المغرب: جدل بين اليساريين والإسلاميين حول تعدّد الزوجات وتزويج القاصرات والإرث
حنان الفاتحي
عاد الجدل بين الإسلاميين واليساريين في المغرب على خلفية طرح قانون الأسرة المغربي للنقاش العام من أجل إدخال تعديلات عليه، بعد مرور 18 سنة على آخر تعديل.
وتنصبّ القضايا الخلافية بين أطراف الصراع حول تعدد النساء بالنسبة للرجل الواحد، وتزويج القاصرات، ورفع الحضانة عن الأم في حال زواجها من رجل ثان. ولكن أبرز نقاط الخلاف تتمحور حول مسألة الإرث، إذ يطالب اليساريون بمراجعة قوانين الإرث لتكون “منصفة” للنساء، بينما يتمسك الإسلاميون بالأحكام الفقهية المستندة إلى القرآن الكريم.
وكان العاهل المغربي محمد السادس قد دعا في خطاب العرش أواخر تموز/ يوليو المنصرم إلى مراجعة مدونة (قانون) الأسرة، لكنه شدد على ضرورة الالتزام بتعاليم الإسلام، وقال في هذا الصدد: “إنني لن أحلّ ما حرم الله، ولن أحرم ما أحلّ الله، لا سيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.
وطالب إدريس لشكر، الكاتب الأول (أمين عام) لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” المعارض، الحكومة بالانكباب الجدي على قضية المرأة، لإقرار مدونة للأسرة تنتصر للمساواة والإنصاف، وقال إنه “لا تنمية من دون تحول حقيقي في قانون الأسرة”.
جاء ذلك في ندوة أقامتها “منظمة النساء الاتحاديات” السبت، حيث تحدثت أيضاً عائشة لخماس، مشيرة إلى أن مدونة الأسرة حملت إشكالات وعيوباً من الناحية السياسية، وقالت “كان يجب أن يكون هناك قانون يناقش الأسرة المغربية، لا قانونا يحمل التوافق بين اتجاهات معينة، بأسلوب تلفيقي، منَع المدونة من تأدية الدور المطلوب منها”.
واعتبرت المتحدثة أن “كل التراجعات مصدرها الفصل 400 من المدونة”، الذي “أعطى في غياب نص صريح، اللجوء إلى المشهور من الفقه المالكي”. وقالت: “يوجد الفقهاء في الدماغ عندنا، مما أفرغ النص من معناه”.
في السياق نفسه، قالت فاطمة الزهراء الشاوي عن “الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء”، إن “الصراع بين الحداثيين والمحافظين قد أعطانا مدونة متناقضة، لأن محاولة التوفيق وجبر الخواطر أعطتنا هذه التناقضات التي تضاف إلى واقع العقليات”.
وأوضحت أن هذا “التوفيق” نتجت عنه “تناقضات في الولاية للأب، والقوامة، وفصول تمييزية، مثل إسقاط الحضانة عن الأم في حالة زواجها، وعدم إسقاط حضانة الأب في حالة زواجه، والوقوف دون أن تسكن المرأة بعيداً عن مقر سكن الزوج، ومنعها من استصدار جواز السفر، أو وثيقة، أو فتح حساب بنكي للأبناء دون موافقة الزوج”، بحسب ما أورد المصدر المذكور.
في المقابل، أبدى الإسلاميون اعتراضهم على ما أسموها “الاختراقات” التي قد تشمل إصلاح مدونة الأسرة. ونقل موقع حزب “العدالة والتنمية” عن الأمين العام عبد الإله بن كيران، تحذيره من الاختراقات التي قال إنها تتهدد الأسرة المغربية من قبل جهات معينة. وقال خلال افتتاح مؤتمر المنظمة النسائية التابعة للحزب الإسلامي: “يجب أن تحذروا إلى ماذا نحن فيه سائرون، كل حاجة يضعون لها اسماً ويبدلونها عن حقيقتها، ونحن لا يمكننا أن ننساق وراء دعوات تهدد الأسرة”.
وتابع مخاطباً المواطنين: “أيها المغاربة إنهم يتهددون أسركم”، واعتبر أن مواجهة “هذه الاختراقات” يجب أن يكون بالتمسك بالمرجعية الدينية. وأعلن رفضه القاطع لدعوات المساواة في الإرث بين الجنسين، معتبراً أن هذه القضية محسومة بنص القرآن، ولا يمكن الاعتماد على القوانين الأوروبية في هذا المجال.
وفي اعتقاد القيادي الإسلامي، فإن المغاربة لا يريدون المساواة في الإرث بحسب الإحصائيات، واعتبر أن المطالبين بتغيير مثل هذه الأحكام الشرعية يستجيبون “للأعداء” الموجودين وراء البحار ويضرهم أن المرأة المغربية تلقن أبناءها القيم والمبادئ والعقائد، التي بها فتح أجدادهم الأندلس وأفريقيا ووصلوا إلى الهند وباكستان، وقال: “بلادكم اليوم محتاجة إليكم للدفاع عنها، والدفاع يكون عبر الدفاع عن القيم والمبادئ”.