هددت قطر الأحد باستخدام ورقة الغاز في مواجهة الانتقادات الأوروبية وما تلاها من مقاطعة سياسية، على خلفية فضيحة الرشاوى المقدمة لنواب في البرلمان الأوروبي، ما يعكس توترا غير مسبوق تعيشه الدوحة التي لم تعتد على وضعية أن تكون محل اتهامات متواصلة.
وتجعل الخلافات المتصاعدة بين الدوحة والاتحاد الأوروبي، سواء بسبب قضية الرشاوى أو ملف اضطهاد عمال المنشآت الرياضية التي شيدتها خصّيصا لبطولة كأس العالم لكرة القدم، قطر في عزلة سياسية تذكّر بما سعت إلى القيام به حيال السعودية مستغلة قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
وبات اسم قطر مرتبطا بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان ما جعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدافع عن زيارته إلى الدوحة بحجة أن الهدف منها هو تشجيع منتخب بلاده في نهائيات المونديال، وذلك لتهدئة الانتقادات الموجهة إليه من قبل المعارضة الفرنسية ونواب في البرلمان الأوروبي دعوا إلى “ضرورة المقاطعة السياسية لبطولة كأس العالم لكرة القدم”.
ويلاحظ مراقبون فقدان الدوحة لهدوئها خلال الفترة الأخيرة معتبرين أن ذلك الارتباك يعود بالأساس إلى تفاجئها بعد أن أصبحت محل تقريع مستمر لم تتعود عليه.
◙ قطر نددت بقلة تعاون الحكومة البلجيكية التي تعتبرها شريكا “مقربا” و”تزودها” بالغاز الطبيعي المسال
وما يزيد من استفزاز قطر أن تجد نفسها محاصرة بفضائح فساد واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان بعد انتهاء فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي راهنت عليها لتلميع صورتها وأنفقت من أجل ذلك 200 مليار دولار حسب تصريحات سابقة وحوالي 300 مليار دولار حسب تقارير حديثة.
وكانت بوادر التوتر قد بدأت برد قطر على انتقادات ألمانية رسمية تعترض على منح قطر حق استضافة مباريات المونديال. وأدانت قطر الأحد تحقيقا في فساد تجريه بلجيكا وقرارا من البرلمان الأوروبي يقضي بالحد من التعامل معها، مؤكدة أن ذلك قد يؤثر “سلبًا” على العلاقات وإمدادات الغاز الطبيعي.
وقد طال تحقيق فُتح في بروكسل على وجه الخصوص النائبة اليونانية إيفا كايلي المشتبه في تلقيها من قطر أموالا للدفاع عن مصالح الدولة التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم.
والخميس في ستراسبورغ صوت النواب الأوروبيون بالإجماع تقريبًا على نص “يحثون فيه على تعليق قدرة ممثلي المصالح القطرية على دخول” مقر البرلمان فيما يعود اتخاذ قرار بشأن ذلك إلى رئيسته روبرتا ميتسولا.
وقال دبلوماسي قطري الأحد “إن قرار فرض مثل هذه القيود التمييزية التي تحدّ من الحوار والتعاون، على قطر قبل انتهاء التحقيق سيؤثر سلبا على التعاون الأمني الإقليمي والعالمي، فضلا عن المحادثات الجارية حول نقص وأمن الطاقة العالمييْن”.
قطر هي إحدى الدول الرئيسية المنتجة للغاز الطبيعي المسال في العالم إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا. ومنذ الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا تنامى عدد الدول الأوروبية التي تحاول التقرب من قطر، بحثا عن بديل للغاز الروسي.
وقال النواب الأوروبيون إنهم “مصدومون ” جراء عمليات الفساد وتبييض الأموال المزعومة، وقرروا تعليق “جميع الأعمال ذات الصلة بالملفات التشريعية المتعلقة بقطر”، وفي مقدمتها الملفات المتعلقة بتحرير التأشيرات لقطر والكويت وكذلك اتفاق حول التحليق في الأجواء الأوروبية.
◙ اسم قطر بات مرتبطا بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان ما جعل الرئيس الفرنسي يدافع عن زيارته للدوحة لتشجيع منتخب بلاده
وأكد الدبلوماسي القطري في بيان “نرفض بشدة الاتهامات التي تربط حكومتنا بسوء السلوك”.
وأسف “للأحكام التي تستند إلى معلومات غير دقيقة كشفتها تسريبات دون انتظار انتهاء التحقيق”.
وردا على أحد الصحافيين قالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا الخميس إنها عقدت “اجتماعين مع ممثلين عن الحكومة القطرية في بروكسل” ورفضت طلب الدوحة مخاطبة البرلمان الأوروبي.
وقالت أيضا إنها رفضت دعوة من قطر لحضور فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم، مشيرة إلى “قلقها بشأن هذا البلد”.
وحاولت قطر استغلال حضور الرئيس الفرنسي للتخفيف من عزلتها حيث أكدت في بيان نشرته الأحد على علاقاتها “الوطيدة” مع العديد من دول الاتحاد الأوروبي معربة عن “امتنانها للدول التي أظهرت التزامها بهذه العلاقات في مواجهة موجة الهجمات الحالية”.
في المقابل حمّلت بروكسل وحدها مسؤولية القرار الأوروبي. ونددت قطر بقلة تعاون الحكومة البلجيكية التي تعتبرها شريكا “مقربا” و”تزودها” بالغاز الطبيعي المسال.
وقال الدبلوماسي القطري “من المخيب للآمال بشدة أن الحكومة البلجيكية لم تبذل جهدا للتواصل مع حكومتنا لمعرفة الحقائق عندما علمت بالاتهامات”.