الجزائر: تواصل احتجاز الصحافي إحسان قاضي لليوم الثالث.. وتوالي ردود الفعل المنددة بغلق مقر منصة “راديو أم”
أخبارنا الجالية
توالت ردود الفعل المستنكرة في الجزائر لاعتقال الصحافي إحسان قاضي وتشميع مقرر مؤسسته الإعلامية المعروفة بنبرتها النقدية للسلطة. ويوجد إحسان قاضي حاليا في الحجز تحت النظر، في انتظار إحالته على وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق.
وفي تعليقه على ما جرى، قال حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إنه يؤكد دعمه غير المشروط لفريق ومديري “راديو إم” التي وصفها بأنها من وسائل الإعلام القليلة التي تمنح الكلمة للمعارضة، داعيا إلى احترام حرية التعبير ووضع حد لمضايقات القضاء والشرطة للمناضلين والناشطين.
وأبرز الحزب المعارض أن “قمع الحريات والحقوق بدأ يأخذ أبعاداً مقلقة يومياً في البلاد”، مشيرا إلى أن النشطاء والمناضلين والمواطنين باتوا يتعرضون للضغط والمضايقة والاستجواب في أقسام الشرطة والدرك وباقي المراكز الأخرى.
من جانبه، قال فتحي غراس، منسق الحركة الديمقراطية الاجتماعية في منشور له على فيسبوك، إن تشميع مقر راديو أم، هو بمثابة منع للعمل الإعلامي خارج الحدود المرسومة من السلطة، تماما مثلما منعت ممارسة السياسية بالمادة 87 مكرر المعدلة التي لوحق بها النشطاء بتهمة الإرهاب.
وقالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن ما حدث يمثل “اعتداء صارخ على حرية الصحافة”، وهو يشير حسبها إلى “الانحراف التسلطي ورغبة السلطات التخلص من الصحافة الحرة وكل أشكال الاحتجاج والمعارضة”.
ووصف أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، خبر غلق المنصة الإعلامية بأنه “صورة في غاية القتامة تقدمها الجزائر عن نفسها للداخل والخارج في نهاية سنة وبداية أخرى للصحفي قاضي إحسان مكبل اليدين”.
وكتب عبد الوهاب فرصاوي، رئيس جمعية “راج”، أن مداهمة مقر « راديو أم »، المنصة الأخيرة للنقاش الحر والديموقراطي داخل الوطن، بحضور مديرها العام الصحفي قاضي إحسان مكبل اليدين بعد أن تم اعتقاله في منتصف الليل، وتشميع المقر وحجز العتاد المتواجد فيه، هي “سابقة خطيرة تهدد حرية التعبير والصحافة في الجزائر رغم تكريسها في الدستور وفي المواثيق والعهود الدولية التي وقعتها وصادقت عليها الجزائر”.
وأصدرت بدورها، منظمة مراسلون بلا حدود بيانا دعت فيه السلطات الجزائرية للكف عن المضايقات ضد الصحفي ووقف المتابعات القضائية في حقه.
وكان عناصر أمن من المخابرات الداخلية، قد داهمت مقر مؤسسة “أنترفاس ميديا” الناشرة لموقعي “راديو أم” و”مغرب إمرجنت” بالعاصمة، وقامت بمصادرة عتادها وتشميع أبوابها، في عملية تلت اعتقال مدير المؤسسة الصحفي إحسان قاضي منتصف ليل الجمعة من مقر سكناه.
وبينما يوجد إحسان قاضي رهن الحجز تحت النظر في هذه القضية الجديدة التي لا يعلم حيثياتها بعد، أيد مجلس قضاء الجزائر، الحكم الابتدائي الصادر في حقه، بخصوص القضية المتعلقة بمضمون مقال يعود لسنة 2021 حول حركة رشاد المصنفة على قائمة الإرهاب في الجزائر.
وقضت المحكمة بتسليط عقوبة 6 أشهر حبسا نافذا دون إيداع وغرامة ب 50 ألف دينار جزائري، وذلك بعد إدانة قاضي بنشر أخبار مغرضة وتبرئته من تهمة المساس بالوحدة الوطنية. وكان وزير الاتصال السابق عمار بلحيمر من حرك الدعوى العمومية في هذه القضية ضد إحسان قاضي، وهو ما دفع النيابة لمتابعة الصحفي ووضعه تحت الرقابة القضائية قبل أن تتم محاكمته.
ولا تزال تنتظر قاضي قضية أخرى، يواجه فيها تهما خطيرة، حيث تتابعه نيابة محكمة الأربعاء ناث إيراثن بولاية تيزي وزو (150 كيلومتر شرقي العاصمة)، بالانتماء لمنظمة إرهابية.
ويزاول إحسان قاضي مهنة الصحافة منذ فترة الثمانينات وعرف عنه انخراطه في حركة الصحفيين الجزائريين القوية في ذلك الوقت والتي ساهمت في الوصول للتعددية الإعلامية، كما أنه حائز على جائزة “عمر أورتيلان” لحرية الصحافة بالجزائر.
وكان آخر ما كتبه الصحافي على موقعه مقال يخوض في احتمالات العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون وموقف المؤسسة العسكرية منها. واشتهر موقع راديو أم باستضافة وجوه المعارضة في البلاد وفتح منبره للحقوقيين والنشطاء، على خلاف كل وسائل الإعلام الأخرى التي باتت تتحفظ على ذلك.
ويأتي اعتقال قاضي وسجنه المحتمل، في وقت ساد فيه تفاؤل بعد الإفراج عن آخر صحفيين في السجن، محمد مولوج في 19 أكتوبر وحسن بوراس في نوفمبر الماضي.