صراع الأجنحة يشتعل داخل البيت الأصفر بالرابوني بعد أن أصبح بن بطوش ورقة منتهية الصلاحية
La rédaction
تتفاقم حالة الاحتقان داخل جبهة البوليساريو الانفصالية على وقع حرب كلامية وملاسنات بين عدد من قادتها مع القيادة العامة، فيما تلوح في الأفق معركة على الزعامة بدأت بوادرها تظهر مع استقالة القيادي أبي بشرايا البشير مسؤول العلاقات الخارجية وممثل الجبهة في باريس والاتحاد الأوروبي الذي كشف في تغريدة على حسابه بتويتر قبل أيام قليلة، أنه لا يمكنه المواصلة في مهامه في ظل خلافات في الرؤية مع كبير الانفصاليين إبراهيم غالي.
وعلى وقع أزمات مالية واخفاقات سياسية ودبلوماسية ومشاكل داخلية ارتفع معها منسوب التوتر داخل مخيم تندوف، سلطت تقارير إعلامية اسبانية الضوء على حالة التشظي التي أصبحت عليها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر في مقابل نجاحات دبلوماسية وتنموية مغربية لافتة خاصة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
ومع تصاعد صراع الأجنحة داخل البوليساريو، يعكف جنرالات في الجيش الجزائري مكلفين بملف الصحراء على إيجاد خليفة لإبراهيم غالي المنهك صحيا والملاحق في قضايا انتهاكات جسيمة ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية من خطف ونهب وتعذيب وقتل بحق صحراويين بعض من قضاياهم مطروحة حاليا في محاكم اسبانية.
وتأتي هذه التطورات بينما تستعد الجبهة لعقد مؤتمرها العام المقرر في يناير/كانون الثاني المقبل وهو مؤتمر مصيري بالنسبة لغالي الذي يفترض أن يغادر منصبه وهو أمر ستحسمه الجزائر في الغرف العسكرية المغلقة لجهة تحديد البديل القادر على إدارة أزمة البوليساريو ومشاكلها الداخلية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ويبدو حاليا أن الجزائر استنفدت ورقة إبراهيم غالي الذي أصبح منتهي الصلاحية بسبب المشاكل الصحية والقضايا التي تلاحقه في الخارج وهو أمر يحرج الحاضنة الجزائرية في كل الأحوال ويجعلها كمن يوفر غطاء لمجرم تنسب له انتهاكات واسعة بحق الصحراويين المحتجزين تحت حراب ميليشياته في تندوف.
ويبدو هذا الأمر مزعجا بالنسبة للجنرالات في الجزائر إذ يحرص هؤلاء على عدم إثارة أي ضجيج بينما يجري الترتيب لإيجاد خليفة لإبراهيم غالي.
ومن التقارير اللافتة في الصحافة الاسبانية في الفترة الأخيرة تقرير أوردته صحيفة ‘ال اندبندت’ قالت فيه إن التنظيم الانفصالي يشهد اضطرابا غير مسبوق على خلفية كثير من الملفات الداخلية.
وأشارت إلى أن استقالة أبي بشرايا البشير عمقت المشاكل التنظيمية لقيادات البوليساريو التي انخرطت في حرب كلامية قبل وقت قصير من موعد مؤتمر الجبهة المقرر في يناير/كانون الثاني 2023.
وفي أوضح علامة على حالة التشظي والأزمة الداخلية، أشارت الصحيفة الاسبانية إلى أن البوليساريو جمدت كل الهياكل التنظيمية الداخلية بسبب انفراد زعيم البوليساريو إبراهيم غالي بالسلطة.
ويقول القيادي البارز في البوليساريو أبي بشرايا البشير في نص استقالته التي أوردها في تغريدة نشرها قبل أيام قليلة على حسابه بتويتر “بعد طلب إعفاء مكتوب مؤخرا قدمت للأمين العام للجبهة استقالتي مكتوبة من مهامي مكلفا بأوروبا والاتحاد الأوروبي. شكرت ثقته، لكن خلافات عميقة معه حول الرؤية، الأساليب والأدوات أجبرتني على ذلك. أواصل في الهيئة حيث انتخبني الشعب إلى غاية حلها. لا أنوي الترشح، فعلا لا شعارا”.
وتابع “الاستقالة فعل مسؤول وشيطنتها في ثقافتنا السياسية أحد أسباب عدم التجديد والتواصل. التفريط هو الاستمرار في التمسك بالمنصب كموظف، بعد التأكد من عدم إمكانية تحمل المسؤولية كـ”قائد”. الاستقلال الوطني حتمية تاريخية والنضال من أجله وعد وعهد قطعناه على أنفسنا ما دام في العمر بقية”.
وجاءت استقالة هذا القيادي على الأرجح في خضم الخلافات ومعركة الزعامة التي زادت وتيرتها داخل الجبهة مع اقتراب موعد مؤتمر البوليساريو، فيما ذكرت التقارير اللاسبانية انه بات يتصرف بمعزل عن القيادة وعما يسمى هيئة وزارة الخارجية للكيان غير الشرعي ويبدي حرصا على الظهور الإعلامي.
وطرحت مسألة خلافة غالي على رأس البوليساريو منذ العام الماضي حين أصيب بفيروس كورونا ونقل في عملية مثيرة للعلاج في اسبانيا بوثائق دبلوماسية مزورة ما فجر حينها أزمة بين الرباط ومدريد.
وجرى تداول عدة أسماء مع الغموض الذي اكتنف وضع إبراهيم غالي (73 سنة) الصحي، فيما تبقى كل الحسابات والترتيبات بيد الجنرالات في الجزائر إذ يأخذون في الاعتبار بعض الحساسيات من بينها الانتماء القبلي والقدرة على السيطرة والتأثير داخل الجبهة التي تعيش مثل هذه الصراعات منذ نشأتها قبل عقود.
ومن بين الأسماء التي يجري تداولها في خضم حرب الزعامة والخلافة اسم عبدالله لحبيب البلال وهو قائد ما يسمى بالمخابرات في الجبهة الانفصالية. وتقول تقارير مغربية إنه الاسم الأكثر رواجا في مخيمات تندوف.
ويعرف أنه من صقور الجبهة الانفصالية المعارضين للخط السياسي الذي ينتهجه إبراهيم غالي وهو من بين الأسماء المفضلة لدى قائد الجيش الجزائري اللواء سعيد شنقريحة لسبب أنه ينحدر من قبيلة الركيبات في تندوف التي تمتلك القوة والنفوذ، لكن تتضاءل فرص ترشيحه لقيادة البوليساريو بسبب معاناته من مرض السرطان.
وبرز كذلك اسم أبي بشرايا البشير الذي استقال من منصبه ممثلا للجبهة في باريس ولدى الاتحاد الأوروبي وقد اشتهر بظهوره على القنوات التلفزيونية العالمية للدفاع عن أطروحات الجبهة.
وتفسر استقالته إلى حدّ ما برغبته في خلافة غالي ويسعى للتفرغ للترويج لنفسه وإن لم يعلن نيته الترشح أو رغبة علنية في قيادة البوليساريو.
ومن بين الأسماء الأخرى المتداولة اسم عبدالقادر الطالب عمر وهو الممثل الحالي للجبهة في الجزائر. وتقول مصادر إنه يعتبر سفير الجبهة لدى قصر المرادية وانه يحظى بقدر من القبول والشعبية لدى قادة الجيش فيما أشارت تقارير إعلامية إلى أن جنرالات الجزائر يجرون ترتيبات لجعله بديلا لإبراهيم غالي وهو أمر لم يتأكد لكنه وارد بحكم قربه من نظام العسكر وواجهته السياسية الحاكمة في الجزائر.
وكان غالي قد أزاحه من رئاسة حكومة الجبهة في العام 2018 وهو الذي شغل هذا المنصب في الكيان غير الشرعي طيلة 15 عاما، لكنه يحظى بثقة الجزائر وهذا أمر كفيل بحسم ملف ترشحه وقيل إن من منحه صفة سفير لدى قصر المرادية وحال دون انسحابه من الجبهة هم جنرالات في الجيش الجزائري.
وتقول تقارير إعلامية مغربية وجزائرية أنه جرى تداول اسمه منذ العام 2019 لخلافة غالي الذي يهيمن على الجبهة وينفرد بالقرار ولا يستشير أعضاء القيادة.
وينحدر عبدالقادر الطالب عمر من قبيلة أولاد دليم وهو ما يعرقل قيادته للجبهة التي اعتادت منذ تأسيسها على زعامات من قبيلة الركيبات وهو أمر يدرك الجيش الجزائري مدى حساسيته في مخيم تندوف.
كما يتردد اسم محمد إبراهيم بيد الله الملقب بغريغاو لخلافة إبراهيم غالي وينحدر من قبيلة الركيبات التي ينحدر منها زعيم البوليساريو الحالي ومن سبقوه في قيادة الجبهة الانفصالية: مصطفى الوالي ومحمد عبدالعزيز.