اليوم إكتملت آخر الفصول الجميلة لملحمة ديسمبر الكروية ،عادت الأسود الأطلسية إلى عرينها بعد حملة مغربية تاريخية عنوانها النصر في مونديال قطر 2022 .
مشاهد إستثنائية في مختلف شوارع مدينة الرباط ، ملايين المغاربة إحتضنوا بحب شباب المغرب في طريقهم إلى لقاء قائد الأمة وصانع أمجادها جلالة الملك محمد السادس نصره الله .
شباب إنتصروا بنكران للذات و شجاعة للوطن فإنتصر لهم الوطن بكل حب و إحترام و تقدير ..لحظات جميلة جدا عاشها الشعب المغربي في شهر الإنتصارات فمع كل إنتصار كانت فرحة و مع كل فرحة كان الأمل يتجدد و مادام الأمل رصيدنا نحو الممكن فالطريق نحو المجد كان في كل محطة يظهر أكثر وضوحا ..بعد أن صوره لنا العابثون و من في قلوبهم مرض و المتواطئون و المتنطعون و سارقو الاحلام في لحظات معينة كأنه سراب أو مجرد تمنيات مستحيلة ..
الثقة المتبادلة بين القائد و عناصر الفريق وراءهم ثقة أربعين مليون مغربية و مغربي قدمت لنا الصورة الحقيقية الدائمة للشعب المغربي المتضامن المتكامل المتمرس وراء المؤسسة الملكية القيادة التاريخية لنضاله والمتشبث بروح – تمغربيت – كرد وحيد على كل من يشككون في قدرة هذا الشعب على النهوض بالوطن و تحقيق ما ظنه الآخرون مستحيلا أو معجزات ..
المشاهد الجميلة من شوارع العاصمة للحشود المليونية كانت ردا إستراتيجيا على كل من يخطط بلا كلل و لا ملل بإستخدام كل الوسائل و كل الأدوات لإسقاط الوطن في غياهب التشكيك في المؤسسات و نشر خطاب التيئيس و العدمية ، كانت ردا شعبيا لكل من يروجون الترهات و الفذلكات لكل المتنطعين الذين لا يدركون – لضعفهم – قوة و عظمة و سطوة هذه الدولة الحامية بمؤسساتها السيادية .
المشاهد من مدينة الرباط عاصمة الدولة العلوية المجيدة كانت إكتمال الصورة لمن في بصره غشاوة ، و صدمة لكل مترهل يعيش زمن التيه الإيديولوجي و إعادة لكل صغير إلى حجمه الطبيعي.
إنتصارات ديسبمبر 2022 لايمكن فصلها عن صيرورة مستدامة من الإنتصارات التي حققتها المملكة المغربية الشريفة طوال تاريخها المجيد منذ آلاف السنين .
في العقود الأخيرة كانت الدولة المغربية ولازالت تخوض معارك حقيقية في كل المجالات و الميادين ، ملاحم كبرى سطرتها العبقرية المغربية إنطلاقا من الإستثناء المغربي حيث إستطاع المغرب مواجهة الرياح العاصفة للخريف العربي و أدواته و تداعياته المدمرة إلى ملحمة إنجاح الحجر الصحي و الإنتصار على الوباء و تكريس السيادة الترابية في ملحمة الكركرات ثم العمل على إبتداع و تنزيل نموذج تنموي مغربي يقدم حلولا مغربية لإشكالات مغربية بأيادي و عقول و كفاءات مغربية .
و هذا ما قام به رجال المغرب في مونديال قطر ، إستطاعوا كتابة معجزة مغربية في محفل عالمي بحروف مغربية و بأيادي مغربية بتقاليد و أعراف هي جزء من الحضارة المغربية الضاربة جذورها في عمق التاريخ الإنساني أثارت إعجاب و دعم و مساندة كل الشعوب في العالم .
عطف ملكي بروح أبوية ، رضا الوالدين كمعبر للنجاح ، الثقة في القدرات وفي باقي عناصر الفريق ( ديرو النية ) .. اللعب نظيف كمؤشر على القيم الأخلاقية للشعب المغربي ..إنضباط تنظيمي لقائد الفريق كدليل عبقرية الإنسان المغربي ..إهتمام إداري و تنظيمي بأدق التفاصيل كجواب على سؤال نجاعة الجامعة الملكية المغربية و أطرها التقنية..إلتزام أخلاقي عالي ..تمسك حقيقي بالجذور ..و إنصهار دافئ في روح تمغربيت بإحتضان جماهيري كبير ..قتالية هجومية و صمود دفاعي و إيمان بالنصر مع عواطف الفخر المؤدية إلى رحاب المجد .
كانت هذه هي مكونات الخلطة المغربية الخالصة التي أوصلت أسود الاطلس بمجهود جماعي إلى مربع كبار كرة القدم العالمية.
الإستقبال الملكي للفريق كان رسالة صادقة متعددة الأبعاد و المعاني لكل من يهمه الأمر بأن المغرب الجديد المتشبث بروح تمغربيت المقدس لمفهوم العائلة ودورها المركزي في الحفاظ على النسيج المجتمعي داخل نسق مغربي صرف هو حقيقة لا يمكن تجاوزها وإسقاطها فإستحضار قيمنا الراسخة في مخيالنا الجماعي هو أول الطريق للإنفتاح على العالم .
تكريم الأم المغربية المتمسكة بأصالتها في هذا اليوم الذي يشكل لحظة إنتصار أمة هو دعوة إلى إعادة صياغة مفاهيم جديدة للدور العظيم للمرأة المغربية في صنع الأمجاد و بناء مغرب التمكين بعيدا عن أحكام القيمة النمطية .
حدث تكريم الأم المغربية من طرف أب الأمة المغربية تكتمل به الصورة مرة أخرى لمن في بصره غشاوة بأننا في هذه الأرض المقدسة تحت ظل الدولة العلوية المجيدة لدينا تفاصيلنا الدقيقة و إستثناءاتنا المغربية المتفردة و إلتزامنا الحضاري العريق بها ننتصر ..و بها نصمد في وجه المؤامرات و حملات التضليل و الكذب .
هذا التكريم الملكي السامي هو بحق تكريم لكل النساء المغربيات الماجدات الأطلسيات في داخل و خارج الوطن اللاتي أظهرن حبا عميقا للوطن بتشجيعهن و تقديمهن دعما و حبا منقطع النظير لكتيبة الأسود و هي في طريقها الذهبي تسقط منتخبات كرواتيا – بلجيكا – كندا – إسبانيا – البرتغال و تحاصر فرنسا من أجل التموقع في خارطة القوى الكروية العالمية .
يوم العشرين من ديسمبر سيبقى راسخا في وجدان الأمة المغربية بما يحمله من معاني مغربية قوية حيث أثبت الفاعل الرياضي أن التمسك بالرؤية الملكية النيرة للرياضة المغربية و معها كرة القدم والإنفتاح على الكفاءات المغربية في المدارس الكروية العالمية و إستثمار الطاقات و المهارات التي توفرها الكفاءات المغربية و الإهتمام بالعنصر المحلي هو الطريق الوحيد للنهوض بكرة القدم و معها الرياضة المغربية .
اليوم إبتدأت مرحلة جديدة في عهد تسيير كرة القدم بالمغرب و هي فرصة ذهبية أمام الفاعل الرياضي المغربي متسلحا بالحكامة الرشيدة للمضي قدما في إصلاح و تطهير منظومة الكرة المغربية من الشوائب و الطارئين و الرقي بها لمستوى إنتظارات الجماهير المغربية المتعطشة للنصر و الفوز و الإنجازات .
أخيرا أقول لأبطالنا و شبابنا الذين جسدو الشخصية المغربية الحقيقية شكرا لكم ، على كل شيء ، على كل فرحة و كل وقفة وكل عثرة و كل سقوط ..شكرا لأنكم جَعَلتمونا نستعيد أحلامنا في زمن الأجنحة المُتكسرة ، شكرا لأنكم أظهَرتم الجانب المُنْتَصر المغمور في شخصية كل مغربية و مغربي للمنبطحين أمام الأجنبي و الأقزام و الرويبضات و المتنطعين و تجار المواقف الجاهزة..
شكرا لأنكم مغاربة تتنفسون روح تَمغرَبيت بكل فخر و إنتماء و إباء و تَرجمتوها على أرض الميدان بوطنية صادقة ..
ستظل ملحمتكم مسطرة بمداد من الذهب في كتب التاريخ و سترويها الأجيال القادمة بكل عزة و شموخ ..
فنحن أمة نفوز ..أو ننتصر …
و لا غالب إلا الله ..