«وصفات العطارين بسوق الخبازات لتكبير الأرداف » تهزم الوعي وتسحر «الجنس الناعم»!

بوشعيب البازي

على الرغم من أن العطارة تدرج اليوم تحت مسمى «الطب البديل»، إلا أنها كانت أساس الطب قديماً، وجربها جيل من الأجداد وتوارثها الأبناء والأحفاد في سلسلة من التجارب الموثقة..

والعطارون هم صيادلة -مهنياً- يصف أحدهم الدواء ببديهة ودراية دون النظر إلى الكسب المادي في المقام الأول، وكأي مهنة أخرى، فإن من بين العطارين «دخلاء» و»غشاشين» وأنصاف متعلمين وفاقدي خبرة، وهم على درجات أيضاً، فعلى الفَطِن أن يختار من أي العطارين يأخذ الدواء. وتعد المرأة من أكثر زبائن العطارين مقارنة بالرجل، فعندما يصبح هاجس الفتاه -مثلاً- خلطات التجميل والرشاقة و تكبير الارداف و المؤخرة ، تصبح أسيرة البحث هنا وهناك بين العطارين وخلطاتهم، حيث يتمحور حديثها في المجالس عن خلطات فلان من العطارين، وأعشاب فلان مع شكها بمصداقية تلك الخلطات غير الصحية والغير المرخصة ، لكنها تعمل من جسدها حقل تجارب متجاهلة الكثير من أضرارها كي تحصل ولو لفترة وجيزة على مبتغاها من بشره ملساء أو شعر كالحرير وجسم كما تريد، وغالباً ما تجلب تلك الخلطات نتائج عكسية قويه تحتاج لعلاج طبي لفترة ليست بالقليلة. وعن تأثير تلك الخلطات على المرأة، ودور هيئة الغذاء والدواء للتصدي لمثل تلك المحلات، كان لنا هذا التحقيق.

في البداية قالت الحاجة “فاطمة ” إن بعض العطارين بمدينة القنيطرة يصرفون الأدوية والخلطات عن طريق التجارب أو التوقعات أو سماعها من أشخاص آخرين، وهم يجهلون عن تركيبتها الكيميائية وهل تحتوي على مواد محظورة أم لا، إلى جانب الأماكن غير الصحية التي يتم تركيب المنتجات فيها، وحفظها في أماكن غير صالحه للتخزين وتحت درجات حرارة متفاوتة كل ذلك من شأنه أن يؤثر سلباً على صحة المستهلك، والتي غالباً ما تكون فتاة تطمح لخلطات تجميل فورية.

وتحكي “سعيدة ” تجربتها، قائلة: عند ذهابي لأحد العطارين بسوق الخبازات وقبل حديثي عما أريد إذا به يعرض مجموعة كبيرة من علب العسل الأصلي مخلوطة بمجموعة من الأعشاب، ويشير فيها أن هذه العلبة لتكبير الأرداف وتلك لتصغيرها، وهذه لتكبير الشفاه، وتلك لتكبير الصدر وهذه لتصغيره، وشعرت لحظتها أن العطار موسوعة متكاملة لكل ما تريده المرأة من سبل الجمال، وخاصة المرأة التي قد تفقد زوجها بسبب عدم اهتمامها بمظهرها، مما يجعلها تندم على تقصيرها. وسألته حينها عن “صابون” معين لغسل الوجه وإذ به يعرض عليّ “صابون” عبارة عن خلطات خاصة بالمحل، وبعد تجربتي لتلك “الصابونه” والتي لم يكن معها أي ورقة إرشادية عن محتواها والبشرة المناسبة لها، وبعد استخدامي لها أصيب جلدي بحساسية شديدة، إضافة إلى الحبوب والهياج والحكة المستمرة، رغم أنه في البداية كان جيداً وقد أدى إلى بروز وظهور الشعيرات الدموية في وجهي، كما أخذت أختي أيضاً بنصيحة نفس العطار بأن لديه تركيبة عجيبة للشعر من حيث التطويل واللمعان، وبعد استعمال منتظم له لثلاثة أسابيع تفاجأت أختي بتساقط شعرها بشكل كبير مما سبب لها فراغات كثيرة في الشعر خاصة من الأمام وأصبح يشبه مرض “الثعلبة”.

وأضافت لقد استخدمت أيضاً خلطه من العطار عبارة عن مجموعة من الأعشاب كتب عليها خلطة عجيبة وسحرية لشد الجسم وإزالة الترهلات ومع استخدامي لها لعلبتين إلا أنني لم أجد أي تحسن سوى احتوائها على مواد مسهلة.

مواد خطرة

وتضيف “سعيدة “: كنت حريصة قبل موعد زفافي على إنقاص وزني، خاصة وأني سمينة ولدي “كرش” فاتجهت إلى استخدام خلطة عشبية نصحتني بها إحدى الصديقات من عند العطار بسوق الخبازات ، وقد أثنى عليها العطار، وقال إنها “تمسح البطن مسحاً” وبمرور الأيام كنت قد خسرت القليل من الوزن والبطن، ولكن في المقابل كنت قد بدأت أشكو من بعض الآلام الحادة في جانبي الأيمن فذهبت إلى المستشفى، وهناك سألني الطبيب ان كنت أستخدم أي خلطات فأجبته وطلب مني الاطلاع على مكوناته فكان له ذلك، وقد تفاجأت بأنها أعشاب شديدة السمية ولها خطورة على الكلى فامتنعت بعد ذلك عن استخدام أي خلطة عشبية مهما تكتسب من شهرة.

تجربة فاشلة

وتقول ” لقد عشت تجربة فاشلة مع محلات العطارين، فقد كان شغلي الشاغل كيف أحصل على بشرة بيضاء وصافية من الشوائب، ولم أترك خلطة إلا واستخدمتها لنفخ “الشفايف”، وتكبير الصدر، وتبييض البشرة، ولكن بعد استخدامي لإحدى الخلطات والتي شوهت وجهي، وكانت سبباً في ظهور بقع غامقة اللون وانتشار حبوب صغيرة على بشرتي، مضيفة: الآن أتعالج عند عيادة جلدية متخصصة أرهقت ميزانيتي فلو أنني من البداية توجهت لطبيبة جلدية متخصصة لكان أفضل وأوفر لي، والآن تعلمت درساً قاسياً ألا أجازف بنفسي بخلطات لا أعرف مضمونها مع العلم أن بعض الصيدليات الكبرى توجهت الآن لعمل أقرب ما يكون لعمل العطارة، حيث أصبح هناك خلطات خاصة لصيدلية من تبييض، وتفتيح، وخلطات فرد الشعر، لا تجدها إلا في نفس الصيدلية، ولا نعرف هل هي مرخصة طبيا أم لا؟.

الحبوب الصينية

وتحكي “سكينة ” كنت أعاني من النحافة الزائدة إلى أن نصحني العطار بشراء الحبوب الصينية والتي كان العطار واثقاً من زيادتها للوزن، وبالفعل زادت وزني بشكل ملحوظ خلال عشرة أيام، وأصبح الجميع يثني عليّ بعدما كانت نظرات الشفقة تطارد جسدي النحيل، وتضيف: بعد فترة من استخدامها أصبحت أعاني من آلام حادة بالمعدة وبمفاصلي، واختلال بالهرمونات، حينها أخذت والدتي الحبوب إلى طبيبتي المشرفة على حالتي وحذرتني من هذه الحبوب وأثرها على الكلى والكبد.

وسائل قطع الطريق!

فظاهرة انتشار المستحضرات والخلطات مجهولة التركيب أمر مقلق للمختصين، وتكثر هذه الخلطات لدى العطارين أو بائعات الافتراش العشوائي بسوق الخبازات ويدعي هؤلاء أنها تعالج العديد من الأمراض بداية من السرطان والضغط والسكري إلى تحسين القوام وتصفية البشرة، وهي تحتوي على مكونات عديدة، وقد تحتوي على أدوية لكنها مطحونة، وتكمن مخاطرها في وجود بعض المواد السامة وبعض المعادن الثقيلة، وهذه قد تؤدي إلى فشل كلوي أو آثار سامة على الكبد، وقد تؤثر حتى على الجهاز العصبي، وأشهر مثال على ذلك هي مادتي الرصاص والزئبق، وقد يلاحظ بعض المرضى تحسناً سريعاً وملفتاً في حالته المرضية بعد استخدام بعض هذه الخلطات، والسبب يعود في الحقيقة إلى وجود أدويه تشترى من الصيدليات وتطحن وتضاف بكميات كبيرة إلى هذه الخلطات، والمثال الأكثر شيوعاً خصوصاً بين النساء هو خلطات تفتيح البشرة مجهولة المحتوى، وهذه الخلطات تضاف إليها مواد تعطي تفتيحاً سريعاً ومدهشاً وقد تكون مواد سامة، مثل: الزئبق وهذا قد يؤدي إلى فشل كلوي، وكذلك قد تضاف مواد علاجية تؤخذ من الصيدليات لكن بجرعات وتراكيز عالية، مثل: التراكيز العالية من مادة الهيدروكوينون والتي قد تؤدي مع طول الاستخدام إلى نتائج عكسية فقد تؤدي إلى سواد البشرة وليس تفتيحها!، ولأن هذه المركبات سريعة المفعول ونتائجها سريعة فهي تباع بأسعار باهظة، كما ظهر مؤخراً في سوق الخبازات بمدينة القنيطرة خلطات عسل تضاف عليه مواد مجهولة، وذلك لتكبير أو تصغير أجزاء معينة في الجسم وهذا هراء، فلا يوجد أي دليل علمي على إمكانية تكبير أو تصغير حجم أي جزء من الجسم عن طريق مستحضرات موضعية أو حتى عن طريق الفم، والمؤلم في الأمر الانتشار المذهل لهذه الظاهرة لدى العطارين وفي الأسواق والمجمعات النسائية وحتى المدارس!، ومما يدعو للأسى وجود هذه المخاطر على صحة المجتمع بينما لا توجد مكافحة ومحاربة لهذه الظاهرة بالشكل المطلوب، ومن وجهة نظري ان المسؤولية تقع على عدة أطراف أولها وسائل الإعلام والمدارس لتوعية أفراد المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة، وكذلك وزارة الصحة، ومن الخطير السماح لمروجي هذه المركبات سواء كانوا عطارين أو غيرهم بعمل دعايات لهم في المواقع الإلكترونية، فيجب على السلطات  وضع حد لهذه التجاوزات الخطيرة وبشكل عاجل، وأهم هذه الجهات على الإطلاق هو المستهلك نفسه، فإذا أعرض عن شراء وترويج هذه المركبات المجهولة فلن يزدهر سوقها، بل إذا قام بالتواصل مع الجهات المسؤولة بالتبليغ عن الأطراف المتورطة في هذه الممارسات الخطيرة، فسيتم القضاء على هذه الظاهرة، وكما أتمنى على كل مواطن يعي مخاطر هذه المركبات توعية بقية أفراد المجتمع من المحيطين به.

هذا و قد توصلت مصحة الهلال الأحمر بمدينة تطوان، بحالتين متفرقتين لالتهاب على مستوى المؤخرة، طال شابتين جراء استعمالهما لمستحضرات مجهولة المصدر بهدف تكبير الأرداف، حسب ما أسرت به مصادر من داخل المستشفى.

الشابتان، البالغتان 17 و21 سنة على التوالي، تعرضتا، استنادا إلى المصدر نفسه، إلى التهاب متفاوت الخطورة على مستوى المستقيم، دفع الطبيب المداوم إلى عرض واحدة منهما على طبيب مختص، مضيفا أن السبب وراء هاتين الحالتين المستعجلتين هو تجريبهما لوصفة صحراوية لتكبير الأرداف تتكون من أعشاب ومواد غير معروفة المصدر.

أحد الأطباء الذين اطلعوا على حالة الشابتين قال في تصريحاته إن هذه المواد، المتوفرة على شاكلة تحاميل (قويلبات)، تسببت للشابتين إلى جانب ذلك في عسر الهضم والإمساك والحمى، نتيجة تعفن الجرح الذي أحدثته التحاميل المستعملة.

المصدر ذاته أوضح أن الحالة الأولى تحسن وضعها بعد حقنها بمواد مضادة للأعراض الظاهرة عليها، فيما مكثت الحالة الثانية بالمستشفى ليلة واحدة، قبل أن تتحسن حالتها الصحية في اليوم الموالي، لتترك المستشفى هي الأخرى.

وعن خطورة هذه الوصفات، أبرز الطبيب ذاته أن الأدوية الطبية يسهر عليها بالمختبرات فريق علمي خاص، يقوم بأبحاث عديدة لمعرفة ما إذا كان الدواء قابلا للاستعمال أم لا، ثم يتم تجريبه في مرحلة ثانية على بعض الحيوانات، لتحديد نسبة تسببه في آثار جانبية، وهي النسبة التي من المفروض أن تكون صفرا في المائة.

الإشكالية في هذه التحاميل المكونة من الأعشاب، يزيد المصدر ذاته، هي عدم خضوعها لشروط علمية في عملية مزج المكونات، ما يعني تباين جرعات المواد المكونة لها بين تحميلة وأخرى، وهو ما يفضي في نهاية المطاف إلى تباين المفعول بدوره.

وأوضح الطبيب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه الأعشاب مجهولة المصدر تسبب في الغالب مشاكل في الجهاز الهضمي، ومشاكل الحساسية، مضيفا أن هذا النوع من تكبير الأرداف بشكل عام “لا يخضع للنسبية الموجودة في جسم الإنسان، بمعنى أن هناك نسبا مضبوطة من الشحم والبروتين والجلد، ما يجعل هذه المناطق التي يتم تكبيرها غير متناسقة مع باقي الجسم، كما هو الحال بالنسبة للتضخيم بطريقة طبيعية”.

وسجّل المتحدث ذاته أن هذا النوع من التضخيم غير الطبيعي، سواء على مستوى الصدر أو الأرداف، يخلق مشاكل أخرى على مستوى الجهاز العظمي، بحيث يشكل الوزن الزائد بشكل غير طبيعي في بعض المناطق دون أخرى عبئا لا يمكن للعظام تحمله، وهو ما يدفع المتخصصين في جراحات التجميل إلى جعل الخاضعات لهذا النوع من العمليات يأخذن مقويات للعظام.

أرسل هذا المقال إلى :

الادارة العامة للأمن الوطني

المديرية العامة للدراسات والمستندات

المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني

وزارة الصحة

رئاسة النيابة العامة

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: