هل ينوب النحاس عن الذهب؟
ما دامت الكأس الذهبية يتم تجميعها بالنحاس، وأن “خير” هذا الأخير سابق على الذهب، فمن الأجدى أن يقدم النحاس “خيره” ويمنح نفسه مباشرة لمن يستحق!
لم يكن أحد يتوقع أن فريقا غير مؤهل حسابيا للفوز على أي من الفرق الكبرى التي تتواجد معه في مجموعة الدور الأول، قبل بداية البطولة، يتأهل للدور الثاني متربعا على عرش مجموعته، ثم يصبح منافسا قويا على تصدر النسخة الحالية من بطولة كأس العالم لكرة القدم (قطر 2022) برمتها.
عدد من الجماهير “غير الرياضية” ربما لم يكن لها علم بتنظيم هذه الكأس أصلا، وحتى وإن علمت، فما كان لها الحق إلا في طرح سؤال عابر، مثل:
- “شكون لاعب؟”
ثم تمضي إلى حال اهتماماتها، خصوصا وأن أغلب الجماهير الشعبية تكدح لكسب قوتها اليومي الذي زادت من حدة تعب الحصول عليه موجة الغلاء الفاحش التي طالت مختلف المواد الأساسية والخدمات، بشكل لا يحتمل.
الغلاء موجة عالمية، لا جدال في ذلك.. فبلد كريطانيا مثلا يعاني مواطنوها ذوو الدخل القار والمحدود من عدم القدرة على تحصيل متطلبات تغذيتهم، وليس عيشهم فقط. وفرنسا وإسبانيا… وكافة بلدان العالم المتقدم تعيش على وقع هذه الموجة الجديدة من الغلاء.
لكن الغلاء الأوروبي و “الغربي” تصاحبه احتجاجات ومبادرات حكومية للتخفيف من حدته على مواطني بلدانهم.
في بلاد هذا “الحلم الكروي” الطارئ والممتع، ارتفاع الأسعار موجة لا تتحكم فيها السوق العالمية (والحرب) لوحدها.
فما أن ينفلت هذا الوحش الضاري (ارتفاع الأسعار) من عقاله، وتحت أي مبرر كان، حتى يضرب كل شيء، ما يستحق وما لا يستحق الزيادة في ثمنه…
لا “أحد” يتوانى في الزيادة على “الكل”.
فحتى أغلب أصحاب المقاهي، عند رغبتك في مشاهدة مقابلة ل “منتخبك الوطني” أو “المفضل”، لا يتوانون في الرفع من سعر ثمن مشروبك (أو دون مشروب) مرات ومرات، عما قبل وما بعد كل مباراة، دون حسيب ولا رقيب، كأحد تجليات عدم الرغبة في تحديد وضبط أسعار المواد والخدمات الأساسية والضرورية منها والثانوية.
فلا غرابة في ذلك ما دام من يتوقع منهم القيام بإجراءات الضبط والتخفيف من حدة الغلاء هم أول المستفيدين منه.
أحيانا يكون المبرر العلني لذلك هو تقلبات السوق الدولية التي يفرحون لارتفاع مؤشراتها، لكنهم يضللون أو يتوارون عن الأنظار… أو يصمتون حين ما تنخفض!
مؤامرة نصف النهاية بالنسبة لأغلب الجماهير قد حدثت وكان الذي كان، فمجرد فتح الباب شاسعا للأمل (ليس كرويا فقط) فجأة، ثم إغلاقه فجأة بعد التعود عليه، يعتبر أكبر من أية مؤامرة “ماسونية” أو “صه… يونية” أو “إمبريالية” أو “صليبية” تحالفت فيها قوى “الاستكبار” و “الاستعمار” و”الفيفا” و “آكلي لحم الجيفة”… و “تجار المآسي” الكبار والصغار…
وكل الاحتمالات الافتراضية الخيالية والمتوقعة أيضا.
زادت من ملامح التفكير فيها بعض الوقائع السياسية والرياضية السريعة المتواترة التي حدثت مباشرة بعد الهزيمة غير المستحقة.
التشبث بالحلم حين يصبح ممكنا، يصبح أخطر من الاستئناس بالهزائم المتوقعة التي ينتظر البعض أن تنتج هزات (لا تقع) لتغير الأوضاع لا ينتج عنها إلا المزيد من الإحباط.
يستمر طموح الانتصار الرياضي والاجتماعي العام، وتنتعش قيم التضامن والتحدي والتقدم الضروري والممكن…
يستمر الفرح… والعشق لفريق شاب استطاع توحيد ما لا يتوحد (وحدة الأضداد) رغم سعي البعض للإساءة إليهم ولمجهوداتهم الخرافية الرائعة بشكل غير مفهوم!
هذه “الكأس” غير المنتظر الحلم بها قبل انطلاق مباريات “المونديال” الحالي ضاعت عندما أصبحت متاحة للفوز وضاع معها سكون أوسع الجماهير التي كانت تتحمل الهزائم، سابقا، ولم تعد مستعدة لتلقي خيبة هذا الأمل المشع جدا بعد انفلات “العزيمة” من عوائق وكوابح نفسية واجتماعية وسياسية متراكمة.
ماذا لو فاز المنتخب المغربي بالمنصب الثالث؟…
- كأنه لم يفز بالكأس!