واجه اللاعبون العرب ومن أصول أفريقية في كأس العالم انتقادات وهجمات عنصرية من وسائل الإعلام الغربية، لكن “بشت” كابتن منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي كان الأكثر تلقيا للاستنكار.
طغت الأحداث الهامشية لمونديال قطر على الحدث الكروي نفسه في تغطية الإعلام الغربي لبطولة كأس العالم، وامتد الجدل إلى العالم العربي الذي استنكر بدوره الاستعلاء والعنصرية اللذين أبدتهما وسائل إعلام غربية تجاه المنتخبات الأفريقية والعربية، دون أن يغيب “بشت” كابتن فريق الأرجنتين ليونيل ميسي عن موجة الجدل منذ أيام.
ونال المنتخب المغربي الحصة الأكبر من العنصرية والاتهامات بمعاداة السامية في وسائل الإعلام الغربية خلال المونديال بالتوازي مع تميزه واحتفاء الشعوب العربية والأفريقية بإنجازاته الكروية الاستثنائية.
وتسببت تصريحات مذيع قناة “تي في 2 نيوز” الدنماركية سورين ليبرت في صدمة للناشطين، حيث شبه خلال برنامج احتفال لاعبي المنتخب المغربي مع أمهاتهم عقب كل انتصار في مونديال قطر بـ”عائلة القرود”.
وعقب أيام من بث الحلقة على منصات التواصل وإثارة حالة من الجدل والغضب في آن واحد، اضطرت القناة الدنماركية إلى نشر بيان عبّرت فيه عن اعتذارها واعتذار المذيع الذي أدلى بالتعليقات، مؤكدة أنها “عنصرية ومهينة”.
وتداول ناشطون مقاطع مصورة من الحلقة التي رفع فيها مقدم الحلقة صورة لثلاثة قرود، بينما كان مضيفٌ آخر في الحلقة يشير إلى معانقة عائلة القرود لبعضها البعض.
وأضافت القناة في بيانها “بغير قصد، أصبحت هذه مقارنة بين لاعبي المنتخب المغربي وعائلاتهم، وصورة لعائلة من القرود، والتي رفعها المضيف سورين ليبرت”.
وعبّرت رئيسة التحرير في القناة آن ميت سوين عن أسفها “الشديد” قائلة “كان هذا خطأ واضحا ونحن نعتذر عنه”، مؤكدة أن القناة “ستأخذ ذلك مستقبلا بعين الاعتبار”.
وقبل ذلك أيام، بثّت قناة “فيلت” الألمانية تقريرًا يربط بين لاعبي المنتخب المغربي لكرة القدم وتنظيم داعش، بسبب رفعهم إصبع السبابة احتفالا بفوزهم على البرتغال في ربع نهائي بطولة كأس العالم قطر 2022.
وتم حذف التقرير من موقع يوتيوب في وقت لاحق حيث تناول صورة لثلاثة لاعبين من المنتخب المغربي، وقد حملوا العلم المغربي ورفعوا إصبع السبابة في غرفة تبديل الملابس، بعد أن أثار استنكار عدد من المتابعين الذين اعتبروه تعبيرا صريحا عن الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين.
الصحف الأوروبية انشغلت بلقطة التتويج وإجبار ليونيل ميسي على ارتداء البشت فوق القميص التقليدي للأرجنتين
وفي العاشر من ديسمبر الجاري، تعرض لاعبو المنتخب المغربي لهجوم من الصحافة الألمانية، حيث اتهمت صحيفة “تاتس” الألمانية لاعبي “أسود الأطلس” بـ”معاداة السامية”.
ولم تنتظر الأصوات اليمينية في فرنسا بلوغ مباراة نصف النهائي، التي وضعت المنافسة منتخب بلادها أمام المنتخب المغربي، لتشن حملة عنصرية تحريضية ضد الجالية المغربية المحتفلة بانتصارات الأسود. وقبل ذلك، بعد هزيمة بلجيكا أمام المغرب، علقت مجلة “فالور أكتيال” الفرنسية المقربة من اليمين الشعبوي على تلك الاحتفالات بـ”مرحبا بكم في بلجيكستان”.
وفي تغطيتها للمباراة المقبلة، أضافت قناة “بي.أف.أم.تي.في” الرمزية الدينية على التنافس الرياضي، حيث وصفت المباراة بـ”معركة داوود ضد جالوت”.
وعلى قناة “سي.نيوز”، اعتبر المفكر والكاتب اليميني الفرنسي ألان فينكلكروت أن فرحة الجالية المغربية بانتصار منتخبها الوطني تعبير عن الكراهية لفرنسا. حيث صرح بأن “المشاهد التي تلت انتصار المنتخب المغربي على البرتغال تعبر عن تنامي واسع للفرانكوفوبيا في البلاد”.
واتهمت صحيفة “تاز” الإلكترونية المنتخب المغربي بـ”إضفاء لمسة معادية للسامية على احتفالاته”، ما يجعل وفق اعتقادها “من الصعب مناصرة المنتخب المغربي”.
وانتقدت قناة “دويتشه فيله” الألمانية الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، متهمة إياه بازدواجية المعايير، وذلك لما أسمته بـ”تسامحه مع المنتخب المغربي في رفع الراية الفلسطينية”، مقابل منع المنتخبات الأوروبية من حمل الشارة الداعمة للمثليين.
وطالب الصحافي الفرنسي جورج مارك بن عمو المغرب بالاعتذار عن رفع لاعبي المنتخب للعلم الفلسطيني. وقال بن عمو في تصريح له على قناة “i 24” الإسرائيلية إنه “على القصر الملكي المغربي والحكومة المغربية أن يقدما اعتذارا رسميا لإسرائيل”.
ووصل الأمر بالإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان إلى نشر تغريدة قال فيها إنه “جرى تسميم لاعبي منتخب فرنسا عمدًا، ولم يكن فايروسا”، وهو ما أثار تساؤلات حول أسباب تغريدته تلك، ومن هو الطرف المُستفيد من تسميم لاعبي فرنسا، حيث لم يُؤثّر التسميم المُفترض على أدائهم الكروي في المباراة النهائيّة ضد الأرجنتين، وأحرزوا 3 أهداف في الشباك الأرجنتينية، وبالتالي الفوز الأرجنتيني بكأس العالم مُستحق بضربات الترجيح.
ولم يسلم لاعبو المنتخب الفرنسي من أصل أفريقي من الهجوم الإعلامي بالقول إن أورليان تشاوميني من أصولٍ كاميرونية، وكينغسلاي كومان، من أصولٍ غينية، كلاهما أضاعا ضربتي جزاء، ما يكشف مدى العنصريّة، وانتقاد اللاعبين عند الخسارة والتذكير بأصولهم والفرح بهم ونسيان أصولهم عند الفوز بكأس العالم.
أما الجدل الذي يستمر منذ أيام وانشغلت به الصحف الأوروبية فمحوره لقطة التتويج، حيث انتقدت وبشدة ارتداء ميسي الزي العربي “البشت” أو “العباءة” أثناء استلامه الكأس، بعد أن أهداه له أمير دولة قطر.
واضطر إلى ارتدائه فوق القميص التقليدي باللونين الأزرق السماوي والأبيض.
وكانت الصحف الألمانية في مقدمة وسائل الإعلام التي انتقدت وبشدة ارتداء ميسي “البشت” العربي، فقالت صحيفة “بازون أونلاين” “هل كان يجب أن يهتف ميسي بزي قطر؟ هذا مخجل.. كانت لحظة تسليم الكأس تتويجًا لمسيرة ليونيل ميسي، لكنها أصبحت خطوة مفاجئة من قبل منظمي بطولة كأس العالم تزعج الآن العديد من الخبراء”.
بدورها رأت “tagesanzeiger” أن ارتداء ميسي الثوب العربي كان مفاجأة من قبل أمير قطر، وساعد فيه رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، وأن ميسي بدا غير متحمس له.
وانتقدت صحيفة الغارديان البريطانية اللقطة قائلة إن تلك الصورة كانت لحظة لاسترجاع استثمار قطر البالغة قيمته 220 مليار دولار، بينما تساءل محلل “بي.بي.سي سبورت” بابلو زاباليتا “لماذا؟ لا يوجد سبب لفعل ذلك”.
صحيفة “تاز” الإلكترونية اتهمت المنتخب المغربي بـ”إضفاء لمسة معادية للسامية على احتفالاته”
وقالت صحيفة إكسربيسين السويدية إن المشهد غريب جدا، وأضافت في تقرير لها إنه “غير مفهوم ومحاولة لجعل لحظة الفوز بكأس العالم قطرية – عربية أكثر من كونها رياضية – عالمية – أرجنتينية”، متسائلة “هل لهذا أنفقت قطر كل هذه الدولارات؟”.
وقالت فيكي بلومي الخبيرة في “تي.في4” “من الواضح أن قطر أرادت إنهاء المونديال بمشهد سريالي”، مضيفة “يريدون كتابة التاريخ بالطريقة التي يريدونها”، وتابعت “أرادت فرنسا رفع شارة الحب فرفعت قطر البشت العربي بدلا عنها”.
وقال الناقد الرياضي لينوس لنجريد لصحيفة “سي.أو.24” “لقد فعلوها وهم يعلمون أن صورة ميسي سوف تعيش 100 عام حول العالم.. سوف تتساءل الأجيال لماذا كان يرتدي ميسي عباءة قطرية عربية ويبقى السؤال هل لو كانت فازت فرنسا هل كان سيرتدي جريزمان أو مبابي العباءة العربية؟”.
ومن جانبه، علق باستيان شفاينشتايجر لاعب منتخب ألمانيا السابق على اللقطة بقوله “لم أكن أعتقد أنه أمر جيد، لقد أخذت لحظة كبيرة من اللاعب، أنت تلعب كرة القدم لرفع الكأس بقميص بلدك، لا أعتقد أنه سعيد بذلك أيضًا، في رأيي، لم تكن كأس العالم ناجحة”.
وقال جاري لينيكر لاعب منتخب إنجلترا السابق عن لقطة ارتداء ميسي الزي القطري “بطريقة مخزية إنهم غطوا ميسي وهو يرتدي قميصه الأرجنتيني”.