المغرب يقود جهود تنمية قطاع السياحة في أسواق أفريقيا

حنان الفاتحي

كثف المغرب جهوده الرامية إلى دعم السياحة في أفريقيا عبر حزمة مبادرات جديدة لإقناع دول القارة بضرورة دفع هذا القطاع المهم في تنمية اقتصاداتها من بوابة توظيف كل الإمكانيات والقدرات التي لا تزال تحتاج إلى تطويرها بكل الأشكال.

تسارعت تحركات المغرب لوضع أسس مستدامة لتنمية السياحة في أفريقيا من أجل جذب المزيد من الاستثمارات إلى أسواقها وإغراء الزوار من خلال العمل على وضع مبادرات وإستراتيجية تواكب المرحلة القادمة.

وتعد السياحة قطاعا هاما وحيويا في الكثير من الاقتصادات الأفريقية، من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والعمالة والتجارة، ويزداد نموها من جانب الزوار القادمين من القارة نفسها.

كما أنها تشكل مصدرا من مصادر جلب العملة الصعبة وتمثل مكونا رئيسيا من الصادرات الخدمية، التي تؤثر في ميزان المدفوعات وتسهم في خفض حدة البطالة.

ولكن باستثناء مجموعة من الدول التي تركز عليها باعتبارها أحد محركات النمو لاقتصاداتها، لا يزال أمام البعض الآخر جهد كبير لكي يجعل السياحة ركيزة أساسية لتوفير الإيرادات على نحو أكبر.

 

فاطمة الزهراء عمور: قارتنا تتوفر على مؤهلات كبيرة غير مستغلة حتى الآن
فاطمة الزهراء عمور: قارتنا تتوفر على مؤهلات كبيرة غير مستغلة حتى الآن

 

واعتبرت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور خلال افتتاح أعمال الدورة 117 للمجلس التنفيذي للمنظمة العالمية للسياحة، التي تحتضنها مدينة مراكش، أن اعتماد مقاربة قارية من شأنه أن يشجع على تنمية السياحة بما يتناسب مع المؤهلات الكبيرة لأفريقيا.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى عمور قولها إن “قارتنا تتوفر على مؤهلات كبيرة غير مستغلة حتى الآن، وسنبقى مقتنعين بأن اعتماد مقاربة قارية وتضافر الإرادات سيشجعان تنمية السياحة الأفريقية بما يتناسب مع هذه المؤهلات الرائعة”.

وأضافت “اليوم نحن متفائلون إزاء قطاع سياحي أكثر صمودا في المغرب، وكذلك على الصعيد القاري، والقادر على الاضطلاع بدوره كاملا كمحرك اقتصادي حقيقي”.

وأشارت إلى أن قطاع السياحة يمثل محركا حقيقيا للنمو الاقتصادي وإحداث فرص العمل شريطة وضع النهوض بالقطاع وصموده ضمن الأولويات بأفريقيا.

ورغم أنّ أفريقيا عانت كثيرا من الصراعات السياسية التي كانت تؤثر على مستويات النمو، فإنها تشهد تحولا في أسواقها السياحية، وأصبحت الدول تقدم مفهوما خاصا ومختلفا لرحلات السفاري التي بدأت تخرج عن شكلها التقليدي.

وذكر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في العديد من تقاريره خلال السنوات القليلة الماضية أن السياحة في أفريقيا قطاع نام، حيث يعمل بها حوالي 21 مليون شخص.

وأكد خبراء أونكتاد مرارا أن البلدان الأفريقية تستطيع الاستفادة فعلا منه، اقتصاديا وتنمويا، إذا وضعت السياسات المناسبة.

وتشير بعض التقديرات إلى أن أربعة من أصل عشرة سياح دوليين في أفريقيا يأتون من القارة نفسها، في حين يرتفع العدد إلى اثنين من كل ثلاثة سياح من القارة باستثناء الدول العربية.

ولفتوا إلى أنه يمكن لحكومات القارة أن تستفيد أكثر من عوائد التدفقات السياحية، خاصة وأن ثلثي السياح الدوليين في أسواق أفريقيا يأتون من دول أفريقية أخرى.

النسخة الحالية من أعمال المنظمة العالمية للسياحة تشكل موعدا أساسيا بالنسبة إلى الفاعلين العالميين في القطاع

وعلى الرغم من التفاؤل بمستقبل سياحي مزدهر إلا أن هذه الصناعة تواجه العديد من التحديات التي تضعف قدرتها التنافسية وتجعلها تأتي في مرتبة متأخرة ضمن الترتيب العالمي كوجهات جاذبة وتحد من حصتها في سوق السياحة العالمية.

ولذلك يرى المغرب أنه من الضروري الآن الإسراع في إعادة تقييم واقع هذا القطاع ودوره في اقتصادات أفريقيا، مع مناقشة عوامل الجذب السياحي فيه للبناء عليها.

وتشكل النسخة الحالية من أعمال المنظمة العالمية للسياحة موعدا أساسيا بالنسبة إلى الفاعلين العالميين في القطاع، والذي يتوخى إعادة التأكيد على التوجهات ذات الأولوية خلال فترة ما بعد كوفيد من أجل تنمية صامدة ومستدامة للقطاع.

وترى المنظمة العالمية للسياحة مستقبلا مشرقا لأفريقيا، وتقول إنه خلال السنوات العشر القادمة من المتوقع أن يرتفع عدد الوافدين إلى القارة من حوالي 50 مليون سائح إلى 130 مليونا.

وبحسب ما تشير إليه المنظمة فإن القارّة الأفريقية لا تزال تجذب ما يقارب 4.2 في المئة فقط من السيّاح في العالم.

ويتخذ عدد متزايد من دول القارة والكتل الإقليمية خطوات لجعل السفر هناك أسهل وأكثر أمنا وأكثر تنظيما، كما تقوم شركات الطيران منخفضة الكلفة بشق طريقها، وفي هذه الأثناء تعمل على تسهيل السفر حول أفريقيا بميزانية أقل.

Thumbnail

ويبدو المغرب أحد أبرز البلدان الأفريقية التي أدركت مبكرا مدى أهمية هذا القطاع، إلى جانب مصر وتونس، كما أن جنوب أفريقيا تعد من أكثر الدول اهتماما وتركيزا على السياحة.

ويحضر المغرب بقوة في هذا الملتقى، بوفد يضم مهنيين يمثلون مختلف الفيدراليات القطاعية، وعلى الخصوص كونفيدرالية السياحة وفيدرالية الصناعة الفندقية، وفيدرالية وكالات الأسفار، بالإضافة إلى مكتب السياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية.

وسلطت عمور الضوء على جهود المغرب لتعزيز الصناعة بشكل هيكلي، من أجل امتصاص الصدمة الناجمة عن الانعكاسات السلبية للجائحة والحفاظ على الآلة الإنتاجية في حالة اشتغال من خلال وضع مخطط استعجالي بنحو 200 مليون دولار.

وأشارت إلى أن الخطة الشاملة التي تمت بلورتها لإنعاش قطاع السياحة تهدف إلى إعادة تموقع الوجهة المغربية، وتشجيع الابتكار والاستثمار، وإعادة التفكير في أساسيات القطاع.

وقالت إن الحكومة “اتخذت مجموعة من التدابير المهمة، منها إطلاق حملة ‘المغرب أرض الأنوار’، وكذلك تحسين الربط، من خلال خطة هجومية سمحت بالرفع، بشكل كبير، من طاقات شركات الطيران المهمة نحو السوق المغربية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: