يروي أحمد، وهو مهاجر غيني يبلغ من العمر 15 عاما، مأساة ترحيله من قبل السلطات الجزائرية التي ألقت به رفقة 400 شخص آخر في الصحراء.
وفي سبتمبر 2022 اعتقل أحمد في الجزائر لأنه لم يكن يحمل تصريح إقامة، فتعرض للسجن قبل أن يتم ترحيله إلى النيجر برفقة المئات من المهاجرين الآخرين، تم تُرك في الصحراء على بعد حوالي 15 كيلومترا من بلدة أساماكا النيجرية.
وقال أحمد “تم اعتقالي بعد أن طلبت مني الشرطة تصريح الإقامة، لكني لم أملك أي تصريح، ولم أرغب في إبراز جواز سفري لهم لأنهم كانوا سيمزقونه. قالوا لي ‘عد إلى أفريقيا’، وأخذوني إلى السجن”.
وأضاف “قضيت ثلاثة أيام في سجن أدرار مع أشخاص آخرين، ثم نُقلنا إلى تمنراست (جنوب). مكثنا هناك لمدة ثلاث ساعات ثم وضعونا في شاحنات، وتوجهنا إلى مكان يبعد 15 كيلومترا عن بلدة أساماكا النيجرية”.
وتابع “كنا نحو 400 شخص، من الرجال والنساء والأطفال. شخصيا كنت بصحبة الشباب الذين التقيت بهم في السجن”. وأردف “عندما أنزلنا الجزائريون في الصحراء، أطلقوا رصاصتين في الهواء لإخافتنا. لم يقولوا لنا أي شيء سوى ‘ارحلوا بسرعة’. تركوا لنا بعض الطعام على الرمال وغادروا على الفور”.
◙ عمليات إعادة المهاجرين المطرودين من الجزائر إلى النيجر باتجاه بلدانهم الأصلية تباطأت كثيرا في الأشهر الأخيرة بسبب القيود الإدارية والصحية التي تفرضها السلطات
وتزايدت مؤخراً أعداد عمليات ترحيل الأجانب الذين يعيشون في الجزائر إلى النيجر، ما يتسبب في مشاكل تنظيمية لدى الطرف النيجري، لاسيما في بلدة أساماكا الصغيرة التي تزدحم في الكثير من الأحيان بالمهاجرين الوافدين.
وتشير تقارير حقوقية إلى طرد الجزائر ما لا يقل عن 11652 شخصا إلى النيجر خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي. وبحسب الأمم المتحدة طردت السلطات الجزائرية عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من غرب أفريقيا ووسطها منذ 2014. ويحاول بعض هؤلاء المهاجرين البقاء في الجزائر، لكنّ عددا كبيرا منهم يحاول الوصول إلى القارة الأوروبية.
وقال أحمد “كان من بين المهاجرين الذين طردوا معي أشخاص يعيشون في الجزائر منذ أكثر من عشرة أعوام”. وأضاف “عندما وصلنا إلى أساماكا سألنا أشخاصٌ من المنظمة الدولية للهجرة عما إذا كان هناك أي قاصر بيننا، ثم أخذوا أسماءنا وقدموا لنا الطعام. أنا لم أكن أريد أن أقول إنني أبلغ من العمر 15 عاما لأنني كنت أخشى أن يتم بسبب ذلك احتجازي لفترة أطول من الآخرين في النيجر، لذا قلت إنني أبلغ من العمر 18 عاما”.
وتابع “في الوقت الحالي لا يمكنني العودة إلى غينيا، ومازلت أنتظر مع مهاجرين غينيين آخرين، فالمنظمة الدولية للهجرة تجمع وثائقنا الرسمية والأوراق اللازمة لعودتنا. لا أطيق انتظار العودة إلى بيتي وبلدي”.
وفي الأشهر الأخيرة تباطأت كثيرا عمليات إعادة المهاجرين المطرودين من الجزائر إلى النيجر باتجاه بلدانهم الأصلية بسبب القيود الإدارية والصحية التي تفرضها السلطات، والتي ترتبط أحيانا بجائحة كوفيد – 19. كما يؤدي انعدام الأمن في بعض المناطق إلى تعقيد رحلات عودة المهاجرين.
وأردف أحمد قائلا “لست قلقا بشأن العودة إلى بلدي لأنني أتحدث كثيراً مع عائلتي عبر الهاتف. عندما أخبرت والدتي بأنني مطرود من الجزائر أصبحت خائفة عليّ كثيرا، واعتقدت أنني سأختطَف من قبل الإرهابيين في الصحراء”.
وقال “عندما غادرت غينيا في عام 2020 لم أخبر والدتي بأي شيء، اتصلت بها لاحقا لأخبرها بأنني غادرت وكانت غاضبة جدا. كانت خطتي أن أذهب إلى المغرب لمحاولة دخول سبتة، لدي صديق تمكن من القيام بذلك وأخبرني بأنني يجب أن أجرب ذلك أيضا. ذهبت أولا إلى السنغال مع شاب يبلغ من العمر 24 عاما من نفس الحي الذي أعيش فيه في غينيا، ثم قررت الذهاب إلى الجزائر للعمل هناك”. وأنهى حديثه قائلا “ماذا سأفعل بعد العودة إلى كوناكري؟ لا أعرف، ربما سأعمل في مخبز أخي”.