جزائر تبون مازالت تعيش في سنة 1963
أكدت استعادة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لتاريخ الخلاف مع المغرب الذي قال إنه يعود إلى سنة 1963 الانطباع السائد منذ وصوله إلى السلطة، بأنه يقوم بتصفية حسابات قديمة مرت عليها عقود، وأن قرار قطع العلاقات الأخير كان بناء على ذلك، ما يزيد من إضعاف التهم التي وجهتها السلطة الجزائرية إلى الرباط بشأن أعمال عدائية.
جاء ذلك في مقابلة للرئيس الجزائري مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، نشرتها الجمعة.
وطبعت العدائية موقف قصر المرادية منذ تصدّر مؤسسة الجيش للمشهد السياسي في البلاد، حيث وصف قائد الأركان الجنرال سعيد شنقريحة -حالما تم تنصيبه على رأس المؤسسة عام 2020- المغرب بـ”العدو الكلاسيكي”، ليرسم بذلك معالم خط دبلوماسي غير مسبوق، يتبناه الآن الرئيس تبون، على اعتبار أنه الواجهة السياسية لأصحاب القرار الحقيقيين في البلاد والناطق باسمهم، الأمر الذي أفرز ما بات يصفه مراقبون بـ”متلازمة العداء للمغرب”.
وزادت وتيرة التصعيد بعد الاعتراف الأميركي بالسيادة على الأقاليم الجنوبية واستئناف العلاقات المغربية – الإسرائيلية، وجاء الاعتراف الإسباني والألماني بواقعية مقترح المغرب بشأن الصحراء ليزيد من استفزاز الجزائر.
وقال نبيل الأندلوسي رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية إن مقابلة الرئيس الجزائري مع صحيفة “لوفيغارو” والتي أكد فيها أن قطع العلاقات مع المغرب كان نتيجة تراكمات منذ العام 1963 فيها تأكيد على تاريخية العداء الجزائري للنظام السياسي المغربي وللجيش المغربي، والتي تعود إلى أحداث حرب الرمال التي نشبت بين المغرب والجزائر، بحيث أصبح المغرب يشكل عقدة للنظام الجزائري منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.
وشدد الأندلوسي في تصريح لـ”العرب” على أن تبون هو امتداد للمؤسسة العسكرية الحاكمة في الجزائر، وعمريا ينتمي إلى الجيل الذي شارك في حرب الرمال التي عرفت هزيمة الجيش الجزائري، وهو ما يفسر الحضور القوي لهذا الحادث في عقلية حكام قصر المرادية وتشكل رغبة جامحة في الانتقام ورد الاعتبار.
وأضاف أن الرئيس الجزائري مطوق بمنظومة تحكم، وهذه المنظومة تكن عداء للمغرب، لذا وجب على الحكماء في الجانبين التقاط الإشارة بشأن مكمن الخلل لتصحيحه ومحاولة تجسير الهوة بين البلدين في أفق عودة العلاقات بين المغرب والجزائر، لأن هذا هو الأصل، وهذا هو مطلب كل من الشعبين المغربي والجزائري.
وحرب الرمال هي مواجهات عسكرية بين البلدين جرت العام 1963 بسبب خلافات جغرافية على الحدود، والتي يعتبرها الخطاب السياسي الجزائري “استغلالا مغربيا للظروف الصعبة التي خرجت منها الجزائر بسبب حرب الاستقلال، للانقضاض على أقاليم حدودية”.
وقال الرئيس الجزائري إن قرار قطع العلاقات مع الجارة المغرب كان “بديلاً لنشوب حرب بين الدولتين”. وأضاف تبون “لقد انفصلنا حتى لا ندخل في حرب، ولا يمكن لدولة أن تتوسط بيننا. خلال 60 عامًا من الاستقلال ظلت الحدود الجزائرية – المغربية مغلقة لمدة 40 عامًا”.
وأفاد تبون بأن قطع العلاقات مع المملكة المغربية صيف العام 2021 كان “نتيجة تراكمات منذ العام 1963”. وأضاف أن “النظام المغربي هو من سبب المشاكل وليس الشعب فهناك 80 ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة”، وعادة ما تنفي الرباط هذه الاتهامات.
واتهمت الجزائر المغرب بالوقوف خلف الحرائق التي شهدتها منطقة تيزي وزو الأمازيغية في صيف العام الماضي، وهي الحرائق التي اندلعت في أغلب الدول المتوسطية مثل تونس والمغرب ولبنان واليونان وغيرها. وتابع تبون “قطع العلاقات مع المغرب كان بديلاً للحرب معه، والوساطة غير ممكنة بيننا”.
وذكر تبون أنه صفّق “للمنتخب المغربي لتشريفه كرة القدم المغاربية والعربية في المونديال (قطر 2022)، لأن الشعب المغربي أيضاً صفق لنا لإحرازنا التاج الأفريقي” في مصر عام 2019.
وكانت تغطية وسائل إعلام جزائرية (حكومية وخاصة) للمباريات التي شارك فيها المغرب محل استهزاء عربي واسع، حيث تلافى الإعلام الجزائري مرارا الإشارة إلى المنتخب المغربي.
وخلال الأيام الأخيرة أشيع في وسائل إعلام دولية أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قام أثناء زيارته إلى الجزائر مطلع ديسمبر الجاري بوساطة بين الجزائر والرباط تشمل إعادة تشغيل أنبوب الغاز الذي يصل إسبانيا مرورا بالأراضي المغربية.