المغرب يودع 2022 بكبح التضخم وطرق أبواب النمو
ليست المملكة المغربية وحدها من تشكو من التضخم، ومقارنة مع جيرانها في شمال أفريقيا يمكن القول إن المملكة تمكنت من الخروج سالمة من أزمات متلاحقة خلفت ندوبا عميقة في اقتصاديات دول العالم.
اليوم، بعد عامين من تفشي جائحة كورونا، وفي محاولة للتغلب على التقلبات الاقتصادية التي شهدها المغرب خلال 2022، اتخذ البنك المركزي المغربي عدة قرارات، أبرزها رفع سعر الفائدة الرئيسي مرتين لكبح جماح التضخم.
ويترقب الاقتصاد المغربي تحسنا أكبر في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية خلال 2023، بحسب الحكومة، مقابل توقعات متشائمة للمؤشرات الاقتصادية لهذا العام.
وعرف عام 2022 أحداثا اقتصادية مهمة في ظل تسجيل معدلات غير مسبوقة للتضخم، وارتفاع الأسعار، وموسم جفاف أثر على المحصول الزراعي.
واتسمت توقعات المغرب وكذلك المؤسسات المالية الدولية بالتشاؤم بخصوص نسب نمو الاقتصاد المحلي في 2022، على أمل بداية التعافي في 2023.
وتوقع المركزي المغربي في العشرين ديسمبر الجاري نمو الاقتصاد المحلي بنحو 1.1 في المئة خلال 2022.
كما توقع أن يتسارع النمو إلى 3 في المئة في 2023 مع فرضية العودة إلى تحقيق إنتاج متوسط من الحبوب.
وتوقع صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر الجاري أن يحقق الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 3 في المئة خلال 2022، هبوطا من 6.3 في المئة في 2021.
وفي العشرين من ديسمبر الجاري قرر البنك المركزي المغربي رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2.5 في المئة، صعودا من 2 في المئة، في محاولة لفرملة التضخم المرتفع الناتج عن تداعيات الحرب في أوكرانيا والجفاف.
وقال البنك المركزي في بيان عقب اجتماع مجلسه الإداري، إن القرار يأتي من أجل “تفادي تثبيت توقعات التضخم وتسهيل عودته إلى نسب تنسجم مع هدف استقرار الأسعار”.
وكان المركزي المغربي خفض سعر الفائدة مرتين في 2020، الأولى في مارس بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2 في المئة.
أما الثانية فكانت في يوليو من العام نفسه بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1.5 في المئة، قبل أن يرفعه في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي بمقدار 50 نقطة أساس.
كما توقع البنك المركزي تضخما عند 6.6 في المئة خلال 2022، على أن يتباطأ إلى 3.9 في المئة في 2023، مقابل 1.4 في المئة في 2021، وفق البيان.
وأبرز القرارات التي أعلن عنها البنك المركزي المغربي في 2022 تلك المتعلقة بإعداد مشروع قانون لترخيص العملات المشفرة.
وقال محافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري في الحادي والعشرين يونيو الماضي إن “لجنة أنشأها البنك المركزي تشتغل وتتقدم نحو بلورة مشروع قانون للترخيص للتعامل بالعملات المشفرة”.
وأضاف “نستفيد من دعم تقني من صندوق النقد والبنك الدوليين، ويشتغل معنا مستشار قانوني للبنك الدولي نناقش معه فحوى مشروع القانون الذي نحاول تسريع إخراجه للوجود”.
وفي ديسمبر الجاري صادق البرلمان بصفة نهائية على مشروع موازنة 2023 الذي يرتكز على أربعة محاور أساسية هي: ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني بدعم الاستثمار، وتكريس العدالة الجبائية، واستعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات.
وتحدد فرضيات موازنة 2023 للمغرب نسبة النمو في 4 في المئة ونسبة التضخم في حدود 2 في المئة.
2023 يترقب المغرب تحسنا في المؤشرات الاقتصادية مقابل توقعات عام 2022 ويراهن قانون الموازنة لعام 2023 على تحقيق عجز في الخزينة في حدود 4.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي محمد جدري أن “العام المقبل سيكون أفضل بكثير من 2022 من حيث المؤشرات الاقتصادية”.
وأضاف جدري “نعم سيكون أفضل، لكن دون المستويات التي نريد، فنحن بحاجة إلى ما بين 5 و6 في المئة من نسبة النمو لتحقيق التعافي للاقتصاد المحلي”.
وتابع “2023 ستكون سنة متوسطة، ومن الصعب تحقيق نسبة النمو التي توقعتها الحكومة ولن نبلغ 4 في المئة، وفق ما جاء في موازنة 2023”.
واعتبر جدري أن هناك “قطاعات ستساعد في نمو الناتج الداخلي الخام منها قطاعات الفوسفات وصناعة السيارات”.
وتابع “أيضا السياحة ستسترجع عافيتها تدريجيا، وبدأنا نحقق المستويات التي كانت عليها عام 2019، بالإضافة تحويلات المغاربة في العالم، والتي يتوقع أن تتجاوز في 2022 مبلغ 100 مليار درهم (نحو 10 مليارات دولار)”.
وحذر الخبير الاقتصادي من أمرين قال إنهما “يبعثان على القلق”، وهما “مستوى التضخم وبالتالي ارتفاع الأسعار، ثم تقلبات أسعار المحروقات وانعكاساتها على السوق المحلية”.