المغرب على أبواب تحوّل أخضر في صناعة الأسمدة

كشفت مجموعة الفوسفات المغربية أنها ستنفق المليارات من الدولارات بهدف زيادة إنتاج الأسمدة من خلال توظيف الطاقة المستدامة، وذلك ضمن برنامج استثماري في السنوات الخمس المقبلة.

وتأتي هذه الخطوة لتؤكد حرص السلطات بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس على ترسيخ كل ما له علاقة بصداقة البيئة وفق إستراتيجية التحول الأخضر بكافة القطاعات الإنتاجية في البلاد وخاصة الفوسفات الذي يعد إحدى الركائز الأساسية لقاطرة الاقتصاد.

ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن الديوان الملكي قوله في بيان إن “المجمع الشريف للفوسفات سينفق 130 مليار درهم (12.3 مليار دولار) لزيادة إنتاج الأسمدة باستخدام الطاقة المتجددة للفترة ما بين 2023 و2027”.

◘ الفوسفات مهم لصنع الأسمدة، وقد تزايد الطلب عليه مقابل العرض المحدود الناتج عن تداعيات جائحة كوفيد – 19 ثم الحرب في أوكرانيا

وقدم مصطفى التراب الرئيس والمدير العام لمجموعة الفوسفات، خلال ترؤس الملك محمد السادس اجتماعا عقد مساء السبت الماضي، البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجموعة.

ويرتكز البرنامج على تعزيز قدرات إنتاج الأسمدة، مع الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني قبل 2040، وذلك بالاعتماد على الإمكانات الفريدة من الطاقة المتجددة.

وتهدف المجموعة من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى “تزويد جميع منشآتها الصناعية بالطاقة الخضراء بحلول سنة 2027”.

وأفاد البيان أيضا بأن “هذه الطاقة الخالية من الكربون ستمكن من تزويد المنشآت الجديدة لتحلية مياه البحر، من أجل تلبية احتياجات المجموعة وكذلك تزويد المناطق المجاورة لمواقع المجمع الشريف للفوسفات بالماء الصالح للشرب والري”.

وستمكن الاستثمارات “على المدى البعيد من وضع حد لاعتماد المجموعة على واردات الأمونيا”، إذ تعتبر مجموعة الفوسفات المغربية المورّد الأول لهذه المادة عالميا.

وسيتم ذلك عبر الاستثمار “في سلسلة الطاقات المتجددة، في مقدمتها الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، مما سيمكنها من ولوج سوق الأسمدة الخضراء بقوة”.

ومن المتوقع أن يتعزز هذا الطموح عبر برامج دعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وشركات قطاعي الطاقة والزراعة، ما سيساهم في بروز منظومة بيئية محلية مبتكرة، وتوفير فرص عمل جديدة.

 

يونس بلفلاح: الخطوة مهمة جدا وتعزّز السيادة الاقتصادية في المغرب
يونس بلفلاح: الخطوة مهمة جدا وتعزّز السيادة الاقتصادية في المغرب

 

ولإنجاح خططها اعتمدت المجموعة على قدرات البحث بجامعة محمد السادس للاستفادة من التكنولوجيات الصناعية والرقمية الجديدة وتطوير الخبرات في مجال التقنيات المبتكرة للتسميد من أجل مواجهة تحديات الزراعة المستدامة والأمن الغذائي.

وأكد الخبير الاقتصادي يونس بلفلاح أن “الخطوة مهمة جدا بالنسبة إلى الشركة الأهم في البلاد، والتي تمثل قطاعا إستراتيجيا وسياديا بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي”.

وأشار إلى أن هذا البرنامج المستقبلي يستهدف زيادة رفع الإنتاجية ودفع القطاع نحو العالمية مع تدويل نشاط المجموعة في الخارج لزيادة أرباحها ونموها، مما سيساعد على توظيف المزيد من اليد العاملة.

وقال بلفلاح إن “البرنامج الاستثماري الجديد للمجموعة يوضح أنها تقوم بدور مهم جدا في قيادة قطاعات ليست مرتبطة بالزراعة فقط وإنما متصلة أيضا بقطاعات صناعية ذات أهمية للاقتصاد، ما يمكّن المغرب من أن يتبوأ مرتبة إنتاجية قوية عالميا”.

ويسجل البلد للعام الثاني تواليا عائدات قياسية من صادرات الفوسفات، مستفيدا من ارتفاع الطلب على الأسمدة، وهو ما يعزز أيضا مكانة هذه الثروة الطبيعية كورقة رابحة للدبلوماسية المغربية.

ووفق بيانات هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية فإن المغرب الذي يملك 70 في المئة من احتياطات الفوسفات العالمية، هو أول منتج لهذه المادة في أفريقيا، والثاني في العالم بعد الصين.

وتمثل حصة البلد من هذا المعدن في السوق الدولية نحو 31 في المئة، بحسب شركة الفوسفات الحكومية التي تحتكر استغلاله وتصنيعه.

وقاد الفوسفات ومشتقاته -بما في ذلك الأسمدة- قيمة صادرات المغرب إلى الارتفاع؛ إذ بلغت مستوى قياسيّا يقدّر بـ9.5 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، وذلك في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية.

ويُتوقع أن يرتفع رقم أعمال المجموعة نهاية هذا العام بنسبة 56 في المئة مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى أكثر من 12 مليار دولار، بعدما سجل ارتفاعا نسبته 50 في المئة بين 2020 و2021.

 

والفوسفات مهم لصنع الأسمدة، وقد تزايد الطلب عليه مقابل العرض المحدود الناتج عن تداعيات جائحة كوفيد – 19 ثم الحرب في أوكرانيا.

وقال بلفلاح “ما تقوم به المجموعة وبرعاية ملكية كبيرة يدل على أن هناك اهتماما أكبر بقطاع الصناعة وهناك مدارك مهمة ستجعل المغرب ليس فقط نقطة محورية على المستوى الخدماتي في المنطقة، بل ستدخله إلى نطاق الاقتصادات الصاعدة”.

ويراهن المغرب على الاستفادة من احتياطيه الضخم لزيادة إنتاجه من الأسمدة. فقد رفع المجمع طاقته الإنتاجية من 3.4 مليون طن في 2008 إلى 12 مليون طن في العام الماضي، ويتوقع أن تبلغ 15 مليون طن عند نهاية عام 2023.

وتستغل مجموعة الفوسفات أربعة مناجم، يمثل أحدها في الصحراء المغربية نحو 8 في المئة من مجموع الإنتاج السنوي.

وبموازاة طموحها إلى رفع إنتاج الأسمدة كثفت المجموعة حضورها الدولي في الأعوام الأخيرة وخاصة في أسواق أفريقيا، إذ تمتلك فروعا في 16 بلدا ولها عدة مشاريع في هذه القارة، من بينها مشروع لإنشاء مصنع للأسمدة في نيجيريا افتتح مؤخرا، وآخر أعلن عن اتفاق لإنشائه في إثيوبيا في سبتمبر الماضي.

كما أعلنت المجموعة مؤخرا أنها ستخصص في العام المقبل 4 ملايين طن من الأسمدة “لدعم الأمن الغذائي في قارة أفريقيا”. وهذا بعدما أرسل نحو نصف مليون طن إلى دول أفريقية هذا العام إما مجانا أو بأسعار تفاضلية.

وكان الخبير خورخي أورتيز الذي يكتب في مجلة “أطليار” الإسبانية قد توقع في وقت سابق من هذا العام أن يحتل المغرب المركز الأول في هذه الصناعة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: