وصل السفير الفرنسي الجديد لدى المملكة المغربية كريستوف لوكورتيي الاثنين إلى العاصمة المغربية الرباط، في خطوة أخرى تؤشر على بداية طي صفحة “الأزمة الصامتة” التي تمر بها علاقات البلدين منذ أشهر، وكان من أبرز مظاهرها الفراغ الدبلوماسي الذي ساد بعد إنهاء مهام السفيرة السابقة هيلين لوغال في سبتمبر الماضي، وهو نفس الأمر بالنسبة للسفير المغربي السابق في باريس محمد بن شعبون.
وأعلنت السفارة الفرنسية بالمغرب مساء الاثنين، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، وصول السفير لوكورتيي الذي كان يشغل مهمة الرئيس التنفيذي لمؤسسة “بيزنس فرانس”، وهي مؤسسة حكومية تتولى إدارة الاستثمارات الفرنسية في الخارج، مشيرة إلى أن فريق السفارة كان في استقباله للترحيب به.
ويوصف لوكورتيي، الذي سبق له شغل منصب سفير لفرنسا لدى كل من أستراليا وصربيا، بأنه شخصية مقربة من دائرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتعول عليه باريس للمساهمة في تجاوز الأزمة التي تمر بها العلاقات بين البلدين، وإحياء التعاون الاقتصادي بينهما، لاسيما في ما يتعلق بالاستثمارات الفرنسية في المغرب، وكذا في مجال التكنولوجيا والطاقات المتجددة، نظرا لخبرته المهنية الطويلة في هذه المجالات.
ويرى مراقبون أن السفير الفرنسي الجديد يتوجب عليه أن يكون ناطقا باسم ماكرون طيلة ولايته، ويتعين عليه عدم الارتهان لأمزجة السوق وسياسات الابتزاز التي تنتهجها دول بعينها.
ومنذ أشهر كثيرة، خيمت على العلاقات المغربية – الفرنسية أزمة “صامتة”، كان من أبرز مظاهرها تجميد زيارات مسؤولي البلدين، وغياب أي اتصال بين قادتهما، وحدوث فراغ دبلوماسي في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، بعد تكليف سفيري باريس والرباط بمهام أخرى.
ويأتي تعيين السفير الفرنسي بعد نحو أسبوعين على الزيارة التي أجرتها وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى العاصمة المغربية الرباط، وبحثت خلالها مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة القضايا الخلافية التي عكرت صفو العلاقات بين البلدين خلال الأشهر الماضية، والاتفاق على الخطوط العريضة لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المرتقبة بداية العام 2023، إلى الرباط.
وشكلت المباحثات بين وزيرة خارجية فرنسا ونظيرها المغربي صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية، حيث تم الاتفاق على جملة من الأمور التي من شأنها أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى مسارها الطبيعي بعد شهور من “الأزمة الصامتة”.
وأكد وزير الخارجية المغربي خلال زيارة رئيسة الدبلوماسية الفرنسية أن “هناك حاجة إلى إعادة تجديد العلاقات بين البلدين”. مضيفا “نحن مصممون على المضي قدما وكتابة صفحة جديدة، يعتمد فيها المغرب وفرنسا بعضهما على بعض لأنهما بحاجة إلى بعضهما”.
وقالت كولونا في المؤتمر الصحافي المشترك مع بوريطة، “نحن مصممون على المضي قدما وكتابة صفحة جديدة يعتمد فيها المغرب وفرنسا على بعضهما البعض لأنهما بحاجة إلى بعضهما”.
ومن ضمن ما تحقق من خلال زيارة وزيرة الخارجية، الإعلان عن انتهاء أزمة التأشيرات التي استمرت منذ ما يزيد عن عام، وقالت كولونا “لقد اتخذنا إجراءات مع شركائنا المغاربة، من أجل العودة إلى تعاون كامل في مجال الهجرة”.
وأوضحت كولونا أن مواصلة “علاقة قنصلية كاملة” بين البلدين تهدف إلى “النهوض بالتبادلات البشرية وتشجيع التناغم العميق بين المجتمعين، وهو ما يجعل هذه العلاقة الثنائية متفردة”.
وحول قضية الصحراء المغربية، تحدثت وزيرة الخارجية الفرنسية أن موقف بلادها المؤيد لمخطط الحكم الذاتي “واضح وثابت”، مشيرة إلى أن باريس تدعم وقف إطلاق النار وجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وقالت “نحن لا نتغير، والمغرب يدرك أنه يمكن أن يعتمد على دعم فرنسا”.
وتعتبر باريس الرباط شريكا مثاليا في المجالات الأمنية والاستخبارية والعسكرية، وتمثل فرنسا الشريك التجاري الثاني للمغرب بعد إسبانيا في عام 2020، بحسب وزارة الاقتصاد والمال المغربية. كما أن المغرب هو الوجهة الأولى للاستثمارات الفرنسية في أفريقيا، عبر أكثر من 950 فرعا لشركات فرنسية.