أعلن مجلس الوزراء الجزائري الأحد عن زيادة تدريجية في الرواتب ستصل إلى 47 في المئة في 2024، مع رفع معاشات المتقاعدين ومنحة البطالة التي يحصل عليها العاطلون عن العمل منذ مارس 2022، وهي إجراءات ينظر إليها على أنها لا تخلو من خلفيات سياسية في علاقة بشراء السلم الاجتماعي المنتهجة من طرف حكومات سابقة، باللجوء إلى عائدات الطاقة لتلبية مطالب الجبهة الاجتماعية.
ويرى مراقبون أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يحاول استغلال الطفرة المالية التي تحققت جراء ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، من أجل كسب دعم الشرائح الاجتماعية المختلفة في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نهاية عام 2024.
ورغم نفي تبون أي تفكير مسبق له في الترشح لولاية رئاسية ثانية، وتأكيده أن انشغاله في الوقت الحالي مرتبط باستكمال تجسيد التزاماته الـ54، التي أعلنها أمام الشعب الجزائري خلال انتخابات 2019، إلا أن مراقبين يعتبرون إيلاءه أهمية قصوى للجبهة الاجتماعية يهدف إلى استمالتها خدمة لأجندته السياسية، إذ يريد تجاوز عقدة المشاركة الشعبية المتواضعة في الانتخابات التي أفرزته رئيسا للدولة نهاية العام 2019، بردم الفجوة بين الشارع والسلطة.
وجاء في بيان مجلس الوزراء أن الرئيس تبون وجه بأن تتم “زيادة الرواتب، على مدى السنتين 2023 ـ 2024 ليتراوح مستواها سنويا ما بين 4500 دينار و8500 دينار (بين 31 و58 يورو)”، وهو ما يجعل الزيادات “خلال السنوات الثلاث 2022، 2023، 2024، تصل إلى نسبة 47 في المئة”.
وكذلك تم رفع معاشات المتقاعدين لتتماشى مع الحد الأدنى المضمون للرواتب وهو 20 ألف دينار (137 يورو)، بحسب البيان الذي أضاف أن منحة البطالة المقدرة حاليا بـ13ألف دينار (نحو 90 يورو) سترتقع إلى 15 ألف دينار (102 يورو) مع “تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية” لهم.
ويبلغ معدّل البطالة في الجزائر نحو 15 في المئة. وأعلن تبون في فبراير عن إنشاء “منحة البطالة” للعاطلين عن العمل في الجزائر، وبدأ صرفها في الشهر التالي.
وتتزامن حزمة التدابير الاجتماعية المعلن عنها مع قرار إدماج نحو ستين ألف أستاذ في مختلف الأطوار التعليمية، في غضون الثلاثة أشهر المقبلة.
وهذه الإجراءات لم تكن لتتبناها السلطات الجزائرية في وقت وجيز بعد أزمة مالية ناجمة عن تداعيات إغلاقات كورونا وانخفاض أسعار النفط في السنوات الماضية، لكن الأزمة الأوكرانية التي أشعلت أسعار النفط ساعدت الجزائر في زيادة صادراتها لأوروبا بعد توقف الصادرات الروسية.
وتتوقع وزارة الطاقة والمناجم في الجزائر تحقيق مداخيل من قطاع الطاقة تفوق 50 مليار دولار بنهاية العام 2022، بزيادة قدرها 45 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وتتأثر الجزائر، رابع أكبر قوّة اقتصاديّة في القارّة الأفريقيّة، بتقلّبات أسعار النفط بسبب اعتمادها على العائدات النفطيّة التي تمثّل أكثر من 90 في المئة من إيراداتها الخارجيّة.
والأحد أيضا وقّع الرئيس تبون قانون الماليّة لعام 2023 الذي اعتمد سعرا مرجعيا للنفط بـ60 دولارا للبرميل.
وتتوقع الميزانية بلوغ الصادرات 46.3 مليار دولار، و36.9 مليار دولار من الواردات، واحتياطيات من العملات الأجنبية قدرها 59.7 مليار دولار.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الأحد إن ميزانية عام 2023 اعتمدت سعر السوق لبرميل النفط الخام عند 70 دولارا والسعر المرجعي عند 60 دولارا خلال الفترة 2023 – 2025.
وذكرت الوكالة أن معدل التضخم المتوقع للعام المقبل هو 5.1 في المئة، في حين يتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي 4.1 في المئة.
وأضافت الوكالة أن تبون وجه وزير الطاقة والمناجم بالشروع في العمل على زيادة إنتاج الغاز للمحافظة على معدل الاستهلاك المحلي وتعزيز التصدير، لتنفيذ التزامات الجزائر مع شركائها الأجانب.