“تمغربيت”.. إصدار جديد لعبد الله بوصوف يغوص في خبايا الهوية وممكنات القوة الناعمة والترافع عن مغربية الصحراء
La rédaction
صدر أخيرا عن مركز إبن خلدون لدراسات الهجرة، كتاب جديد للمؤرخ والمفكر المغربي الدكتور عبد الله بوصوف، وهو الكتاب الذي جاء بعنوان دال ومنسجم مع ما يعيشه المجتمع المغربي من أفراح بمناسبة الإنجاز الكبير للمنتخب الوطني لكرة القدم في المونديال بالدوحة، فقد جاء بهكذا عنوان: “تمغربيت”: محددات الهوية وممكنات القوة الناعمة”.
ويندرج الإصدار ضمن مشروع فكري طموح ، رسمه المؤلف لنفسه ، دفاعا عن القيم الإنسانية وتعريفا بالهوية المغربية، فالكتاب لا ينفصل عما سبقه من أبحاث ودراسات ومقالات قيمة ، يترافع فيها بوصوف عن قدرة آصرة “تمغربيت” على توحيد وإستجماع مختلف الحساسيات الثقافية والهوياتية ضمن إطار تعددي منفتح للعيش المشترك والنبوغ المغربي.
وجاء كتاب تمغربيت في 287 صفحة من القطع المتوسط، متوزعا على 30 عنوان للتفكير في إحتمالات تمغربيت وإرتباطاتها وإنفتاحاتها التاريخية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية، مستلهما درس التاريخ في العودة إلى الشواهد والوقائع والأحداث لقراءة الكائن وإستشراف الممكن.
ويوضح عبد الله بوصوف في مقدمة الكتاب بأن “آصرة تمغربيت هي إمكان ثقافي وذكاء جماعي مغربي ، يمكن أن يفيد في تحصين الهوية وتحيين الروابط الإجتماعية وإعادة بناء اللحمة الوطنية وتدعيم سلوك المواطن ، إلا أن ذلك كله يوجب التفكير في تمغربيت بعيدا عن الإحتفائية أو الإنبهار ، وهذا هو الأهم في فتح أوراش للتفكير في إستعمالاتها الممكنة ، كقوة ناعمة ، في الدفاع عن قضايا الوطن وحماية الناشئة وبناء المستقبل”.
الكتاب الجديد الذي إختار له المؤلف عبد الله بوصوف عنوانا دالا وعميقا يكسر أفق الإنتظار وحرقة السؤال ، الذي يترافع فيه عن ملف الصحراءالمغربية ،”من يملك الحق يملك القوة”.
إلا أن الكاتب وهو يترافع علميا عن مغربية الصحراء ، جدد التأكيد على أن “من يملك الحق هو حتما من يملك القوة”، وبذلك فقد جاء الكتاب موسوما بهذا العنوان الموفق في التعبير عن الدينامية الترافعية التي قادتها المملكة المغربية تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس في شأن ملف الصحراء المغربية.
وأضاف المصدر ذاته أنه “بإعتبار المغرب صاحب حق ، مشهودا له بالجغرافيا والتاريخ ، فإنه حسب المؤلف يملك قوة الإنجاز والفعل ، وهو ما يثير أحقاد أعداء الوحدة الترابية ، ويدعو في الآن ذاته إلى تقوية الأداء الترافعي دفاعا عن مغربية الصحراء ، بالعودة إلى البحث التاريخي وكل ما تتيحه الآداب والعلوم الإنسانية من شواهد ووثائق دامغة ، على أن المغرب كان ولا زال دولة قوية ، تمتد إلى أزيد من 12 قرنا ، المسبوقة قبلا بتاريخ من الشموخ الأمازيغي الطويل”.
وقال عبد الله بوصوف في كتابه إن “الإسهام في الدفاع عن الوطن ضد كل عدوان أو مجرد تهديد ، معناه أن تساهم في تفكيك أطروحة الخصوم والأعداء ، ويعني ذلك أن يقتنع الآخرون بأننا أصحاب حق بدليل التاريخ والجغرافية ، ونملك الحق ونملك القوة”، مضيفا في كتابه هذا الذي يضم 42 مقالة مرافقة ومناقشة ومتتبعة لتطورات قضيتنا الوطنية، توزعت على 252 صفحة من القطع الكبير، أن “الثورة الرقمية بكل إيجابياتها وسلبياتها تجبر الكل على تبني أساليب جديدة في الإحتجاج، والأهم أنها تفرض علينا قراءة الصورة جيدا”.
وبذلك يمكن إعتبار هذا الكتاب ككوة ضوء للتفكير في تمغربيت ، دفاعا عن ممكناتها الإنمائية والتغييرية، وترافعا بشأن الحاجة إلى هذه الآصرة الموحدة للمغاربة والحاضنة لإختلافاتهم وتعددياتهم الثقافية ، والتي تعد عنصر إثراء لا إفقار.
يشير الدكتور بوصوف أيضا إلى أن لفظة “تمغربيت” تختزل وتستجمع تاريخا من التلاقح الحضاري بين مختلف مكونات وروافد الثقافة المغربية ، فما يلاحظ من تركيبها اللغوي ، فهي توحد البعدين الأمازيغي والعربي في “تركيب” واحد ، مع ما يتصل بهما من أبعاد حسانية وصنهاجية وموريسكية ويهودية وإفريقية. وذلكم “ذكاء مغربي” خالص في القدرة على صهر المتفرق في بوثقة المتوحد.
وفي هذا الصدد يقول: “تبتدئ تمغربيت بـ”تا” والتي تتكرر في كثير من الكلمات الأمازيغية ، للدلالة على التأنيث ، تماما كما هو الأمر بالنسبة لتامصلوحت وتافوغالت وتالسينت ، ولا نستبعد أن تكون أن تكون هذه التاء متصلة بـ”تانيت” المتصلة بالإعتقادات الأمازيغية ما قبل الإسلامية. وعموما فالتاء هنا تدل إلى الإشارة إلى موضع أو شيء ما، خصوصا عندما تختم المشار إليه، بتاء ثانية، حيث يصير الهدف تدقيقا وتأصيلا للوصف وتمييزا له عن غيره من الوقائع والمواضع والممارسات.
وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن تمغربيت هي علامة خاصة ومخصوصة يُستدل بها على من ينحدر من هذه الأرض الطيبة ، ويتوفر على مجموعة من الخصائص والصفات التي تؤهله لحمل الوشم والافتخار به.
إلا أنه لا بد من التأكيد على أن وشم تمغربيت، ليس وشما طارئا أو عابرا، إنه محصلة نهائية لقرون طويلة من التفاعل الثقافي بين أجدادنا الأمازيغ وباقي الشعوب المختلفة من الفنينقيين إلى الرومان إلى العرب المسلمين وغيرهم من آل الديانات السماوية وباقي الشعوب والأرومات التي أسمته بالمغرب الأقصى ومراكش والمغرب الكبير وموريطانيا الطنجية، إلى أن بات مملكة مغربية، يقام لها ألف حساب في مختلف دول المعمور.
كما يوضح الدكتور عبد الله بوصوف قائلا بأن “ما يميز المغرب الأبي هو توفره على ممكنات ثرية للقوة الناعمة، فتمغربيت في مختلف جغرافياتها اللانهائية والمتعددة الروافد والانتماءات، تعد خزانا ثقافيا فائق الأهمية والاعتبار، يعد أساس ومنطلق هذه القوة الناعمة، والمطلوب هو الإستثمار فيه والتثمين والتطوير لتوظيفه في إستراتيجيات القوة الناعمة، فليس المطلوب فقط هو الإعتزاز بهذا الرصيد التاريخي ، وهو أمر جميل ، ولكن الضروري والإستراتيجي هو الإنتقال به إلى منطق القوة الناعمة وإستعماله في الجذب والتأثير والترافع والتنافس لصالح مصالح الوطن والمواطنين”
إن التسامح الديني والنموذج التديني المعتدل والتنوع المطبخي وجماليات تمغربيت في المعمار والمجال والإنسان واللباس والحلي وفنون الظهور ، وفي الإجتماع والتضامن والفرح والإحتفال والرموز والطقوس ، فضلا عن العمق الحضاري والتاريخي والتعدد الثقافي…، كلها مصادر مهمة وملهمة ، يمكن توظيفها في إستراتيجيات القوة الناعمة ، لجلب المزيد من التأييد وكسب الكثير من الصداقات ، وتحقيق العديد من المصالح الاقتصادية والمكاسب الدبلوماسية ، فهذه هي المصادر الأولية التي ينبغي الإستثمار فيها ، لتتحول إلى قوة ناعمة.
فعندما نشتغل على التسامح الديني كأحد مقومات تمغربيت ، ونبرز هذا التسامح في الإعلام والصناعات السينمائية والثقافية ، ونجعل منها محورا ثقافيا ومجتمعيا، نترافع به ، ونوظفه في السياسات العمومية والبناءات المجتمعية، فإن هذا الإمكان الثقافي/الديني/الإجتماعي ، يمكن أن يصير مرتكزا لقوة ناعمة تعمل كقوة جذب للدول المصنعة للإستثمار وخلق فرص الشغل، عن طريق تشجيع السياحة ، كما أنه يمكن أن يستعمل في إستمالة جماعات الضغط الكبرى ، داخل المؤسسات الدولية لإستصدار قرارات لصالح الوطن.
وإلى ذلك ستبقى تمغربيت آصرة موحدة للمغاربة ، ومنفتحة على كل الثقافات والحضارات ، وستبقى أيضا من أهم ممكنات القوة الناعمة ، وما علينا إلا أن نثق في هذا الإمكان الهائل من التفاعل الثقافي الذي صهرته التجارب والتلاقحات الحضارية ، وأن نعمل بكل جدية على حماية وصون ورعاية الأصول والخيرات الثقافية التي نتوفر عليها ، وذلك من أجل التثمين والإستثمار في إستراتيجيات القوة الناعمة. وهذا لا يكون إلا بنهج مقاربة شمولية ومندمجة تؤمن بفعالية الثقافي في تحقيق التنمية وبناء المستقبل.
لقد توزعت محاور الكتاب على المشغوليات التالية: تمغربيت وشم لا يزول، تمغربيت.. هوية وانتماء، ثقافة التسامح في تمغربيت، ثقافة الفرح في تمغربيت، قيم التضامن في تمغربيت، ثقافة الحب في تمغربيت، تمغربيت: الضرورة والإمكان، تمغربيت والترافع الإعلامي، تمغربيت..وطنية ومواطنة، تمغربيت آلية تدبير، تمغربيت كنزنا الثقافي، تمغربيت في مسجد باريس، تمغربيت والتعدد الديني، اليهود المغاربة وعبقرية تمغربيت، سفراء تمغربيت، المرأة المغربية والهجرة، الابتكار المغربي، عندما تنتصر صلة الرحم، دروس من “الدروس الحسنية”، تمغربيت اعتدال ووسطية، فرصتنا الديمغرافية ورأسمالنا اللامادي، تمغربيت أساس كل تغيير، مغاربة العالم وتمغربيت والتنمية، اليوم الدولي للمهاجرين وتمغربيت، مغاربة العالم وحب الوطن، تمغربيت والبعد العالمي، تمغربيت والإبداع، التاريخ بصيغة المؤنث، تمغربيت والدبلوماسية، الملحون وجماليات تمغربيت تمغربيت والبعد الجمالي، تمغربيت على المائدة، العرض الثقافي وتسويق النموذج المغربي، العرض الثقافي والقوة الناعمة ممكنات القوة الناعمة، تمغربيت المستقبل.