رفعت الجزائر، إحدى القوى العسكرية الرئيسية في أفريقيا، ميزانيتها الدفاعية للعام 2023 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الجاري، لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار، بحسب مشروع قانون المالية الذي أقرّه مجلس النواب الثلاثاء، وذلك ضمن إستراتيجية لتغيير مصادر أسلحتها بالانفتاح على الصين ودول أخرى مثل تركيا وإيران، في ظل قلقها المتزايد من التفوق العسكري المغربي.
وبذلك تبقى موازنة وزارة الدفاع الوطني في المركز الأول في بنود الميزانية العامة للدولة، تليها موازنة وزارة المالية التي بلغت قيمة مخصّصاتها أكثر من 21 مليار دولار.
ورصدت الميزانية حوالي 3186 مليار دينار (أكثر من 22 مليار دولار) لنفقات الدفاع الوطني، بحسب مشروع القانون الذي أقرّه المجلس الشعبي الوطني.
وفي ميزانية العام الجاري، بلغت موازنة الدفاع الوطني 1300 مليار دينار (أكثر من 9 مليارات دولار).
وتأتي هذه الزيادة غير المسبوقة على الإنفاق العسكري في سياق توترات شديدة بين الجزائر والمغرب، بعد أن قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس 2021، ثم إغلاق مجالها الجوي أمام كل الطائرات العسكرية والمدنية المغربية في الثاني والعشرين من سبتمبر من نفس السنة، بسبب قضية الصحراء المغربية على وجه الخصوص.
وتدعم الجزائر جبهة بوليساريو الانفصالية التي تسعى لاستقلال الصحراء المغربية، التي يراها المغرب جزءا من إقليمه.
وأصبح تمويل هذه الميزانية ممكنا بفضل ارتفاع أسعار المحروقات التي تعتبر الجزائر مصدّرا رئيسيا لها.
والاثنين قال وفد من صندوق النقد الدولي في ختام زيارة إلى الجزائر، استمرت من السادس إلى غاية الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري، إنّ “ارتفاع أسعار المحروقات يساعد في تعزيز انتعاش الاقتصاد الجزائري في أعقاب صدمة الجائحة. لقد خفّفت عائدات المحروقات الاستثنائية الضغوط على المالية العامة والخارجية”.
وبعدما أقرّه مجلس النواب، يتعيّن على مجلس الأمة إقرار مشروع قانون المالية حتى يوقّعه الرئيس عبدالمجيد تبون وينشره في الجريدة الرسمية قانونا نافذا.
وبموجب مشروع القانون، فإنّ القيمة الإجمالية للنفقات المتوقعة بلغت أكثر من 99 مليار دولار، في حين بلغت قيمة العائدات المتوقعة 56.8 مليار دولار، أي أنّ العجز في الميزانية يزيد عن 42 مليار دولار.
وتوقّعت الحكومة أن يصل معدّل النمو الاقتصادي في العام 2023 إلى 4.1 في المئة، في حين توقّعت أن يبلغ معدّل التضخّم 5.1 في المئة.
ووضعت الميزانية على أساس سعر مرجعي للنفط يبلغ 60 دولارا للبرميل وسعر سوق يبلغ 70 دولارا للبرميل.
ويأتي قرار رفع الميزانية الدفاعية بأكثر من الضعف، وسط شعور الجزائر بالقلق بعد أن كانت مطمئنة لما تعتبره تفوقا في الطيران والقوات الأرضية، لكنها تجد نفسها الآن مكشوفة أمام سماء تحتلها المسيّرات أكثر من الطائرات المقاتلة القديمة.
ويرى متابعون للشأن الإستراتيجي في المنطقة أن الجزائر قلقة جدا من التطبيع بين المغرب وإسرائيل، لأن ذلك سيرجح كفة التفوق الإستراتيجي لصالح المغاربة، بعد دخول اتفاقيات تعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والعسكري حيز الخدمة.
ولا يستبعد هؤلاء أن يكون توجه الجزائر إلى النوع الجديد من التسليح، هو الحفاظ على التوازن، خاصة في ظل التفوق الذي تتميز به إسرائيل في مجالي الطائرات المسيّرة والاتصالات الحديثة التي اخترقت أعتى الشبكات في العالم، ولذلك يجري البحث عن جيل جديد من الطائرات الصينية ومن طراداتها الثقيلة المستعملة في الدفاع البحري.
وفي سبتمبر الماضي، كشف موقع “مينا ديفونص” أن الجزائر توصلت إلى اتفاق مع الصين لتمكينها من الحصول على طائرات من دون طيار هجومية من طراز “WJ – 700” صينية الصنع.
وتعتبر الطائرة المسيرة القتالية الصينية “WJ – 700” بمثابة منظومة استطلاع سريعة ضاربة متكاملة، بإمكانها الإقلاع والهبوط ذاتيا على عجلات.
وفي وقت سابق، أفادت تقارير بعزم الجزائر على إبرام صفقة تسليح ضخمة تقدر بنحو 12 مليار دولار، أثناء زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى موسكو خلال شهر ديسمبر المقبل، لتكون بذلك أكبر صفقة بين الطرفين في العقود الأخيرة، ومن المنتظر أن تخلف ارتدادات قوية على العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة بعد تحذيرات أميركية سابقة للجزائر من مخاطر التحالف مع الروس.
وذكر موقع “أفريكا أنتلجنس” أن الجزائر مهتمة بالحصول على المزيد من المعدات والآليات العسكرية وتجديد الترسانة التي تمتلكها، وأن الصفقة تتضمن الحصول على غواصات وطائرات وصواريخ ومنظومات دفاع جوي كـ”سو – 57″ و”سو – 34″ و”سو – 30″ و”أنتي – 4000″ و”فايكينغ”.
وسبق لوكالة سبوتنيك الروسية أن تحدثت في تقرير لها عن امتلاك الجزائر لمنظومة الدفاع الجوي أس – 400، والعديد من المعدات والتجهيزات المتطورة.
ولفت موقع “أفريكا أنتلجنس” إلى أن الصفقة الضخمة المذكورة ستضمن تزويد الجيش الجزائري بالمعدات الروسية على مدار السنوات العشر المقبلة، وأن وزارة الدفاع ستخصص أكثر من ثمانية مليارات دولار من موازنة هذا العام لتجديد ترسانة الجيش التي تجاوزت مدة عشر سنوات.