لازالت الجالية المغربية ببلجيكا و كذا السلطات البلجيكية لم تتفهم بعد الغموض حول اعمال الشغب و التخريب التي عرفتها مدينة بروكسيل بعد إنتهاء مباراة المنتخب المغربي و نظيره البلجيكي ، الفوز الذي تحول من إحتفالية إلى جرائم ضد المرافق الحيوية و الممتلكات الخاصة .
المباراة التي استغلها شباب الجالية المغربية و كذا جنسيات أخرى للتعبير عن أوضاعهم الهشة التي يعيشونها في أحيائهم الشعبية و التي تتخبط بين الفقر و الهشاشة و التي لا تتناسب مع الاخلاق الرياضية و لا أخلاق مغاربة العالم و خصوصا و أن المنتخب المغربي كان من الفائزين في المباراة .
الوضعية التي تظهر غياب أي تأطير لهؤلاء الشباب سواء من جمعيات المجتمع المدني و التي تتعدى 500 جمعية مغربية ببروكسيل و كذا غياب الاندماج في المجتمع البلجيكي رغم أن أغلبية الشباب ولدوا و ترعرعوا و تابعوا دراساتهم في بلجيكا .
فالشباب المغربي يعتبرون أنفسهم غرباء و مهاجرين رغم جنسيتهم البلجيكية ولعل الانتصار في الكرة يعطي شعورا بالنشوة والتفوق، لكنه سرعان ما ينقلب في واقع الهجرة المرير والكئيب بالأحياء الهامشية إلى غضب مكتوم ينفجر وسط الحشد، بسبب تعطيل العقل الفردي، وغلبة الهياج الغوغائي المنفلت من كل ضابط أو قانون، وأيضا وهذا أمر لا بد من التأكيد عليه، بسبب اقتران الجهل الكبير والأمية والفشل الدراسي بالشعور بالإقصاء.
إن الحلّ لمثل هذه المعضلات يوجد بين أيدي بلجيكا والدول الأوروبية، أن تحرص على تغيير سياستها في الهجرة وإيواء الأجانب، وأن تعمل على إدماجهم في الأوساط الاجتماعية المختلفة عوض عزلهم في “كيتوهات” ونسيانهم، كما عليها الحرص على تكافؤ الفرص بين جميع من يعيشون على أرضها من الذين يتمتعون بجنسيتها، والذين يتم التعامل معهم بكثير من التمييز والمفاضلة، ويكفي المقارنة في نسبة البطالة بين أحياء المهاجرين وبقية الأحياء الأخرى.
نتمنى ألا تتكرر هذه السلوكات التخريبية من طرف مغاربة، والذين يسيئون أيضا من خلالها إلى وطنهم الأصلي الذي يحملون رايته وهم يقومون بأعمالهم التخريبية الشنيعة، كما يفسدون انتصارات فريقهم الوطني في الكرة، ونتمنى أن يتمكنوا من طرح قضاياهم بالطرق الحضارية المعمول بها عبر منتخبيهم وجمعياتهم وحركاتهم الاحتجاجية وعبر وسائل الإعلام، وأن يدركوا بأن العنف والتطرف والكراهية والجريمة ليست حلولا تمكن من العيش بكرامة، وأن الديمقراطية لها آليات ومفاهيم وطرق تدبير تسمح – في حالة ما إذا تم الالتزام بها – بحل مختلف الخلافات بطرق سلمية. ولعل هذه السلوكات المشينة ستكون بلا شك حافزا جديدا لليمين المتطرف لكي يربح مواقع جديدة، ويُقنع من ما زال مترددا في تبني أطروحة الفاشية اليمينية، مما سيجعل مستقبل جاليتنا المغربية بالخارج مستقبلا غير آمن.