تعتبر أكاديمية محمد السادس لكرة القدم مشروعا يهدف إلى النهوض بكرة القدم المغربية وتطويرها من خلال انتقاء وتكوين لاعبين موهوبين، يشكل بعضهم اليوم العمود الفقري للمنتخب المغربي لكرة القدم الذي تأهل إلى نصف نهائي بطولة كأس العالم – قطر 2022 لأول مرة في تاريخ كرة القدم العربية والأفريقية.
والواقع أن هذا النجاح اللافت الذي حققته كرة القدم المغربية في بطولة كأس العالم 2022 ليس وليد الصدفة، أو مجرد ضربة حظ، إنما هو ثمرة عمل دؤوب يسهر عليه القائمون على الشأن الرياضي والمؤسسات المعنية من أجل تطوير البنيات التحتية الرياضية، بالإضافة إلى التسيير الجيد لتحسين أداء كرة القدم المغربية وتعزيز تنافسيتها.
ففي مارس 2010 أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس على تدشين “أكاديمية محمد السادس لكرة القدم”، بهدف المساهمة في انتقاء وتكوين ممارسين لرياضة كرة القدم من مستوى عال، من خلال وضع نظام تربوي يجمع بين الرياضة والدراسة.
النجاح اللافت الذي حققته كرة القدم المغربية في بطولة كأس العالم 2022 ليس وليد الصدفة، إنما هو ثمرة عمل دؤوب
وقد جرى بناء وتجهيز الأكاديمية وفق معايير تجعلها تضاهي مراكز التكوين المهنية الأوروبية ذات الصيت العالمي، وذلك بغية الاهتمام بشباب المغرب ومنحهم الظروف الملائمة لتلقي تكوين رياضي علمي يخول لهم ممارسة نشاطهم في أكبر الأندية الكروية بالمغرب وأوروبا على حد السواء.
وبعد 12 سنة من العمل نجحت الأكاديمية فعلا في تكوين وإنتاج لاعبين من المستوى العالي يلعبون اليوم للمنتخب الوطني لكرة القدم الذي شارك في نهائيات بطولة كأس العالم 2022 بقطر، والذي حقق أفضل إنجاز أفريقي وعربي بوصوله إلى الدور نصف النهائي.
ويعتبر كل من اللاعب يوسف النصيري المحترف في نادي إشبيلية الإسباني ونايف أكرد لاعب ويستهام يونايتد الإنجليزي وعزالدين أوناحي الذي يلعب في نادي أنجيه الفرنسي من أبرز خريجي الأكاديمية، بالإضافة إلى أحمد رضى التكناوتي لاعب فريق الوداد الرياضي. وقد ارتفعت أسهمهم في سوق اللاعبين العالميين بعد الأداء الرائع الذي قدموه في مباريات المونديال.
وعن هذه المنشأة الرياضية ذات المواصفات العالمية كتب موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على موقعه الإلكتروني، في مقال خصص لتسليط الضوء على كرة القدم المغربية بمناسبة بطولة كأس العالم 2022، أن من بين أسباب نجاح كرة القدم المغربية “اهتمام الجامعة المغربية لكرة القدم بمنتخبات الأكابر للسيدات والرجال، وتواصل العمل على المدى القريب والمتوسط والبعيد لتحضير المستقبل من الآن”، مشيرا إلى أن أبرز ما تحقق في خطط التطوير هو افتتاح أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.
وغير بعيد عن هذه الأكاديمية دشن ملك المغرب بتاريخ 9 ديسمبر 2019 في سلا “مركب محمد السادس لكرة القدم” الذي يعتبر بنية رياضية مندمجة موجهة للتميز وتطوير ممارسة كروية من مستوى عال، وتضطلع بأدوار تكميلية في ما يتعلق بتطوير كرة القدم الوطنية.
ويروم مركب محمد السادس لكرة القدم، الذي يشكل معلمة استثنائية بمعايير دولية تكرس السعي الحثيث للنهوض بقطاع الرياضة في المملكة، استضافة تحضيرات المنتخبات الوطنية والأجنبية الراغبة في إجراء معسكراتها الإعدادية بالمغرب.
وحققت كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة نجاحا كبيرا شمل جميع الفئات العمرية للمنتخب وكذلك منتخب السيدات ومنتخب كرة القدم داخل القاعة، وأيضا الأندية الرياضية المغربية المنافسة في البطولات القارية.
المكانة التي بلغتها كرة القدم المغربية على الساحة الدولية من شانها أن تضع المغرب كقاطرة رياضية على الصعيد الإقليمي
وهكذا، تمكن المنتخب المحلي لكرة القدم من الفوز بكأس أفريقيا للمنتخبات المحلية في نسختي 2018 و2020، وفاز المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة ببطولة أمم أفريقيا في نسختي 2016 و2020، ثم بطولة كأس العرب في مناسبتين (2021 و2022) وبطولة كأس القارات سنة 2022، إضافة إلى بلوغه دور الأربعة في بطولة كأس العالم لهذه الرياضة، كما احتل منتخب الناشئين المرتبة الثانية في بطولة كأس العرب للناشئين 2022.
وتفوقت كرة القدم النسوية الوطنية على المستوى القاري إذ تمكن المنتخب الوطني لكرة القدم سيدات من التأهل لبطولة كأس العالم للسيدات 2023 كأول منتخب عربي يحقق هذا الإنجاز، واحتلت لبؤات الأطلس مركز الوصافة في بطولة كأس أفريقيا للسيدات التي نظمها المغرب بين يونيو ويوليو 2022، إضافة إلى تحقيق فريق الجيش الملكي للسيدات لقب دوري أبطال أفريقيا للسيدات 2022.
وعلى مستوى الأندية هيمنت أندية الوداد الرياضي والرجاء الرياضي ونهضة بركان على البطولات الأفريقية القارية في السنوات الأخيرة، حيث فاز فريق الوداد بلقب عصبة الأبطال الأفريقية في نسختي 2017 و2022 وكأس السوبر الأفريقي سنة 2018، وفاز فريق الرجاء الرياضي بلقب كأس الكونفدرالية الأفريقية سنتي 2018 و2021 وكأس السوبر الأفريقي سنة 2019 وكأس العرب للأندية الأبطال (2019 – 2020) التي حملت اسم “كأس محمد السادس للأندية الأبطال”، وفاز فريق نهضة بركان بكأس الكونفدرالية الأفريقية 2020 و2022 وكأس السوبر الأفريقي 2022.
والأكيد أن كل هذه الإنجازات والمكانة التي بلغتها كرة القدم المغربية على الساحة الدولية تحتاجان إلى تكريسهما والتركيز على كل هذه المكتسبات لبلوغ مستوى أفضل من شأنه أن يجعل كرة القدم رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المغربي وداخل القارة الأفريقية، وبذلك يصبح المغرب قاطرة رياضية على الصعيد الإقليمي.