فرنسا تبحث عن صيغة لإنهاء الأزمة الصامتة مع المغرب

ماموني

تريد فرنسا إيجاد حل للأزمة الصامتة التي تعيشها مع المغرب منذ أشهر وهي الأزمة التي تقف وراءها عدة أسباب من بينها غموض الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية وإصرار فرنسا على سياسة خفض التأشيرات. ويرى مراقبون أن تجاوز الأزمة يرتبط أساسا بمدى جاهزية فرنسا لتقديم تنازلات.

تتحرك فرنسا لتجاوز الأزمة الصامتة مع المغرب التي أثرت على المصالح المشتركة بين البلدين وسط حديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط وتعيين سفير جديد.

وذكرت تقارير فرنسية أنه تم تحديد شهر يناير المقبل موعدا لزيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، في حين لم يصدر تأكيد رسمي من السلطات المغربية.

وذكر موقع “أفريكا إنتليجنس” المقرّب من دوائر اتخاذ القرار داخل قصر الإليزيه أن باريس تحضّر لزيارة ماكرون إلى المغرب التي تدوم يومين، مشيرة إلى أن الزيارة تم تحديدها خلال الاتصال الأخير غير المعلن الذي جمع العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي.

ولفت الموقع إلى أن ماكرون اتصل بالملك محمد السادس، حيث تطرق الجانبان إلى “سوء التفاهم الحاصل خلال الأسابيع الماضية”.

كما تطرقا خلال المكالمة الهاتفية، التي استمرت 30 دقيقة حسب الموقع الفرنسي، إلى موضوع سفارتي البلدين اللتين بقيتا دون سفراء منذ شهر أكتوبر الماضي.

 

نبيل الأندلوسي: الأزمة دفعت عددا من الشركات الفرنسية في المغرب إلى المغادرة
نبيل الأندلوسي: الأزمة دفعت عددا من الشركات الفرنسية في المغرب إلى المغادرة

 

وبحسب أفريكا إنتليجنس أعرب ماكرون للملك محمد السادس عن رغبته في القيام بزيارة رسمية إلى المغرب، مضيفا أن العاهل المغربي تفاعل مع ذلك بشكل إيجابي وعبر عن ترحيبه بالرئيس الفرنسي واستعداده لاستقباله.

وسبق للرئيس الفرنسي أن تحدث بشكل غير رسمي عن زيارة إلى المغرب، لم تحدث، في أكتوبر الماضي وذلك عبر فيديو تم التقاطه خلال خروجه من مهرجان مدينة توكيه للموسيقى غداة عودته من الجزائر، حيث توقف للدردشة مع بعض المارة.

وعلق المحلل السياسي المغربي نبيل الأندلوسي على هذه الأنباء بالقول “إن زيارة ماكرون إلى المغرب كانت مقررة منذ مدة، إلا أن توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حال دون ذلك ودخلت هذه الزيارة في مسلسل من التأجيل، لذا فالزيارة المرتقبة في يناير المقبل، إذا تحققت، ستكون عنوان الانفراج في الأزمة المغربية – الفرنسية”.

ولفت الأندلوسي، في تصريح لـه، إلى أن “هذا متوقف بالدرجة الأولى على توضيح فرنسا لموقفها من السيادة المغربية على منطقة الصحراء، بعدما جعل المغرب الموقف من هذه القضية أساسا يقيّم به علاقاته الخارجية، وبناء عليه يحدد الصداقات وحدود الشراكات مع الدول الصديقة التي تربطه بها علاقات دبلوماسية”.

وكان الملك محمد السادس قد شدد، خلال خطاب بمناسبة ثورة الملك والشعب، على أن ملف الصحراء المغربية هو النظارة التي ينظر منها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس صدق الصداقات وفاعلية الشراكات.

وأوردت مصادر الفرنسية أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا ستقوم برحلة إلى الرباط في منتصف شهر ديسمبر الجاري تمهيدا للزيارة، وستلتقي خلال هذه الرحلة بوزير الخارجية ناصر بوريطة لترتيب هذه الزيارة، وهي الخطوة التي تأتي بعد مرور أيام على تصريحات ماكرون بخصوص أزمة التأشيرات حيث دافع عن قرار حكومة باريس بتقليصها بالنسبة إلى مواطني المغرب والجزائر وتونس للضغط عليها من أجل استقبال مواطنيها غير المرغوب فيهم.

ومن مؤشرات الجمود في العلاقات بين البلدين توقف الزيارات الدبلوماسية المتبادلة بينهما منذ شهور، حيث تمت آخر زيارة لمسؤول فرنسي إلى المغرب في نوفمبر 2021، ويتعلق الأمر بالوزير المنتدب المكلف بشؤون التجارة الخارجية فرانك رياستر.

ورشحت باريس كريستوف لوكورتييه كسفير جديد لها في الرباط. وشغل الدبلوماسي الفرنسي مهمة سفير لباريس في أستراليا والبرازيل.

وظل منصب السفير شاغرا منذ سبتمبر الماضي، بعد إنهاء مهمة السفيرة السابقة هيلين لوغال التي غادرت منصبها في أوج الأزمة الصامتة التي شهدتها العلاقات المغربية – الفرنسية، والتي احتدت إثر انتهاج باريس سياسة تقليص التأشيرات والإصرار على إعادة المهاجرين المغاربة إلى بلدانهم.

زيارة ماكرون المرتقبة في يناير المقبل، إذا تحققت، ستكون عنوان الإنفراج في الأزمة المغربية – الفرنسية

وأكد الأندلوسي أن كريستوف لوكورتييه، بالإضافة إلى مساره الدبلوماسي كسفير سابق لباريس بكل من أستراليا والبرازيل، سبق أن شغل مناصب بمؤسسات حكومية اقتصادية متخصصة في دعم استثمارات الشركات الفرنسية ومساعدتها على تجاوز العراقيل التي تصادفها خارج فرنسا، ومنها مهمة مدير مؤسسة “بيزنيس فرانس” التي تتولى مهمة إدارة الاستثمارات الفرنسية في الخارج.

وأوضح الأندلوسي أن قصر الإليزيه، وفي إطار التوجه إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، يستحضر أساسا المصالح الاقتصادية والمكاسب الممكنة للشركات الفرنسية المستثمرة أو التي ستستثمر بالمغرب، لذا اختار بروفايلا يناسب هذا التوجه للقيام بهذه المهمة. وأشار إلى أن الأزمة الحالية بين البلدين أثرت سلبا على عدد من الشركات الفرنسية بالمغرب، حيث أعلن عدد منها مغادرته المغرب وسحب استثماراته من المملكة، بعد إيقاف التسهيلات والتعامل التفضيلي الذي كان يحظى به.

وتمر العلاقات المغربية – الفرنسية بمرحلة برود شديد، احتد إثر اتهام المملكة باستخدام برنامج “بيغاسوس” للتجسس على هواتف شخصيات فرنسية بارزة في مقدمتها الرئيس إيمانويل ماكرون، زد على ذلك إقدام فرنسا على خفض التأشيرات الممنوحة للمغاربة، وعدم الحسم الفرنسي في تغيير موقفها من ملف الصحراء المغربية على غرار عواصم مثل مدريد وواشنطن اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه.

وسبق لنائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي فانسان دولاهاي أن أكد على ضرورة إيجاد حلول للخروج من هذا الوضع بسرعة، وإيجاد طرق مقبولة للجميع.

ويرى الأندلوسي أن توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس لا يخدم مصالح الدولتين، وتجاوز هذا التوتر يعزز المصالح الإستراتيجية لكل منهما، إلا أن الأمر يحتاج إلى وضوح المواقف وتجاوز الخلافات الأخيرة التي عكرت صفو هذه العلاقات ذات الامتداد التاريخي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: