ماهو المقابل الدي أعادت العلاقات القنصلية بين باريس والجزائر إلى طبيعتها سؤال حير الجزائريين
La rédaction
أعلنت الداخلية الفرنسية على لسان وزيرها جيرالد درمانان، عودة العلاقات القنصلية مع الجزائر إلى وضعها « الطبيعي » ونهاية تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى 50 بالمئة، ولكن مقابل ماذا؟
ويتساءل مراقبون عمّا إذا كنّا سنشهد موجة غير مسبوقة لترحيل « الحراقة » الجزائريين المقيمين في فرنسا إلى الجزائر، خاصة وأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهّد سابقًا بأنّ وتيرة تقليص التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين ستتواصل إذا لم تتعاون الدول المغاربية بما فيها الجزائر مع بلاده بشأن إعادة رعاياها المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا.
ويأتي ذلك أيضًا، في وقتٍ تُحضّر فيه باريس لمشروع قانون جديد خاص بالهجرة، من بين أهدافه طرد المزيد من الرعايا الأجانب، بمن فيهم « الحراقة » الجزائريين، الأمر الذي سيحتاج إلى تعاون البلدان التي يأتي منها المهاجرون غير النظاميين على غرار الجزائر.
تقليص منح التأشيرات للجزائريين بدأ قبل 2021
نفهم من تصريحاتٍ وزير الداخلية الفرنسي التي أدلى بها أمس الإثنين خلال زيارته إلى الجزائر، أنّ العلاقات القنصلية بين البلدين كانت « طبيعية » إلى حين، إلّا أنّ المتابع لملف منح التأشيرات للجزائريين يلاحِظُ أنّ وتيرة العملية بدأت تتراجع منذ سنوات.
ففي عام 2018، وبشكل مفاجئ انخفض عدد التأشيرات التي منحنتها فرنسا للجزائريين بشكل مثير للانتباه، فقد انخفض العدد بحسب الأرقام التي كشفت عنها وزارة الداخلية الفرنسية من حوالي 413.976 تأشيرة في عام 2017 إلى حوالي 297104 تأشيرة في عام 2018، أي بانخفاض قدره 28.23. بالمئة.
وتواصل تقليص منح الجزائريين للتأشيرات في العام الموالي، حيث تراجع العدد عام 2019، ليتحصّل حوالي 274،421 جزائري على التأشيرة أي بانخفاض نسبته 7.6 بالمئة مقارنة بعام 2018.
وبلغ عدد رفض التأشيرات بالنسبة للجزائريين من طرف فرنسا 38 بالمئة سنة 2020، والعدد تقلّص في السنة التي تلتها بنسبة 13.1 بالمئة، وتواصل ذلك إلى غاية عام 2021 بحيث تحصّل حوالي 83.941 جزائري فقط على تأشيرة من أصل حوالي 140.212 طلب.
متى ولماذا قرّرت باريس « رسميًا » تقليص عدد التأشيرات ؟
كرونولوجيًا، قرّرت باريس في سبتمبر 2021 تشديد الحصول على تأشيرات دخول للمواطنين الجزائريين مع تقليص عددها إلى 50 بالمئة، بهدف الضغط على الحكومة الجزائرية بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية وإعادة المهاجرين غير النظاميين « الحراقة » من أراضيها.
وقال وزير الداخلية الفرنسي في أكتوبر 2021، إنّ عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تريد فرنسا ترحيلهم إلى الجزائر بلغ أزيد من 7000 آلاف شخص، الأمر الذي فنّده رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون حين صرّح في ندوة إعلامية في مقرّ رئاسة الجمهورية إنّه « لم يكن هناك يوما سبعة آلاف جزائري تريد فرنسا ترحيلهم، وأنّ القائمة التي وردت الجزائر عام 2020 والقوائم الثلاث عام 2021 كانت تتضمن 94 حالة تم قبول 21 منها ورفض 16 ».
وأوضح عبد المجيد تبون أنّ الأشخاص الذين تمّ رفض إعادتهم إلى الجزائر « لن يعودوا لأنهم على ارتباط بالإرهاب، قدموا من سوريا، كما يوجد بينهم « حاملو جنسيتين ليس لديهم عائلة هنا ».
إلّا أنّ وزير الداخلية الفرنسي ردّ في تصريحٍ إعلامي بالقول إن « القائمة المؤلفة من 94 جزائريا التي أشار إليها الرئيس تبون تتوافق مع الملفات ذات الأولوية القصوى، لعلاقتها بالتطرف والذين نعتبرهم الأكثر خطورة، والذين نريد إعادتهم في أقرب وقت ممكن ».
وبقيت وتيرة رفض منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين على حالها، إلى غاية الزيارة التي قادت جيرالد دارمانان إلى الجزائر قبل يومين، الزيارة التي قالت عنها وسائلُ إعلام فرنسية بأنها تمحورت حول ملفي الهجرة والتأشيرات.
هذه الزيارة تكلّلت بعودة ما اُطلق عليه عودة العلاقات القنصيلة إلى « طبيعتها »، دون أن يتم الكشف عمّا إذا قدّمت الجزائر لباريس تنازلات بشأن إعادة « الحراقة » الجزائريين إلى أرض الوطن، الأمر الذي كان السبب المباشر في تقليص التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين.
ماكرون توعّد بمواصلة تقليص منح التأشيرات بشرط!
في أوت 2022، تطرّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر عن خفض منح التأشيرات للجزائريين، حيث علّل ذلك بمكافحة الهجرة غير النظامية، كما اتفق مع نظيره الجزائري على محاربة الظاهرة.
وبحسب إيمانويل ماكرون، فإنّ عدد التأشيرات الكبير الذي منحته فرنسا للمواطنين الجزائريين قبل خمس سنواتٍ أدّى إلى ارتفاع عدد الهجرة غير النظامية.
وفي أكتوبر 2022، أكّد الرئيس الفرنسي في مقابلة تلفزيونية مع قناة « فرانس 2 » على مواصلة سياسة تقييد منح التأشيرات لمواطني البلدان المغاربية بما فيها الجزائر، إذا لم تتعاون هذه الأخيرة مع بلاده بشأن إعادة رعاياها المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا.
مخاوف حول مصير « الحراقة »
في شهر جويلية 2021، قالت وزارة الداخلية الفرنسية إنّ باريس تمكّنت من ترحيل 22 مهاجرًا غير نظامي إلى الجزائر من أصل 7731 التزامًا بمغادرة الأراضي الصادرة عن المحافظات الفرنسية.
لتبقى المخاوف تحوم حول مصير المهاجرين الجزائريين غير النظاميين المقيمين في فرنسا بعد عودة العلاقات القنصلية إلى « طبيعتها » بين باريس والجزائر.