترام الميثاق السياسي والأخلاقي للأغلبية الحكومية، الذي ينص على التزام جميع مكونات الأغلبية وأعضائها بدعم وتعزيز التماسك والتضامن المستمر فيما بينهم، بالالتفات إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. كما طالبوا بترسيخ وتعزيز قيمة التقدير المطلوب في العلاقات والتفاعلات التي تجري بين مكونات الأغلبية.
وقالت المجموعة النيابية لحزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إن “الحكومة حريصة على أن تشتغل بصمت دون أن تكترث لكل الأصوات النشاز التي تتحين دائما الفرص لتبخيس عمل أعضائها من الأحزاب الثلاثة”.
واعتبر محمد بودس، عضو الفريق التجمعي، أن حكومة أخنوش لا تأبه بـ”أصوات التشويش وحملات التضليل التي ينتهجها البعض، أملا في تحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن الاتيان ببدائل لها”، وتابع “إننا نفتخر بالأداء المتميز للحكومة بالرغم من أنها سنة مليئة بالتحديات والإكراهات، وهي تواجه كل الأزمات التي تمر بها أحزاب الأغلبية بشجاعة وجرأة في أجواء تتسم بالانسجام والتكامل بين مكوناتها”.
وقالت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، في تصريحات لـه، إن أحزاب الأغلبية تحرص مع كل أزمة على إظهار الانسجام بين مكوناتها، عكس ما عاشته الحكومة السابقة. وأشارت لموير إلى أن أقطاب الحكومة يدركون أن إظهار أي تباينات لا يخدمهم، لاسيما في ظل موجة الاحتجاجات التي رافقت أزمة امتحان المحاماة وقرارات تم اتخاذها في قطاعات أخرى.
ووجد وزير العدل المغربي نفسه هذه الأيام في مواجهة موجة انتقادات حادة، على خلفية التسريبات التي حصلت في نتائج الاختبارات المتعلقة بالمحاماة. وحاول وهبي دحض كل الشكوك المتعلقة بصحة تلك النتائج، نافيا أن يكون هناك أي توجه لإعفائه من منصبه الوزاري.
وقال وهبي، في حوار مع قناة الثانية، إن “الحكومة منسجمة وتشتغل ليل نهار”، مضيفا “قد أكون أتعبت هذا الائتلاف بمشاكلي القطاعية، لكن رئيس الحكومة يدافع عني في كل مرة”، مشددا على أن “الوزارة مسؤولية، وهناك جهات لها احترامها ومكانتها، ولا يمكن لزوبعة صغيرة أن تدفعني إلى طلب الإعفاء”، مؤكدا أنه يمارس مهامه بشكل عادي كوزير للعدل وكأمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة.
ودخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على خط أزمة اختبارات المحاماة، حيث أكدت النائب عن الاتحاد نزهة أباكريم غياب تكافؤ الفرص بين المرشحين والمرشحات عبر مختلف المراكز التي أجري فيها الامتحان، بسبب ما عرفته ظروف التنظيم من تفاوت على مستوى الانضباط والجدية، معتبرة أن “مصداقية الامتحان مطعون فيها قانونيا وتنظيميا وتقنيا وأخلاقيا”.
ودعت أباكريم، وزير العدل إلى الكشف عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة القيام بها لإعادة تصحيح أوراق الامتحان، طبقا لبرنامج الاختبار الكتابي المعتمد في الجدول الوصفي للامتحان، وإلى إطلاع البرلمان عن نتائج لجان التحقيق في مجريات هذا الامتحان، المفروض أن تكون وزارة العدل أحدثتها بعدما خلفته نتائجه من ردود أفعال لدى المعنيين وعموم الرأي العام الوطني. كما طالب حزب الحركة الشعبية وزارة العدل، ومن خلالها الحكومة، بتقديم توضيحات حول الشبهات التي طالت امتحان المحاماة.
وقالت مصادر من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، في تصريحات لـه، إن قيادة الحزب لا تريد إظهار نفسها أنها تريد توظيف هذا الملف سياسيا، بل أخذ العصا من الوسط دون أن تغضب الشارع المتعاطف مع الراسبين في الامتحان، مشددة على أن وزير العدل حالة خاصة لا يمكن تعميمها باعتبار أن أفعاله محكومة بالرغبة في الإثارة.
وأكدت لموير أن التحالف الحكومي لن يتأثر بهذه الأزمة، مشيرة إلى أن أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، مطالبة بتكثيف التنسيق بين مكوناتها داخل البرلمان، وإظهار انسجام أكبر في التعاطي مع الملفات الحارقة. وسبق للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي أن أكد أن حزبه لديه وضع مريح داخل التحالف الحكومي الثلاثي، ويقوم بدوره ويدافع عن قناعته ويحترم التضامن الحكومي، وسرية العمل الحكومي.