العاهل الأردني في مهمة احتواء أزمة صامتة بين الجزائر ودول الخليج
يقوم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بزيارة رسمية إلى الجزائر يُنتظر أن تسهم في إزالة الفتور المسجل في علاقات الجزائر مع دول الخليج، لاسيما وأنها تسبق زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي الأمير محمد سلمان وتأتي في سياق إقليمي ودولي تغلب عليه التوترات خاصة الأزمة الأوكرانية، والتهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج والتطبيع العربي – الإسرائيلي، فضلا عن الأزمة الثنائية بين الجزائر والمغرب.
وذكر بيان مقتضب للرئاسة الجزائرية أنه بدعوة من الرئيس عبدالمجيد تبّون يشرع الملك عبدالله الثاني “في زيارة دولة إلى الجزائر تدوم يومين، ابتداء من السبت”.
ولم يقدم تفاصيل أخرى حول الزيارة التي تكتسي أهمية قياسا بقدرتها على تحريك المياه الراكدة في المنطقة، خاصة في ما يتعلق بأزمة صامتة بين الجزائر وعدد من دول الخليج العربي.
وبالموازاة مع المصالح الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين، فإن الزيارة تخيم عليها عدة ملفات عربية وإقليمية، وقد تكون خطوة في طريق تصفية الأجواء بين الطرفين، خاصة وأن الجزائر لم تستسغ غياب قادة عرب عن القمة العربية التي احتضنتها في مطلع شهر نوفمبر الماضي.
ويرجح أن يشكل الموقف الجزائري من إيران، والتطبيع العربي – الإسرائيلي والقطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، المحور الأساسي لأجندة العاهل الأردني. ولا يستبعد في هذا الشأن فرضية الوساطة بين الطرفين لحلحة الأزمة، فضلا عن حشد الموقع الجزائري الحالي في القمة العربية لدعم القمة الصينية – العربية المنتظرة في المملكة العربية السعودية.
وكان الرئيس الجزائري قد ظهر في أحاديث هامشية مع العاهل الأردني وولي العهد السعودي في الدوحة على هامش حفل افتتاح مونديال “فيفا” قطر 2022، مما أعطى الانطباع بأن اللقاءات الهامشية على قدر من الأهمية في رسم معالم استحقاقات عربية قادمة.
وعرفت العلاقات الجزائرية مع غالبية دول المشرق العربي حالة من الفتور خلال السنوات الأخيرة نتيجة تضارب المواقف بشأن عدة خيارات إقليمية، على غرار الموقف الجزائري من إيران تجاه تهديداتها المستمرة لمنطقة الخليج العربي.
وتحدثت العديد من التقارير عن تأجيل زيارة لولي العهد السعودي خلال الأشهر الماضية إلى الجزائر عدة مرات بسبب الخلافات المذكورة، وحملت المقاطعة غير المعلنة لقادة عرب من منطقة الخليج العربي للقمة العربية التي احتضنتها الجزائر مطلع الشهر الماضي، موقفا دبلوماسيا تجاه خياراتها في ما يتعلق بالقطيعة مع المغرب، والعلاقات مع إيران ودعم النظام السوري.
وكانت الجزائر على لسان الرئيس تبون قد رفضت بشكل قطعي أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، واعتبرت القضية الفلسطينية قضية محورية في أجندتها، واحتضنت لقاء مصالحة فلسطينية – فلسطينية توج بإعلان الجزائر، كما ظلت ترافع لصالح عودة سوريا إلى موقعها في الجامعة العربية، فضلا عن إدراجها لعلاقاتها مع إيران في نطاق سيادتها الوطنية.
ملفات سياسية ثقيلة ينتظر أن يفتحها العاهل الأردني في زيارته إلى الجزائر لتجاوز حالة البرود في علاقات الطرفين
ملفات سياسية ثقيلة ينتظر أن يفتحها العاهل الأردني في زيارته إلى الجزائر من أجل تجاوز حالة البرود التي تخيم على العلاقات بين الطرفين، خاصة وأن التطورات المستجدة في المنطقة والعالم تكون قد بلورت مقاربة لدى القيادات العربية لحشد العمل العربي لمواجهة التحديات القائمة، ولذلك لا يستبعد أن تكون حلحلة الخلافات الثنائية خاصة بين الجزائر والرباط في صدارة الأجندة المذكورة.
ويكون محور الجزائر – المشرق العربي بصدد تلقي دفع دبلوماسي لافت في الآونة الأخيرة، فبالموازاة مع الزيارة التي يقوم بها الملك عبدالله الثاني، تحدثت تقارير عربية عن زيارة مرتقبة للأمير محمد بن سلمان إلى الجزائر قريبا، لتنهي حالة التردد التي لازمت البلدين في الآونة الأخيرة، واحتواء أزمة صامتة بينهما.
ولفتت إلى أن الموقف العربي المشترك تجاه التطورات المستجدة في المنطقة والعالم، واشتداد أزمة الطاقة باتا يفرضان اهتماما متزايدا لقادة المنطقة العربية، خاصة وأن الجزائر والرياض تجمعهما إلى جانب القواسم القومية، العديد من القواسم الاقتصادية والإستراتيجية المشتركة على غرار الانتماء إلى منظمة أوبك وتحالف أوبك+، ورغبتهما في الانضمام إلى منظمة “بريكس”، فضلا عن رغبة في حشد موقف عربي في القمة المنتظرة مع الصينيين.
وبالموازاة مع الأجندة السياسية للزيارة، يرى الخبير السياسي عبدالقادر سليماني أن “التعاون الاقتصادي حاضر بقوة في لقاءات الملك عبدالله الثاني وتبون، حيث ينتظر التخطيط العملي لعقد اللجنة الجزائرية – الأردنية المشتركة لبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري وكذلك الاستثماري والسياحي والتعليمي”.
كما ينتظر التطرق إلى العديد الاتفاقيات التي بدأ الحوار حولها لإيجاد مساحة أوسع للتعاون سواء في مجال التعليم أو الاستثمار والربط بين القطاع الخاص في كلا البلدين إلى جانب التعاون الطبي وغيره من المجالات، وذلك من خلال التوجه نحو تفعيل اتفاقية التجارة الثنائية الموقعة بين البلدين العام 1997 بشكل أكبر وزيادة دور اللجنة الفنية التجارية المشتركة.
والتوجه نحو وضع خارطة طريق لتنويع قاعدة السلع المتبادلة بين الجانبين وتقليل المعيقات الجمركية وغير الجمركية لتسهيل انسيابية السلع، خاصة وأن حجم التبادل التجاري وكذلك الاستثماري ما يزال أقل من مستوى الطموحات.